شفق نيوز/ تحول تنظيم مايسمى "بالدولة الاسلامية"، داعش من حالة الهجوم الى الدفاع. وخسر التنظيم الكثير من الوهج الذي حققه خلال شهر يونيو 2014، باعلان "خلافته" وسيطرته على بنوك المدينة لتصل موازنته السنوية الى اكثر من مليار دولار. اليوم داعش خسر الكثير من مصادر تمويله وموارده البشرية وتدفق المقاتلين عليه، بعد فضح ممارساته الدموية. وبالتزامن مع ذلك اظهر التحالف الغربي وبضمنها دول اوربية ابرزها فرنسا وبريطانيا عمليات عسكرية وميدانية في محاربة التنظيم اوصلت التنظيم الى حالة الدفاع. القوات العراقية هي الاخرى استعادت قدرتها العسكرية والمهنية واثبتت جدارتها باستعادت المدن التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش. انطلقت يوم 3 مارس 2016، معركة تحرير مدينة الموصل من سيطرة داعش، من خلال قطع الطريق بين الرقة والموصل، وفق ما أعلن المبعوث الأمريكي الخاص إلى العراق "بريت ماكورك". ووصف "ماكورك" العملية بالمعقدة، مؤكدا أنه تم التخطيط لها جيدا. وقال متحدث باسم قيادة قوات التحالف الدولي العقيد "كريستوفر كارفر": إن 30 ألفا من القوات العراقية يخططون للهجوم على مدينة الموصل، شمالي العراق. وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي قد اعلن يوم 2 مارس 2016 من مدينة سامراء، تطهير جزيرة سامراء الممتدة مع محافظة الانبار. قوة داعش العسكرية داخل مدينة الموصل تشير تقديرات خبراء الدفاع وكذلك الاستخبارات الى وجود مايقارب ( 12 الف) مقاتل من تنظيم داعش في مدينة الموصل. قوات التحالف الغربي قطعت هي الاخرى طرق امدادات داعش مابين الرقة والموصل بعد سيطرتها على مدينة "الشدادي" مطلع شهر فبراير 2016. وهذا يعني ان تنظيم داعش لن يكون عنده اي خيار غير المواجهة. بات معروفا ان التنظيم يتمترس داخل المناطق السكانية ويتخذ المدنيين دروع بشرية. وكشفت تصريحات بعض المسؤوليين العسكريين في الجيش العراقي، بأن الخطة تقوم على فتح ثغرات في تحصينات داعش في الموصل واطرافها وضرب اهداف محددة من قبل طيران التحالف وربما طيران الجيش العراقي لتحييد دفاعات داعش. وهناك اجماع لدى خبراء الدفاع، بان معركة الموصل تحتاج الى خبرات قتالية عالية تشترك بها قوات عراقية متمرسة ابرزها قوات مكافحة الارهاب. عقدة "بيجي" تفتح الطريق باتجاه الموصل شمالا سبق ان أعلنت القوات العراقية منتصف شهر اكتوبر 2015 تحريرها الى مدينة "بيجي" و "الصينية" إحدى أهم معاقل داعش بعد عمليات عسكرية واسعة لقطع طرق إمدادات داعش عبر ناحية الصينية إلى مناطق الجزيرة ـ الانبار. إن سيطرة الجيش العراقي على مدينة "بيجي"، يعطي فرصة كبيرة للتقدم شمالًا باتجاه الموصل. وتكمن اهمية استعادة مدينة "بيجي" من قبل القوات العراقية هو ان الطريق امام القوات العراقية اصبح مفتوحا باتجاه الشمال، مدينة الشرقاط ثم الموصل. وتمكن الجيش العراقي من فرض قبضته على ثلاثة طرق رئيسة تلعب دوراً مهماً في تحركات مقاتلي داعش وإيصال الإمدادات ، حيث سيطرت القوات على : الطريق الأول الذي يربط بين قضاء بيجي وناحية الصينية من الجهة الغربية المطلة على نهر دجلة والواصلة إلى قضاء حديثة غربي الرمادي. وسيطرت القوات العراقية ايضا على الطريق الثاني الذي يربط قضاء بيجي بمدينة تكريت والطريق