شفق نيوز/ وجد بركات البالغ من العمر 61 عاما عملا أخيرا ولأول مرة منذ اجتاح مقاتلو تنظيم داعش بعشيقة قبل عامين وأرغموه على الفرار إذ أنه سيعود يوم الأحد للمساعدة في رفع ركام الدمار الذي حاق بمدينته.
فقد تجمع بركات وآخرون يعيشون في المنفى في المدينة يوم الأربعاء بعد ما يزيد قليلا على أسبوع من تحريرها من المتشددين على أيدي قوات البيشمركة الكوردية.
وتبادل الجيران السابقون والأصدقاء القدامى من اليزيديين والمسيحيين والمسلمين العناق والقبلات والتحية. غير أن أمامهم فترة طويلة قبل أن يتمكنوا من العودة للعيش في المدينة.
فقد سوى القصف بيوتا بالأرض وتعرضت متاجر للتدمير والحرق والنهب وعلى امتداد الطريق الرئيسي في المدينة تنتشر على الأرض بقع سوداء من آثار انفجار قذائف المورتر.
فر سكان بعشيقة في اتجاهات مختلفة عندما سيطر المسلحون عليها عام 2014 بعد اجتياح مساحات كبيرة من الأراضي العراقية قادمين من سوريا.
قال بركات اليزيدي مثل معظم سكان المدينة "رحلنا على الفور".
ورغم أن مقاتلي التنظيم قتلوا مسلمين وغير المسلمين دون تفرقة فقد اختصوا الأقلية الايزيدية التي تجمع معتقداتها بين عناصر مختلفة من عدة أديان بمعاملة وحشية.
وتعرض الآلاف من أبناء هذه الطائفة للقتل والأسر والاسترقاق على أيدي التنظيم فيما وصفته الأمم المتحدة بحملة إبادة جماعية.
وقال بركات إن بعض السكان المسلمين بقوا في المدينة لفترة لكن المسيحيين والايزيديين كانوا يعلمون المصير الذي ينتظرهم إذا لم يخرجوا منها على الفور.
واستأجر ميسورو الحال منهم بيوتا في مدن أخرى أما من لم يتيسر لهم ذلك فاتجهوا إلى المخيمات.
ومازال بركات وأسرته يعيشون في مدينة دهوك الشمالية. وتتوقع الأسرة أن يطول منفاها لأن معظم مدينة بعشيقة أصابه الدمار ولم يعد بها خدمات أو إمدادات.
وقال بركات في أول مرة يعود فيها للمدينة "يمكننا البدء في تطهير هذه الفوضى لكن ما الفائدة من العودة للإقامة إلى أن تتاح الكهرباء والمياه والأهم من ذلك كله الأمن التام".
وامتنع بركات عن ذكر اسمه بالكامل فيما يشير إلى استمرار شعوره بالقلق.
* "لم نعد نخاف منهم"
وقد بدأ الشهر الماضي هجوم تدعمه الولايات المتحدة لإخراج التنظيم من الموصل آخر معاقله الرئيسية في العراق واستطاعت القوات المهاجمة السيطرة على العديد من المدن والقرى حول الموصل.
ويشارك في تلك العملية حوالي 100 ألف مقاتل من القوات الحكومية وقوات الأمن الكوردية ورجال الفصائل المسلحة الشيعية.
وهذا الشهر عاد الشرطي الايزيدي المحلي راغد راشد وقاتل مع قوات البيشمركة لاسترداد المدينة الواقعة على بعد سبعة أميال إلى الشمال الشرقي من الموصل.
وقال راشد "كان القتال لاسترداد بعشيقة صعبا. داعش استخدم المفجرين الانتحاريين والأنفاق والقناصة. وعندما وصلنا هنا كان نصف المدينة مدمرا بما في ذلك بيتي".
وأضاف أن مزارات الايزيديين تعرضت للتدنيس.
وكتب مسلحو داعش كلمتي "مسلم سني" على الأبواب المعدنية لعدد من المحلات والمتاجر لتمييز أصحابها من السكان المحليين عن أتباع الأديان الأخرى أو عن متاجر من يعتبرونهم كفارا.
وحضر راشد وبركات وغيرهم من الرجال للاستماع إلى كلمة من مسعود بارزاني رئيس حكومة إقليم كوردستان العراق.
ورغم أن المنطقة تتبع اسميا بغداد فهي تخضع لسيطرة الحكومة الكوردية كما ألقى بارزاني كلمته باللغة الكوردية.
ألقى بارزاني كلمته من على منصة رفرفت حولها الأعلام واللافتات الكوردية تنادي بالتعايش بين الأديان والأعراق وقال إن البيشمركة لن ينسحبوا من المناطق التي انتزعوا السيطرة عليها من داعش وتعهد بحماية الأقليات التي تعيش في المناطق الخاضعة لسيطرة الكورد.
وقد اتهمت إحدى منظمات حقوق الإنسان القوات الكوردية في الآونة الأخيرة بتدمير بيوت العرب دون سند قانوني في المناطق التي استولوا عليها من التنظيم بين عامي 2014 و2016.
ونفت حكومة كوردستان هذا الاتهام.
ولم يكن من الممكن الابتعاد عن الطريق الرئيسي لزيارة البيوت المهجورة لأنه لم يتم تطهير المنطقة بالكامل من العبوات الناسفة والشراك الخداعية.
وأثناء كلمة بارزاني تردد دوي انفجارين قويين من بعيد ويبدو أنهما من القتال المستمر داخل الموصل.
وقال راشد وهو يرتدي الزي العسكري "داعش رحل. لكن حتى إذا عادوا فلن أتحرك من مكاني. وسأقاتل حتى الموت إذا اقتضى الأمر".
وأضاف "نحن نعرف أساليبهم الآن ولم نعد نخاف منهم".
رويترز