شفق نيوز/ دفعت حالة الركود التي تضرب السوق العراقية، وقيام الجهات الحكومية والمؤسسات التعليمية بطبع المناهج الدراسية في دول مجاورة، إلى إغلاق مطابع العراق، التي جفت أحبارها وسرّحت عامليها.
ويؤكد عاملون في مجال الطباعة أن نحو 100 مطبعة متوقفة، بينما كان يعمل بها آلاف العمال، لا سيما بعد أن توجهت التعاقدات الحكومية إلى إيران ولبنان والأردن بشكل خاص.
ويبرر المسؤولون الحكوميون اتجاه اعمال الطباعة إلى طهران وبيروت وعمان برخص أسعارها بالمقارنة مع أسعار الطباعة العراقية.
ويقول حسين علي، أحد أصحاب المطابع في العاصمة بغداد إن "مطابع العراق تعاني من أزمة حقيقية بسبب التردي الاقتصادي للبلاد" وذلك نقلا عن "العربي الجديد".
ويضيف علي "نحو 100 مطبعة توقفت ونطالب الحكومة بضرورة إصدار تعليمات للوزرات بالاعتماد على طبع الكتب والمنشورات في مطابعنا. لدينا أطنان من الأوراق تقدّر بملايين الدولارات، لغرض طبع الكتب أو أي مواد، والسبب هو اعتماد الوزارات على المطابع الخارجية ولا نعرف السبب".
ويتابع أن المطابع العراقية كانت تعمل بنظام المناوبة وتوفر فرص عمل لأكثر من 30 ألف شخص، مشيراً إلى أن الحكومة كانت قبل عام 2003 تفرض على الوزارات الاعتماد عليها في طبع كتب المدارس التي تعد العمود الفقري لاستمرار المطابع.
ويقول علي "إذا ما ظلت وزارة التربية تطبع كتبها في دول الجوار، فسنبقى في حالة الركود والتوقف"، مشيراً إلى أن المطابع تنتظر بين العام والآخر الاستعداد للموسم الدراسي، إلا أن ذلك لم يعد قائماً في العراق.
ويشير إلى أن أسعار المطابع المحلية ليست مرتفعة كما يقول القائمون على الوزارات، موضحاً "نطبع الكتاب الواحد بحدود 8 آلاف دينار (6 دولارات)، ونقوم بطبع أكثر من ألف نسخة للصحف بسعر 600 دولار، وطبعاً هذه المطبوعات تكون ملونة وليست بالأبيض والأسود ومن النوع الممتاز".
ويقول إن قطاع المطابع ظل لسنوات طويلة في الفترة الماضية شريان الحياة التربوية والثقافية في العراق، مطالباً وزارة التربية بتوجيه أعمالها إلى المطابع المحلية، للحفاظ على استمرار عملها وإعادة الحياة إليها.
وبحسب يوسف عبد الله، أحد العاملين في مطبعة السلام وسط بغداد، فإن المطابع لم تعد تعمل إلا في طباعة بعض البوسترات (الإعلانات الورقية) وتعاني من توقف عملها منذ عام تقريباً.
ويقول محمود الدليمي، عضو الغرف التجارية العراقية إن "هناك وزراء مفسدون يقومون، بالتنسيق مع مطابع خارجية لهم اتصال بها، بإرساء عقود الطبع عليهم بمئات ملايين الدولارات، وتكون لهم نسب في كل عقد، وهذا موجود في وزارة التربية".
ويضيف أنه يمكن لأي جهة رقابية التأكد من عقود المطابع بعد 2003، مشيراً إلى أن إبرام العقود الحكومية مع جهات خارجية أدى إلى تدمير قطاع المطابع العراقية، التي ترفد القطاعات العراقية الحكومية والخاصة بجميع ما تحتاجه".
ويؤكد أن عدم دعم الدولة للقطاع الخاص عن طريق توفير المواد الأولية أيضاً، أدى إلى تعطل قطاع الطباعة، وانضمام العاملين في هذا القطاع إلى صفوف البطالة التي أصبحت تضم العمالة من مختلف الصناعات في العراق.
ويعاني العراق الغني بالنفط من أزمة مالية، بسبب انتشار الفساد المالي، وكلفة الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، الذي يسيطر على مساحات واسعة شمال وغرب البلاد.
ووفق بيانات رسمية، فإن الموازنة العراقية للعام الحالي 2015، تبلغ نحو 105 مليارات دولار، مسجلة عجزاً بنحو 21 مليار دولار، فيما يقدّر خبراء العجز المتوقع بنحو 40 مليار دولار.
لكن مظهر محمد، المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي، يقول إن هناك خطة لتمويل القطاع الخاص بنحو 5 تريليونات دينار (4 مليارات دولار)، عن طريق المصارف التجارية، من شانها تطوير الاقتصاد العراقي.
ويوضح محمد أن "خلية الأزمة التي يرأسها رئيس الوزراء حيدر العبادي اتخذت قراراً بتمويل المصرف الصناعي والزراعي والإسكان والعقار بمبالغ لتنشيط القطاع الخاص"، لافتاً إلى أن "دعم سيولة المصارف التجارية المتخصصة بالمبلغ المقرر سيمكّنها من تقديم القروض إلى الصناعيين والزراعيين وتقديم القروض الإسكانية والعقارية، وبالتالي سينعكس ذلك على النشاط الاقتصادي وتوفير فرص العمل".
لكن خبراء اقتصاد يقللون من إمكانية تقديم الحكومة الدعم للقطاع الخاص، لا سيما أنها تقوم بإلغاء مشروعات حكومية بالأساس لا تجد التمويل لها في ظل معاناة البلاد اقتصادياً.
وكانت وزارة التخطيط العراقية أعلنت الأسبوع الماضي إعادة النظر في ستة آلاف مشروع، بسبب الأزمة المالية.