الثالث كان الرابط بين بيجي ومصفاة النفط من الجهة الشمالية. مدينة الشرقاط تحتل الشرقاط موقعا جغرافيا يتوسط ثلاث محافظات صلاح الدين والموصل وكركوك ويصل بينها وبالمسافة نفسها تقريباً. فهي تقع على بُعد (115 كم) جنوب محافظة نينوى، وعلى بعد (125 كم) شمال تكريت مركز محافظة صلاح الدين، وعلى بعد (135 كم) غرب محافظة كركوك. ان سيطرة القوات العراقية على الشرقاط يكون خيار القوات العراقية الاتجاه صوب القيارة وصوب مدينة الحضر التاريخية التابعة لمدينة الموصل. التقارير الميدانية ذكرت يوم 5 مارس 2016، بان داعش استشعر خطة القوات العراقية ضد القيارة، مما دفعه الى قصف القوات العراقية بالمدفعية، وقام بتحشيد مقاتليه هناك. تعتبر "الشرقاط" الساتر وخط الصد المتقدم الى تنظيم داعش للدفاع عن مدينة الموصل رغم طول المسافة، فهي تقع على بُعد (115 كم) جنوب محافظة نينوى، لذا فان العملية القادمة للقوات العراقية ستكون بدون شك بأتجاه الشرقاط، وتكون القوات العراقية قد اقتربت من محافظة الموصل وضيقت الخناق على التنظيم. ستكون معركة الموصل هي الاكبر ومايزيد المشهد تعقيدا هو تمترس التنظيم داخل المدينة والمناطق السكنية. النتائج مايحصل الان هو قطع امدادات التنظيم في العراق وكذلك في سوريا. القوات العراقية سبق ان قطعت خط امدادات الانبار مع محافظة صلاح الدين بسيطرتها على ذراع دجلة، بحيرة الثرثار شمال مدينة الانبار وغرب محافظة صلاح الدين والتي كانت تعتبر واحدة من اكثر المناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم ويتخذها مقرا لمعسكراته وتدريب مقاتليه. ان سيطرة القوات العراقية على مدينة الصينية جنوب مدينة بيجي تكون القوات العراقية قد نجحت بغلق منافذ وامدادات التنظيم بالكامل من محافظة صلاح الدين والشرقاط مع الانبار عبر مدينة حديثة والصحراء الغربية. من المتوقع ان لاتكون معركة الموصل لصالح تنظيم داعش وسوف يخسرها مثلما خسر"ولاية" صلاح الدين. إن ردود افعال التنظيم في مدينة الموصل وتحضيراته العسكرية والميدانية من زرع الغام وقطع الجسور وحفر خنادق ومواقع بديلة، جميعها تعني ان التنظيم يعيش حالة دفاعية. المعلومات من داخل مدينة الموصل تعكس ان هذا التنظيم سوف لايتخلى بسهولة عن مدينة الموصل ابدا وان معركة الموصل هي اكثر من معركة مصيرية. التنظيم خسر الان خطوط امداداته مابين الانبار والمناطق الشمالية الغربية وبقي متمترسا في الفلوجة ولم يبقى شيء من خطوط امداداته مابين الموصل والانبار، وربما تستغل القوات العراقية ذلك بالهجوم على الفلوجة. التنظيم انتقل منذ اشهر الى حالة الدفاع في العراق وكذلك في سوريا، التقارير من داخل الموصل اكدت بان داعش يعيش حالة تأهب وفي نفس يواجه هذا التنظيم حالات رفض وانشقاقات داخلية. ان عمليات تحرير الموصل ربما ستكون على خلاف تحرير مدينة الانبار او صلاح الدين، معركة الموصل ممكن ان تستخدم فيها تقنية جديدة غير تقليدية. وبات من المرجح ان تكون معركة معلومات وحرب نفسية بالاضافة الى المواجهة الميدانية، وهذا مايمكن قراءته في تصريحات مسؤولي وكالة الامن القومي واستخبارات الدفاع الامريكيتين. بات التنظيم يتراجع تحت ضغوطات عدة مالية وميدانية. اعداد: جاسم محمد، باحث في قضايا الإرهاب والإستخبارات