شفق نيوز/ تقترب الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كوردستان من طي صفحة خلافاتهما بشأن ملف النفط والتي تعد من الملفات العالقة منذ سنوات طويلة، بل يتجه الطرفان لإبرام اتفاق جديدة لاستثمار الغاز في حقول بالإقليم.
وبدأت أولى خطوات التقارب أواخر العام الماضي عندما توصل الجانبان لاتفاق بشأن موازنة العراق المالية لعام 2020 وتضمنت تسليم إقليم كوردستان 250 ألف برميل يومياً من النفط الخام للحكومة الاتحادية مقابل ضمان رواتب الموظفين والبيشمركة وحصة الإقليم المتمثلة بنحو 13 في المئة.
وخلال الفترة القليلة الماضية، أجرى الجانبان مباحثات مكثفة في العاصمة العراقية بغداد بشأن الخلافات العالقة بينهما في ملف النفط والتنسيق فيما بينهما بخصوص اتفاق "أوبك+" الخاص بخفض الإنتاج.
وتوصلت الحكومتان إلى اتفاق لالتزام كل منهما بحصته في اتفاق خفض الإنتاج، فضلاً عن تبادل المعلومات بشأن الإنتاج لإضفاء المزيد من الشفافية على هذا الملف.
وبخلاف ملف النفط، يتجه الطرفان لإبرام اتفاق لاستثمار الغاز في حقول بإقليم كوردستان في مسعى لتأمين الوقود لمحطات الكهرباء بأرجاء البلاد.
وفي هذا الشأن، قدمت الحكومة الاتحادية مقترحاً لحكومة الإقليم مؤخراً على أن يواصل الجانبان بحث هذا الملف في زيارة يجريها وفد من بغداد في الفترة المقبلة تمهيداً لإبرام اتفاق نهائي.
ويأتي هذا التقارب في خضم أزمة جائحة كورونا التي تنذر المعطيات بأنها ستتسبب بأزمة مالية في العراقية جراء انهيار أسعار النفط إلى ما دون 20 دولاراً للبرميل الواحد، علماً أن العراق يعتمد على إيرادات بيع الخام لتمويل نحو 95 في المئة من نفقات الدولة.
وتقول النائبة السابقة في البرلمان العراقي، عضو الحزب الديمقراطي الكوردستاني اشواق الجاف، لشفق نيوز، إن "هذه المرحلة، هي مرحلة الحوار، وبكل التأكيد، الحوار القانوني والدستوري هو الحل لجميع الملفات العالقة بين بغداد وأربيل".
وأشارت إلى أنه، "بحسب المعلومات الأولية ستكون أيضا هناك زيارات متبادلة من قبل وفد من الحكومة الاتحادية الى اقليم كوردستان وبالعكس لإكمال الحوار والنقاش على اتفاق الغاز، ويكون فيه فائدة لجميع أبناء الشعب العراقي".
وتبين الجاف أنه "في الفترات السابقة (في الدورة الثانية والثالثة)، كان هناك تدخل من قبل البعض في الملفات ما بين حكومتي بغداد واربيل من أجل خلق المشكلات، ولم تكن هناك لغة حوار متبعة، وإنما كانت هناك رد من قبل الحكومة الاتحادية عن طريق البيانات والتصريحات الإعلامية".
والخلافات العالقة بين بغداد وأربيل تعود إلى سنوات طويلة أي طيلة الفترة التي تلت سقوط النظام العراقي السابق عام 2003، حيث لم يتمكن الطرفان من تجاوزها رغم جولات مباحثات كثيرة.
إلا أن الخلافات تفاقمت على نحو غير مسبوق إبان فترة الولاية الثانية لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي (2010-2014)، حيث عمد إلى قطع حصة إقليم كوردستان من الموازنة الاتحادية عام 2014 اعتراضاً على خطط الإقليم لتطوير حقول النفط.
واستمر حجب حصة الإقليم من الموازنة الاتحادية طيلة عمر حكومة حيدر العبادي (2014-2018).
