2017-03-06 18:01:00

شفق نيوز/ في حديقة فيلا جميلة في غرب الموصل وغير بعيد من جبهة القتال، يقبع ثلاثة جنود عراقيين على سلم من الحجارة. في الاثناء يتناول ابو مريم واسرته وجبتهم في القبو الذي يعيشون فيه منذ ثلاثة اشهر.
يقع منزل هذا الموظف (46 عاما) عند اسفل الجسر الرابع الذي انقسم نصفين في نهر دجلة. واستعادت القوات العراقية مؤخرا هذا الجسر وتحاول التقدم في غرب الموصل لطرد المسلحين الجهاديين وذلك بعدما استعادت نهاية كانون الثاني/يناير كامل احياء شرق الموصل.
وبدت في المنازل الانيقة للحي المقفر نوافذ مدمرة وابواب مقتلعة. ونادرا ما تظهر وجوه اطفال من خلف النوافذ. وفي بهو مرأب بدت سيارة متفحمة وفي آخر ثلاث جثث لمسلحين متطرفين منبطحين.
وقال ابو مريم الذي كان يرتدي سروالا فاتحا وسترة سوداء "اخشى ان تسقط علينا قذيفة". واثناء حديثه دوى انفجاران اهتزت لهما جدران المنزل الذي فقد كل زجاجه.
تخلى ابو مريم وزوجته واطفالهما الثلاثة (اصغرهم عمرها اربعة اشهر) وجارة في الثمانين من العمر يؤوونها منذ 15 يوما، عن مطبخ الفيلا الفسيح وصالونها الانيق وشاشة التلفاز المسطحة المعلقة على الجدار والغرف الفسيحة في الطابق الارضي، ليحتموا بالقبو.
-"الموت" وحيدا-
في الحديقة يرتاح الجنود ويرتشفون شايا اعده ابو مريم. واتخذ جندي موقعا له على ارجوحة من الحديد الابيض. واجتاحت عشب الحديقة قوارير مياه فارغة من البلاستيك وعلب البوليستيرين التي جلبوا فيها وجباتهم.
ويؤكد ابو مريم "لقد فتشوا المنزل عند وصولهم، انهم مهذبون". وفي ركن من القبو رصفت اربعة اسرة جنبا الى جنب قبالة تلفاز صغير يبث اخبارا.
وفي الجانب الاخر من الغرفة وضعت عشرات من قوارير ماء الشرب على طاولة مطبخ وضعت عليها ايضا اكياس رز وبرغل. ووضع موقد غاز على الارض للطبخ.
ويقول ابو مريم "لا نصعد الا عند الذهاب للحمام منذ ثلاثة اشهر مع بدء سقوط القذائف على المنطقة". وسقطت قذيفتان على السطح وثالثة في الحديقة.
وتقول الجارة سهير (82 عاما-اسم مستعار) مستلقية على سريرها واضعة شالا على كتفيها انها لم ترغب في مغادرة البيت الذي تقيم فيه منذ اربعين عاما. وقالت ناظرة المدرسة المتقاعدة ان اقاربها "رجوني مرارا (ان اغادر) لكنني لا اشعر بالراحة الا في بيتي ولا اريد ان اكون عبئا" على احد.
لكنها رضخت مع اقتراب القصف وقبلت الانضمام الى اسرة ابو مريم، "قلت لنفسي +ساموت وحيدة+".
-سيارة مفخخة وطائرة بلا طيار-
مثل كثيرين من سكان الموصل يقول ابومريم انه شعر بالراحة للتخلص من الجهاديين الذين احتلوا الموصل في حزيران/يونيو 2014.
واوضح الرجل الذي رفض تصويره خشية الانتقام "مع داعش كان الوضع رهيبا. هم يحاسبونك على كل شيء : لحيتك وملابسك وطريقة سيرك".
واضاف "مرة سالوني لماذا ترتدي ابنتي سروالا مع انها ترتدي فوقه عباءة طويلة وغطاء راس. انها في العاشرة من العمر!!" مشيرا الى مريم.
واكد "نريد ان تتحرر الموصل باسرها وان نستعيد الامن".
خارج المنزل تحتدم المعارك. وعلى بعد امتار اطلقت قوات الامن النار على سيارة مفخخة لتنفجر مخلفة السنة لهب هائلة.
وبعد دقائق من ذلك اطلق جنديان جاثيان على عشب حديقة ابو مريم النار بكثافة في السماء على طائرة بلا طيار ارسلها المسلحون الجهاديون لالقاء متفجرات.
ثم ساد هدوء نسبي ليظهر ابو مريم في عند منعطف طريق قائلا "الاطفال يشعرون بالخوف، سنذهب لقضاء ليلة او اثنتين عند جيراننا في شارع خلفنا".

afp