شفق نيوز/ على الرغم من العقوبات التي أقرها الكونغرس الأميركي والرئيس دونالد ترمب قبل أيام، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أنّ خط الأنابيب الروسي "نورد ستريم 2" سيُستكمل رغم فرض عقوبات أميركية على الشركات المرتبطة بأشغال البناء.
وقال لافروف في تصريحات نقلتها وكالات الأنباء الروسية "إنني على اقتناع بأنّ (نورد ستريم 2) و(تورك ستريم) سيستكملان، والأخير سيبدأ العمل فيه في غضون أسبوعين أو ثلاثة"، وفي حديثه عن نورد ستريم 2، اعتبر الوزير الروسي أنّ "الأوروبيين يدركون مصالحهم الاقتصادية، وكذلك أمنهم على صعيد الطاقة على المدى الطويل".
وأضاف "لقد تعرضوا لإهانة، غير أننا سمعنا تصريحات، خصوصاً من برلين، تظهر أنّ احترام الذات لدى شركائنا الأوروبيين لا يزال مصاناً". في الوقت ذاته تفيد أنباء من صحف عالمية أن الضغوط الأميركية حول خط الغاز قد ادت الى المسارعة في دراسة ايقاف المشروع الذي يوصل الغاز الى المانيا ، وافادت صحيفة التايمز انه من المفروض ان يمتد المشروع تحت بحر البلطيق لنقل 55 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا من ميناء سانت بطرس برغ الى غريفث ولد شمال شرق ألمانيا .
ويوم الجمعة الماضية، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قانوناً يفرض عقوبات على الشركات المرتبطة بعمليات بناء (نورد ستريم 2) و(تورك ستريم)، فيما نددت برلين التي تعدّ المستفيد الأول من نورد ستريم-2، بشدة بالعقوبات، وكذلك الاتحاد الأوروبي.
غير أنّ السفير الأميركي في ألمانيا ريتشارد غرينل وصف قرار بلاده بأنّه "لصالح الأوروبيين"، وقال لصحيفة "بيلد" الألمانية إنّ "دبلوماسيين أوروبيين كانوا يشكرونني طوال اليوم لاتخاذ هذا التدبير".
وشارفت أعمال نورد ستريم 2 على الانتهاء، وسيتيح مضاعفة صادرات الغاز الروسي باتجاه أوروبا الغربية، وسيمر تحت مياه بحر البلطيق قبل وصوله إلى ألمانيا.
وفي أول مؤشر إلى بدء تأثير العقوبات، علقت شركة "أولسيز" السويسرية نشاطاتها في نورد ستريم 2 بانتظار "توضيحات".
على جانب آخر، من المرتقب تدشين مشروع تورك ستريم الذي يمر بالبحر الأسود في يناير (كانون الثاني) المقبل، بحضور الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، ويشتمل تورك ستريم على أنبوبين، ينتهي الأول في تركيا، فيما يواصل الثاني مساره نحو جنوب أوروبا وجنوب شرقها.
الكونغرس يتجاهل الموقف الأوروبي ويقر عقوبات جديدة
وقبل أيام، أقر الكونغرس الأميركي قانونا يتضمن عقوبات على خط أنابيب الغاز الروسي إلى أوروبا "نورد ستريم 2" بأغلبية ساحقة، ويأتي ذلك رغم تنديد الاتحاد الأوروبي وبرلين بالعقوبات واعتبارها تدخلا أميركياً في سياسة الطاقة الأوروبية، حيث أيّد الكونغرس فرض عقوبات على أنبوب الغاز الروسي "تيار الشمال2" أو "نورد ستريم 2" الذي ترى واشنطن أنه يعزّز نفوذ موسكو في أوروبا، وأيّد مجلس الشيوخ النص بغالبية كبيرة (86 مقابل ثمانية)، بعدما أقره مجلس النواب الأسبوع الماضي.
ووقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب قانوناً تضمن تشريعاً يفرض عقوبات على الشركات التي تشارك في عمليات مد خط الأنابيب الروسي "نورد ستريم 2" الذي يهدف إلى مضاعفة الطاقة الاستيعابية لنقل الغاز مع "نورد ستريم 1" الشمالي عبر ألمانيا، وسيمكن "نورد ستريم 2" الذي سيمر في قاع بحر البلطيق روسيا من تخطي أوكرانيا وبولندا لتوصيل الغاز.
