شيماء كريم/ في اغلب الأحيان هناك احصائيات حول الأثرياء، والمهاجرين، والأمرض، وغيرها..الخ، ولكن لا احد يذكر محبي السلام والعدالة والإنسانية في مثل تلك الاحصائيات لذا فمعظم اوقاتنا هي مليئة بالحروب واسالة الدماء، واهانة كرامة البشر، وما يؤسف له ان الجيل الحالي لا يستوعب حجم ما يحاط بنا من تلك المخاطر.
ومن المفترض على العراقيين ان يتعرفوا على المدّ والجرز الذي تعرض له الكورد الفيليون في مراحل الحياة التي مروا بها لكي يتفهموا ويستوعبوا وضع هذه الشريحة، وهو الحل الوحيد للقضاء على التنافر بين المواطنين مع إشاعة مفهوم التسامح والمحبة، ولا يوجد منّا من لا يتمتع بالفرصة لأخذ دوره في هذا المجال.
ولنرجع الى الماضي قليلاً فالبعثيون في بداية مشوارهم استخدموا ماكنة قمعية وفكراً شوفينياً جهنميا ضد شعب آنذاك كان يمتلك التعايش السلمي واراضاً معمرة بها، واما اليوم فإن الأرض مدمرة، والنّاس مبتلون بفايروس الكراهية والبغضاء، والحل الوحيد لنا يتمثل بإيجاد ارض جديدة في هذه البيئة، ونعتقد اننا يجب ان نكون أوفياء لتلك الارض، واذا لم نستفد من هذه الفرصة المتاحة – وهو ما يتمناه الاخرون لنا – فلن ننجو من الدوامة التي نعيشها.
نحن الفيليين حزن الماضي الذي امتزج مع خوف المستقبل سرق فرحة اليوم منّا، والخسائر التي منينا بها في وقت الانتصار والنجاح كانت ألمها اشد، كون النيران التي استعرت في اجسادنا ونالت من اروحنا، نحن من اوقدها لنكون حطبا لها، وليس هناك مظلوم أكثر من الذي يقرأ المدعي العام لائحة شكوها وهو مجبر على عدم حضور جلسة المرافعة.
ونحن دائما ما نهتم بما يحدده الاخرون لنا من سيناريوهات وقرارات ورؤى، ونبحث عنهم في كل الازمان لدرجة تجاهلنا باننا المعنيون بأمورنا، والمسؤولون عن مستقبلنا، واكثر ما يؤسف خطر موت قضيتنا وهي في ريعان الشباب، ومع ذلك فأننا لا نريد فقد الإحساس والشعور ليخلو وجداننا ونصبح قساة غير مبالين، ولكن ما نرنوا اليه هو ان نعيد الامل الى الطرق السالكة نحو قضيتنا.
وهنا اود الإشارة الى ان ميادين الحروب يمكن ان تتحول الى حدائق للسلام اذا ما رضي كل طرف باستحقاقه بشرط ألاّ ينسوا سكوت جبهات القتال التي ابتلعت صرخات واستغاثات الألوف من ضحاياها.
وقد تعلمنا في الماضي ان مهام السياسة لم تأتِ من الفرص نفسها، بل من الاستفادة من تلك الفرص، ونحن وأولئك الحاملون لرآية الفيليين ومنذ زمن بعيد لم يعد هناك حاجة لاحصاء رفقاء دروبنا، ومهما حاولنا فلن نستطيع ان ننقذ الماضي، اما في وقتنا الحالي وما يضم لنا المستقبل قد يكون له رواة اخرون يسردون ما يشاهدوه او يتكلمون عن استراتيجية السكوت التي تسلحنا بها.