علي حسين فيلي/ بعيدا عن الابعاد التاريخية والمكتسبات القومية، من الممكن اجراء قراءة اخرى لاوضاع الكورد الفيليين وباقي مكونات الشعب الكوردي الذين يعيشون خارج مناطق الاقليم الكوردستاني. فقد جاء الوقت الذي يجب ان نطرح فيه المزيد من الاسئلة على انفسنا وان نبحث لها عن اجوبة، تلك الاسئلة التي بامكانها فسح المجال للتفاهم والتقارب والسلم، وعكس ذلك فان الذرائع والاسباب كثيرة للتقاطع.
ومن اجل الحديث عن تلك الابعاد استعيد بعض الملاحظات القيمة التي نوه عنها والدي المرحوم (حسين فيلي*). رغم انني مع الرأي الذي يقول ان الكتاب الجدير بالقراءة يجب قراءته كرتين، فمن المؤكد ان فهم مقدمة الكتاب بشكل جيد يساعدنا على الاحاطة بخاتمته، وانطلاقا من هذه الزاوية فان اية معلومة وحديث ومطلب صحيح لاي شعب رأى وسمع كل هذا الكم الهائل من الحقائق المرة والاكاذيب المعسولة، يساعده في تقييماته.
اذكر ان المرحوم، عدا عن المكتسبات القومية والتاريخية التي اثمرت عنها ثورة ايلول؛ كان يعتبر حكمة التسامح التي كان يتحلى بها الملا مصطفى بارزاني هو المعيار، فبعد صدور بيان 11 آذار اصدر بارزاني عفوا عن خصومه السياسيين وخصوم ثورة ايلول ملتمسا لهم حجة انهم من ابناء هذا الشعب. وهكذا وسيرا على المعيار والنهج ذاته وحين ذكر اسمه وتقييمه كان يقول لنا ان بارزاني علمنا انه ليس مهما اين ولد كورد عهد نضال الجبل والثورة او اين عاشوا، بل المهم كيف تصرفوا في المكان الذي كانوا يتواجدون فيه وكيف ادوا مهامهم! كان دائما يطمئنني بان الكورد الفيليين لم ولن يكونوا احسن من الناس الاخرين، عدا انهم في معظم الاوقات كانوا ينفذون مهمامهم والاوامر الموكلة اليهم مهما كانت بشكل افضل واخلص مما كان ينتظره منهم المقابل.
وكان المرحوم والدي يقول بشأن المرحلة التي تلتها ثورة ايلول ان الكورد بصورة عامة والفيليين بصورة خاصة ولحين عودة بارزاني كانوا يمارسون النضال القومي الكوردي (الكوردايتي) وليس النضال الحزبي!! فنحن عرفنا بارزاني زعيما قوميا وليس زعيما حزبيا !! فبكونه رئيسا قوميا فان نهج الحزب كان ايضا كورديا كذلك.
وكان المرحوم يكرر قول انه مادام بارزاني يصور لنا ان الجبال فقط هي اصدقاء شعبنا، فهذا يعني اننا لا نملك اي جبل ليس به منحدر وليس هناك اية ثورة لا تشهد الكوارث والاخفاقات والنهوض مرة اخرى. الا ان الغدر يكمن في انه لحد الان لم نفهم فلسفة كلمات واقوال بارزاني وهي تشكل حجر الاساس لثورة شعبنا وهي لم تهتز وتنحدر ابدا في الاوقات الصعبة!! بلا شك فان بارزاني كان يشبه مكونات شعبنا ومنهم الفيليون وامثالهم بالاحجار الصغيرة التي كانت تمنع سقوط وانحدار الاحجار الاساسية للثورة.
واليوم اذ نستذكر الاحداث المهمة في شهر آذار ومرور نحو نصف قرن على صدور بيان 11 آذار، فلا نقول بان آذار يؤلمنا لانه امتزج بالعديد من الذكريات المرة والحلوة، لكن هناك العديد من الحقائق التي تأخر اوان كشفها كثيرا، وهي حقائق جديدة بالنسبة للشارع الكوردي والاجيال الجديدة وهي بامكانها ان تجعل الماضي ينطق بما فيه.
اذكر جيدا ان المرحوم كان يقول بوضوح، نحن كنا نفكر فقط في القيام بواجباتنا القومية لا في المراكز والمناصب، في البداية كانت المساعي تصب في توسيع الثورة افقيا، من دون التفكير في الارتقاء العمودي للاشخاص، بمعنى ان الهدف كان نضالا افقيا وجماهيريا، ولكن هناك حقيقة انه بعد ان كبرت الثورة وتوسعت مكانتها الجماهيرية وامتد نضالها طويلا، اضطر الحزب الديمقراطي الى الارتقاء عموديا ايضا، والفيليون كباقي مكونات امتنا تبوأوا مواقع رفيعة ومهمة ولكن ليس على حساب اي شخص او جهة، بل على اساس الالتزام القومي والاخلاص والجهود المبذولة، والاهم من ذلك كله الحصول على ثقة بارزاني الخالد، الى الحد الذي قام فيه بترشيح حبيب محمد كريم الفيلي عن الكورد لمنصب نائب رئيس الجمهورية العراقي!!
*حسين فيلي.. من المناضلين في ثورة ايلول وكولان في الحركة التحررية الكوردية