شفق نيوز/ حوّل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" مدينة الموصل إلى سجن كبير مترامي الأطراف. مجرد التفكير في مغادرته يعرض كل شخص لمصير واحد: الموت.
التنظيم المتشدد، والذي اجتاح المدينة صيف 2014، يمنع على أي شخص الخروج من المدينة. السكان الحضريون صيد ثمين لداعش، فهم مصدر مهم للضرائب، كما يمكن استخدامهم كدروع بشرية عند محاولة قصف أو اقتحام المدينة.
أموال مقابل الفرار
وعلى الرغم من أن التنظيم كان يمنح تراخيص مؤقتة للمرضى بمغادرة المدينة في بادئ الأمر، إلا أنه أضحى يمتنع عن ذلك بعد فرار عدد من المدنيين.
أمام هذا الوضع لم يعد أمام سكان المدينة من حل سوى الاتصال بالمهربين ودفع مبالغ مالية طائلة للفرار من جحيم داعش.
أحد سائقي تاكسي في الموصل يروي لصحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية تفاصيل فراره من المدينة، بعد أن استحال العيش في ظل قوانين داعش.
ابن مدينة الموصل، الذي رفض الكشف عن هويته خوفا على عائلته، أكد أنه ضاق ذرعا بممارسات التنظيم، مضيفا: "العقوبات أصبحت أمرا يوميا. المثليون الجنسيون يلقى بهم من أسطح البنايات. أيدي السارقين يتم قطعها، وحتى المدخنون يتعرضون للجلد".
وقد تدهور الوضع الاقتصادي في المدينة بشكل سريع، بعدما أوقفت الحكومة العراقية دفع رواتب الموظفين الحكوميين، الذين أجبروا على مواصلة العمل دون مقابل.
وعرفت أسعار السلع الغذائية ارتفاعا صاروخيا، وتواجدها أضحى نادرا في الأسواق.
الهروب من الجحيم
أمام هذا الوضع، قرر سائق تاكسي الهرب بعد أن سمع أن عنصرا من داعش يشرف على حاجز أمني يتلقى مبالغ مالية مقابل السماح للأشخاص بالهرب.
دفع سائق تاكسي مبلغ ألف دولار إلى جانب 11 شخصا من الموصل، لتبدأ رحلتهم نحو المجهول.
الرحلة التي قادت الهاربين من الموصل اتجهت أولا نحو الحدود السورية. من مهرب إلى آخر حاولت القافلة تجنب المرور من محافظة الأنبار التي تشهد قتالا ضاريا بين داعش والحشد الشعبي، وحاولت أيضا عدم الوقوع في قبضة مليشيات شيعية "قد تنتقم منهم لمجرد انتمائهم السني".
بلوغ الحدود السورية لا يعني الوصول إلى بر الأمان، تطلب الأمر أياما من الانتظار قبل العبور لمحافظة الرقة التي تخضع لسيطرة داعش وكل ما يعنيه ذلك من أخطار، قبل الوصول إلى تركيا.
كان سائق تاكسي ينشد الوصول إلى بغداد عبر العاصمة التركية أنقرة. لكن يلزمه المزيد من الانتظار، حتى توافق القنصلية العراقية على سفره أولا.
الكابوس لم ينته هنا، فبمجرد وصوله إلى مطار بغداد تم اعتقاله ووجهت له تهم مغادرة البلاد بشكل غير قانوني، واحتاج لدفع كفالة من أجل مغادرة السجن.
الرحلة الاعتيادية من الموصل إلى بغداد، والتي لا تتجاوز 250 كيلومترا، قطعها الهاربون في ثمانية أيام بمسافة قدرت بـ1500 كيلومتر.