علي حسين فيلي /الطائرة الورقية تعلم ان مصيرها متعلق بالخيط الخفيف الذي يربطها ورغم ذلك فإنها تبقى راقصةً وضاحكةً في كبد السماء لذا فإن احسن نوع من العلاقات ليس الذي يجمع الناس من اولئك الذين يخلون من العيوب والنقص بل الافضل من ذلك هو من يتمكن من ان يخلق اجواءً متلائمةً بين عيوبه وعيوب الاخرين الذين يرتبط بهم، ونحن الفيليين وبعد انهيار عصر البعث وبسبب الخلافات الفكرية غير الناضجة والتوجهات السياسية المتشتة والمتشددة في الوقت نفسه ايضاً وبسبب حطام الخصوم بين السلائق الفكرية والرؤيوية نتخوف من الانصهار لنكون في اطار موحد يجمعنا كلنا باسم الشريحة، وهذه الظاهرة هي صورة مكررة للحوادث المرة والتجارب غير الموفقة التي انتجت الخشونة في تعاملنا بالكلام والكتابة، وهذه هي الحصيلة الفكرية لجيلنا، وهو يقدمها ويصدرها لشبابنا.
وهنا لابد من ايضاح بعض الامور:
اولاً: نحن عائلة "شفق" اكبر الخاسرين وكان لتباعدنا وتفككنا نتيجة الظروف القاهرة التي فرضت علينا، ونحن قلقون ايضا من انه في اي زمان سوف تتكرر مثل تجربتنا والتي تعدّ من الضروريات ومن امس الحاجات التي يجب ان تتوفر لنا بالمستقبل.
ثانياً: كنّا نقول دائما ان العناد والتمرد وعدم رضى بعض الكورد الفيليين بجميع تلك الادوار والتي كنّا جزءاً منها، وبزعم وجود كم كافي من العقلاء وعدم منافاة التجدد والحداثة بيننا وعدم تعارضها مع الالتزام القومي والمذهبي افلا توجد هناك فرصة نغتنمها لنخبنا لكي يقوم بما عليهم بهدوء وسكنية ولكي يتمكنوا من الجلوس على طاولة تجمعهم للوصول الى رؤية صحيحة لفك الحصار والمضايقات المفروضة علينا بشكل مخفي او معلن.
ثالثاً: التفاهم والتوافق حول سلائقنا برفض وانكار بعضنا البعض لا يمكن تحققه، ومراكزنا الثقافية والاجتماعية وحتى السياسية من المفترض ان يحاولوا للوصول الى صيغة تفاهم للبحث والحوار، وتقييم قابلياتهم، لاستقراء الاصول الصحيحة للتجدد والحداثة وانتقال التجارب الايجابية النادرة، فهذه ليس لدينا الوقت الكثير لها، ولو نتابع السنوات التي مرّت علينا نرى في جميع الازمنة والاوقات من الناحية النظرية اننا منسجمون، ولكن في العمل والتجربة متنازعون على ابسط الامور في بيئة قاسية وصلبة مثل بيئة العراق.
رابعاً: بعد زوال البعث كانت هناك فرصة ذهبية لكي نستعرض امكاناتنا، ولم نستفد من ما وهبه لنا الزمن لأن وبعد مرور أكثر من عقد فإن ميراث الكراهية في عصر التحزب لازال يقبع في صدورنا.
خامساً: لا بد ان نصل الى قراءات جديدة حول مفهوم الانتماء القومي والالتزام المذهبي لان هذين ليسا ضدين لكي يتعارضا وذلك لانه مجرد الاصول الاخلاقية كفيلة لجمع شتاتنا بقوالب جديدة تتوأم والعالم الجديد.
سادساً: أكثر من عقد والمجتمع الفيلي يؤمن بالوضع الجديد للعراق بحسب التقسيمات القومية والطائفية ويحاول ان يتناسق معه ولكنّ النزاع والذي هو بلا نتيجة بين انصار الفكر القومي والمذهبي فانه مع الاسف يكون اعلى صوتاً من اية محاولة للتواصل والتقارب فيما بيننا.
سابعاً: ليس من المعيب أن نطلب بألسننا وندعو الى توفير دعم سواء كان مادياً ام معنوياً في مشروع يخص شريحتنا وتحديداً من ابنائها المعنيين بالقضية فلن يكون هبة او استعطافاً منهم بل هو أمر اعتيادي، ولنا فيه تجربة مسبقة وخاصة في الايام التي كنّا فيها خزائن لا تنضب للحركات التحررية والوطنية.
واخيراً ووفق ما نرى فان الاحزاب واصحاب القرار السياسي في الجانبين القومي والطائفي هم في الظاهر محط للاختلاف والخصومة وبين الحين والاخر يصلون الى اتفاقات شكلية ومصلحية لذا ومن الطبيعي فان اولئك المظلومين من شريحتنا اصبحوا توابع لما يمليه عليهم التوجهان المذكوران، وهم في مدّ وجزر لظروف العلاقات وما تتجه به البوصلة بينهما من تقارب او تباعد، ونحن نعتقد ان شريحتنا وبكل جرأة وبلا خجل لا بد من ان تصل لمرحلة تمكنها من ايجاد صيغة تبعد التضارب والتصارع بين هاتين الخصوصيتين بشكل يختار الالتزام القومي بدل القومجية وحب المذهب بدل الطائفية.
ولا ننسى ان الفرق بيننا نحن كعبيد والرب اننا نمحوا جميع الاحسان من ذاكرتنا بمجرد ابسط الاخطاء، ولكن الخالق يغفر جميع السيئات بأقل حسنة تقدم