علي حسين فيلي/ كما جرت العادة، تقام في شهر نيسان من كل عام، مراسيم ذكرى شهداء الكورد الفيليين. وهذا ما يعني ذكرى القرار المشؤوم بالإبادة الجماعية (الجينوسايد) وليس ذكرى الميلاد. وبعد عشرات السنين من تلك الكارثة، يتوجب علينا ان نولد من جديد، ومن المستحسن ان نفكر في ذلك اليوم.
كل الذين يتعرضون للهجوم والانقضاض عليهم – مثل الكورد الفيليين – يفكرون في مصدر التهديدات واسبابها. ومن هذا المنظار، وفي تغطية اولية، في حينها ومن اجل تصنيف قضية الفيليين داخل الحكم والنسيج المجتمعي العراقي كنموذج تم الاخذ بعين الاعتبار عددا من القطاعات المختلفة، توصلنا الى هذه النتائج: مشكلة الهوية الوطنية 100% ، المشكلة القومية والمذهبية 70%، مشكلات سياسية 55%، المشكلة الاقتصادية 50%، مشكلة ثقافية واجتماعية 20%. (من المؤكد ان فروع واغصان هذه القطاعات متشابكة مع بعضها وقسم منها تشكل مشكلة مشتركة لباقي المواطنين).
في هذا البلد، بسبب وقوع الناس دوما تحت التأثيرات المباشرة والصراعات والمشكلات في الجوانب القومية والمذهبية والسياسية ، وعاد عليهم موقعهم الجغرافي الذي يعيشون فيه بالضرر. وفي الحرب بين الكورد والحكومة، وبين الشيعة والسنة ، وبين العلمانيين واليبراليين مع القوميين والانقلابيين، كان الفيليون دوما حطب محرقة تلك الحروب.
في هذا البلد، الحديث عن المشكلات التي اشرنا اليها متأخر لقرن من الزمان، حيث ان عدم ايمان القادة بحق الناس سار بالسياسة الى عمق الهاوية. ولم تستطع القوانين التي تدافع عن الكورد الفيليين ان تكون مانعا من انهيار نفسية هؤلاء الناس المسروق ماضييهم والذين لا يظنون ان لهم اي حظ في المستقبل ايضا.
ومن هذا المنطلق يتوضح ان جدار الخوف من صدام قد سقط، ولكن جدار التفرقة مازال موجودا. ومن وجهة نظر اي انسان مشرد ، في افاق هذا البلد، وما عدا تغيير وجوه المشكلات المعمرة، ليس من المقرر ان يتم انهاء المعاناة في وقت قريب، لان ما يشغل بال الناس بشكل رئيس في منطقة محاصرة بالحرب هو كيفية البقاء احياء فيها.
الفيليون من جانبهم ومن اجل تحصيل احتياجاتهم البدائية في بلاد لا سلم فيه من المؤكد ان يكون الامن والامان. ومن الحقيق على جميع العراقيين ومن اجل الا تنتهي الحلول بكوارث اكبر، ان يبادروا لنجدة هذه الشريحة ومثلما تم تحديد يوم ذكرى ابادتهم الجماعية الحزينة والمغلوبة على امرها، ان يحددوا يوما لإعادة ولادة هذه الشريحة ليتصالح مع حياة اعتيادية.