وتسري هذه العقوبات على الشركات والأفراد المتعاملين مع خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" الذي سينقل الغاز الطبيعي الروسي إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق، في إطار محاولة للحد من النفوذ الروسي على سوق الغاز الطبيعي في أوروبا، وفي إطار هذا المشروع، سيُجرى نقل الغاز اعتباراً من العام المقبل مباشرة من روسيا إلى ألمانيا من دون العبور ببولندا وأوكرانيا.
وتهدف العقوبات إلى تعطيل الانتهاء من الأشغال في هذا المشروع الذي أنجز نحو 80% منه على أن يبدأ تشغيله نهاية هذا العام، وسيتيح مضاعفة شحنات الغاز الطبيعي الروسي إلى ألمانيا، لكن الاتحاد الأوروبي وألمانيا نددا بهذه العقوبات التي تستهدف شركات قانونية وتشكل تدخلاً أميركياً في سياسة الطاقة الأوروبية.
ألمانيا ترفض العقوبات الأميركية
وكان وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، أعرب الأسبوع الماضي عن أمله في الحيلولة دون فرض عقوبات أميركية، وطالب مجلس الشيوخ بعدم الاستجابة لذلك، معتبراً قرار مجلس النواب الأميركي "غير مقبول، لأن هذا في النهاية يؤثر على قرارات مستقلة جرى اتخاذها في أوروبا"، وأضاف في تغريده على موقع "تويتر" "نرفض التدخل الخارجي والعقوبات خارج الحدود من حيث المبدأ".
كما أعلن المفوض الأوروبي المكلف بالتجارة فيل هوغان، أن بروكسل "تعارض فرض عقوبات على أي شركات أوروبية تعقد صفقات تجارية شرعية"، وأضاف أن "هدف المفوضية الأوروبية كان دائما التحقق من أن أنبوب نورد ستريم يعمل بشفافية ومن دون تمييز".
وترى واشنطن وحليفتاها أوكرانيا وبولندا أن أنبوب الغاز سيزيد من ارتهان الأوروبيين للغاز الروسي وتالياً تعزيز نفوذ موسكو، واعتبر عضو مجلس الشيوخ الجمهوري جيم ريش أن نورد ستريم 2 "هو تهديد لأمن الطاقة في أوروبا واستفزاز تمارسه الحكومة الروسية".
ويمثل المشروع استثماراً بعشرة مليارات يورو، تموِّل مجموعة "غازبروم" الروسية نصفها، والنصف الآخر تموله خمس شركات أوروبية.
خطان لخدمة تركيا والاتحاد الأوروبي
بدأ العمل في المشروع في مايو (أيار) 2017، عقب المصالحة بين تركيا وروسيا، واكتملت المرحلة الأولى من خط الغاز الذي يمتد بين روسيا وتركيا عبر البحر الأسود، إلا أن خط الأنبوب بين تركيا وأوروبا لم يكتمل بعد.
ومن المرتقب أن ينقل مشروع السيل التركي 31.5 مليار متر مربع من الغاز الطبيعي سنوياً، وجرى الانتهاء من الجزء البحري من المشروع من خلال مد أنبوبين متوازيين بطول 930 كيلومتراً وبعمق أكثر من كيلومترين تحت مياه البحر الأسود، خلال العام الماضي، وأعلن الكرملين أن الرئيس الروسي يعتزم السفر إلى تركيا في 8 يناير (كانون الثاني) المقبل لافتتاح خط الأنابيب.
ويتكوّن مشروع ترك ستريم من خطين، الأول سيخدم تركيا بسعة 15.75 مليار متر مكعب، في حين أن الثاني مخطط لخدمة أوروبا.
وفي مايو من العام الماضي، قالت شركة الغاز الحكومية الروسية العملاقة "جازبروم"، إنها وقعت بروتوكولاً مع الحكومة التركية بشأن خط مزمع لأنابيب الغاز وإنها اتفقت مع شركة بوتاس التركية لإنهاء نزاع تحكيمي بشأن شروط إمدادات الغاز.
ويتعلق البروتوكول بالجزء الأرضي من خط أنابيب الغاز "ترك-ستريم"، الذي قالت "جازبروم" إنه يعني إمكانية البدء في التنفيذ فوراً.
وأجلت تركيا إصدار تصريح للشركة الروسية للبدء في مد الجزء الأرضي من الأنابيب التي ستقلل في حال اكتمالها اعتماد موسكو على أوكرانيا كنقطة عبور لإمدادات الغاز إلى أوروبا.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال إن تركيا وروسيا توصلتا إلى اتفاق يسري بأثر رجعي وينص على خصم نسبته 10.25% على سعر الغاز الطبيعي الذي تشتريه أنقرة من موسكو.