علي حسين فيلي/ لقد اخذ مقالنا الاخير "شفق على حافة النهاية"، مساحة واسعة من حيث الاهتمام، وأجد من الضرورة الحديث حول ما اثير من قضايا حوله.
فالمقال من حيث التأثير الملموس الفعلي من ناحية القضية التي تناولها كان عقيماً حيث لم تتعدى ردود الافعال جانب التعاطف والمواساة من شرائح عديدة خلت من ذوي الامكانية والتاثير، ونحن كنا نتوقع ذلك لانها ليست المرة الاولى وليست الاخيرة، ولاننا شريحة لاتمتلك ذلك الثقل السياسي والاعلامي والاجتماعي والاقتصادي، وليست لدينا الامكانيات المتوفرة لدى بعض المكونات، ولكن يجب ان نقول نحن اليوم لدينا مجموعة كوادر اوفياء وهم معروفون بانهم وبأقل الامكانات قادرون على خلق انجازات كبيرة، وهذه المؤسسة معروفة بهذا الامر حيث تتحدى الآخرين ليس فقط بالامكانات بل بتقديم المزيد وتحقيق النتائج برغم الصعاب وهذه ضرورة ملحة حتى يرى ويسمع الاخرون قضيتنا، وكان هذا امراً واضحاً خلال عقد من العمل.
اما اليوم ومع قرابة عامين من ازمة شح الدعم المادي هناك قراءات اخرى تنسجم مع ما احتوت عليه العديد من التعليقات. لذا قد يكون هناك سوء فهم حول ضرورة استمرار البقاء او عدمه، في ظل مقارنة هذه المؤسسة مع الآخرين، لان هناك من يتساءل عن ماهية انجازات شفق لكي نبرر ضرورة وجودها او الدفاع عنها او دعمها؟
ليس انصافاً مقارنة الامكانات الشيعية او السنية مع الامكانات الفيلية، في اغلب الاحيان اولئك الذين يروجون لتوجه مذهبي او سياسي او قومي او عرقي هؤلاء لديهم دعم كبير يتضح من خلال امتلاكهم هذا الكم الهائل من الفضائيات ووسائل الاعلام الاخرى وبكل هذه الامكانيات وايضا لديهم خبرة وعلاقات سياسية اوسع تخلق لهم فرصاً واجواء تساعدهم على الاستمرار والتوسع في الاعمال. وهذا كله يحتاج الى وقت وبرنامج ومتابعة وذلك ما نفتقر اليه نحن الفيليين بسبب خصوصيات قضيتنا والمعوقات والحواجز الموجودة وطريقة تفكيرنا واسلوب التعامل فيما بيننا في اجواء غير متلائمة، وكمثال على ذلك عندما اصبحت عضوا في برلمان كوردستان تصورت انه في مجال السياسة ستكون هناك امكانية اضافية ومؤثرة لدعم قضيتنا، ولكنني فوجئت بالنظرة الضيقة لدى بعض الفيليين بعدم هضم هذا الحدث وايضا فوجئت بالتوجهات ومنهاج العمل في برلمان كوردستان، اذ لم تكن هناك اي فسحة ومجال او برنامج بالنسبة لشرائح المجتمع الكوردي والاقليات الاخرى التي لديها خصوصيات ومعاناة مختلفة وحتى في ظل ظهور المعارضة التي كانت ترفض وتشكك بكل ما يطرح مع العلم انني كنت مرشح لتوجه سياسي كان يفكر عن طريق اعطاء هذا المقعد للفيليين ان بأمكانه مصالحتهم لتصوره بانهم مدينين للفيليين بسبب مشاركة الفيليين وتضحياتهم في الحركة التحررية الكوردية بقيادة البارزاني الخالد.
ورغم كل هذا كان المبرر الدائم في برلمان كوردستان حول قضية الفيليين بعيداً عن المجاملات القومية هو أن قضيتكم خارج الاقليم، أي "خارج التغطية!". والحال ليس افضل مع النواب الفيليين في مجلس النواب العراقي حيث في الوقت الذهبي عندما كان لدينا تسع نواب معترفاً بفيليتهم لم يتمكنوا من تشكيل لوبي ولاسباب عديدة اضافة لعديد من الوزراء ووكلاء الوزارات والمسؤولين الفيليين في تلك المرحلة. والان لا نائب لدينا ولا وزير واحيانا هناك من نقول عنه انه فيلي لكنه لايعترف بذلك.
كل انسان يواجه في حياته مجموعة من الخيارات المصيرية ولابد ان يحدد اهمية هذه الخيارات والقرارات المناسبة لها وتأثيرها على حياته ومستقبله. الاختيار في القضايا الثانوية البسيطة لايترك ذلك التأثير في حياة ومستقبل الشخص ولكن اتخاذ قرارات مهمة يأثر مباشرة على المستقبل والاختيار الغير دقيق قد يترك عواقباً لاتعوض، ونحن الفيليين علينا الاعتراف ان قراراتنا في اغلب الاحيان كانت خاطئة وعملنا ليس بالمستوى المطلوب، وبرأيي احد اهم الاسباب هو عدم الايمان بالقضية من جانب البعض بالشكل الذي تتطلبه اهميتها، فالوصول الى قبة البرلمان او مجلس الوزراء او اي منصب اخر يعد بداية مشوار العمل ولكنه بالنسبة لبعض الفيليين يعد المحطة الاخيرة والغاية المنشودة ولايهم شيء يذكر باسم الفيليين، والدليل على ذلك ماذا يفعل هؤلاء الآن؟ وحتى لو كان لديهم نشاط فلما هم غائبون عن الساحة ولماذا لايبرزون إلا في اوقات المناسبات؟!
التعامل مع الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية بشكل واقعي له دور مؤثر في نجاح او فشل اي مشروع، في الماضي كانت اهم امنيات اي شاب هي الدخول الى الجامعة اما اليوم مجرد الدخول الى الجامعة لايضمن المستقبل لان نسبة البطالة بين الخريجين تدل على ذلك. والمشاركة في اي عملية سياسية او انطلاق اي مشروع مساندة او دعم لقضيتنا بدون دراسة واستفادة التجارب السابقة والقراءة الصحيحة للواقع لاينجح، ونحن الفيليين قبل ان نبدأ بمشروع اقوالاً واعمالاً لابد نصل الى قناعة وايمان بالقضية التي نعمل عليها.
ولادة شفق صادفت مع بداية الوضع الجديد في العراق وفي ذلك الوقت لم يكن عالم الانترنت الافتراضي ضرورة كوسيلة تواصل مع الجميع وفي ذلك الوقت كانت مآسي الماضي حاضرة امامنا وكان لدينا مشاكل فنية وانتاجية وضعف في الكوادر التي تتقن لهجتنا بسبب خصوصيتنا وبسبب كل هذه العراقيل كانت مشاكلنا اضعاف مشاكل الاخرين في هذا المجال وبرغم هذا فالطعم الحلو لتأسيس اول راديو واول موقع واول مجلة باللهجة الكوردية الفيلية كان يدل على ايمان واستقامة وقابلية للسير في مسير لايجوز ان نقول انه كان خاليا من الاخطاء.
يتبع..