وتابعت الجاف بالقول، إنه "منذ تشكيل حكومة عادل عبد المهدي، كانت هناك خطوات هادئة، على وفق حوار دستوري قانوني، لحل كل الملفات العالقة، بعيداً عن التصعيد الإعلامي، وهذا هو الأسلوب الصحيح، الذي كان يجب اتباعه منذ سنوات طويلة".
وتضيف ان "اي اتفاق يتم بين بغداد وأربيل في ملفي النفط والغاز، يجري وضعه وفق قانون وكذلك البرلمان يصوت عليه، لكن المشكلة تكون بتصاعد أصوات بعض الاطراف السياسية".
ونوهت إلى أنه "لا توجد مشكلة بين الحكومتين، وهذه الاصوات هي من سياسيي الصدفة، الذين يحالون جمع أصوات للانتخابات، هم وراء التشويش على الحكومتين، والا فان الحكومتين متفقتان بحسب صيغة تضعها وفق قانون الموازنة، والبرلمان العراقي يصوت عليها، واذا كانت هناك مشكلة بين بغداد وأربيل، اذاً لماذا يتفقان على شيء، بحيث تضعها الحكومة في مسوده الموازنة وترسلها للبرلمان".
وترى الجاف ان "حكومة عادل عبد المهدي، كانت تخصص وقتها لحل الملفات العالقة مع حكومة اقليم كوردستان وفق الإطار الدستوري، ولم تخصص اي وقت للأصوات التي تحاول خلق المشكلات، وهنا الحكومة تكون محافظة على حق الشعب العراقي ومحافظة على تطبيق القانون، بعيداً عن اي تصعيد اعلامي".
وتتابع عضو الحزب الديمقراطي الكوردستاني ان "الحكومة الاتحادية، لديها وزارة مختصة، لعقد أي اتفاق بشأن النفط أو الغاز، وكذلك لها خبراء بهذا المجال، ولهذا النقاش جارٍ وسوف يستكمل بشأن اتفاق الغاز، في الزيارات المتبادلة المقبلة للطرفين ليكون هناك اتفاق وفق الدستور وفيه مصلحة كل الشعب العراقي".
وحالت الخلافات بين بغداد والإقليم، على مدى السنوات الماضية، دون تمرير قانون ينظم إدارة النفط والغاز في البلاد.
إلا أن الأمور بدأت تتجه نحو الحل تدريجياً منذ العام الماضي، الأمر الذي سيجعل إبرام اتفاق الغاز بين الطرفين يسيراً مقارنة مع ملف النفط.
ويقول الخبير النفطي العراقي صادق الركابي، لشفق نيوز، إن "اتفاق الغاز بين بغداد وأربيل، سيكون أسهل من الاتفاق على النفط، خصوصاً أن الطرفين يمران بمحنة مشتركة بتراجع الإيرادات وتراجع الانفاق الرأسمالي لشركات النفط وعدم وجود طلب عالمي".
وبين الركابي ان "الاتفاق على الغاز بين بغداد وأربيل، بسبب ان العراق يريد الاستفادة من الطاقة الكهربائية، دون ان يكون هناك استيراد للغاز من الخارج، وهذا يوفر الايرادات ويجعل الاتفاق بين بغداد وأربيل على استثمار الحقول المكتشفة وغير مستغلة سهلاً، خصوصاً أن هناك حقول مكتشفة حديثاً لكنها غير مستغلة".
وأكد ان "هذا الحقل سيكون العمل فيه، خلال الاشهر القليلة القادمة، وهو مصلحة مشتركة لبغداد وأربيل، خصوصاً هو سيكون فيه تقليل للاتفاق بسبب استيراد الغاز من الخارج، وزيادة سعة الطاقة الكهربائية".
وأضاف الخبير النفطي العراقي ان "هذا الاتفاق يوفر إيرادات مالية للحكومة الاتحادية، ما يساعد كلا الطرفين، لتوفير اموال لدفع رواتب الموظفين واعمار البنى التحتية، وتمويل الموازنة الاتحادية، ويساعد الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم، على تخفيض الاثر السلبي الاقتصادي بسبب تراجع الطلب على اسعار النفط، ولهذا الاتفاق مصلحة مشتركة للطرفين".