شفق نيوز/ بعد إلحاق العراق هزيمة كبرى بتنظيم داعش، أشارت مجلة "إيكونوميست" البريطانية، إلى نمو شعور جديد بوحدة الصف بين أبناء الشعب العراقي.
فقد عادت الحياة الطبيعية إلى الموصل، ثانية كبرى المدن العراقية، بعد أن عاشت المدينة في ظل حكم داعش الدموي، لأكثر من ثلاث سنوات.
وزار مراسل المجلة نادياً ليلياً يقع فوق سطح فندق أعيد افتتاحه بعد تجديده، بعدما تحول إلى مقر لقيادة التنظيم المتشدد. وأصبح للمحلات المحيطة بركام جامعة الموصل واجهات جديدة، كما تصطف عائلات في طوابير بانتظار فرصة لتناول وجبات في المطاعم المطلة على ضفتي دجلة. ولم تعد تشاهد نساء منقبات في إرجاء المدينة.
قضية خاسرة
وبرأي "إيكونوميست"، يعتبر إنعاش الموصل بداية لانتعاش العراق ككل. فقد بدا العراق، عندما استولى داعش على المدينة في عام 2014، أشبه بقضية خاسرة. يومها فرت قواته المسلحة، وفقدت الحكومة سيطرتها على أقل من نصف مساحة البلاد، وأخذ الجهاديون الاستعداد للتقدم نحو بغداد. ومع انهيار أسعار النفط في عام 2015، أفلست الحكومة. وبدا حال العراق نموذجاً لحرب أهلية، وللطائفية ولانهيار نظام الدولة العربية الذي تأسس عند نهاية الحرب العالمية الأولى.
"أفضل المنتصرين"
وحالياً، يعيش في العراق قرابة 40 مليون شخص، وقد بدأ بتصحيح مساره. فقد هزمت قواته داعش، واستعادت سيطرتها على حدود البلاد. كما أدت موجة من الانتصارات لمنح الجيش العراقي صفة "أفضل المنتصرين في الشرق الأوسط"، حسب تعبير مسؤول أممي.
وباتت بغداد تشعر بأمان يفوق ما هو ملموس في عدد من عواصم الشرق الأوسط. وتدفقت الأموال على الحكومة بفعل تضاعف أسعار النفط عما كانت عليه في عام 2016، ووصل الإنتاج لمستويات قياسية. ونتيجة له، التقى أكثر من 2000 مستثمر أجنبي داخل صالات فندق في الكويت، في بداية العام الجاري، عندما انعقد مؤتمر إعادة إعمار بناء العراق.
علاقات ودية
وعند الأخذ في الاعتبار ماضي العراق العدواني، وكثرة الصراعات في المنطقة، تنظر "إيكونوميست" بعجب لتمتع العراق حالياً بعلاقات ودية مع جميع جيرانه. ورغم كون أمريكا وإيران خصمين شديدين، لكن كلاهما يقدم دعماً عسكرياً وسياسياً للعراق. كما تغلبت دول الخليج على هواجس طائفية وأمنية استمرت عشرات سنين، واستعادت علاقاتها الديبلوماسية مع العراق وترغب اليوم في الاستثمار في أراضيه.
انتخابات رابعة
وترى المجلة أن ما يتوج كل تلك الإنجازات تمكن العراق، وهو البلد الوحيد إلى جانب تونس، من التخلص من ديكتاتور والخروج كدولة ديمقراطية. وسوف تنظم انتخابات هي الرابعة منذ عام 2003، في 12 مايو( أيار).
وبحسب "إيكونوميست"، يعتقد البعض أن الحرب أعادت العراقيين إلى رشدهم، رغم أنها كانت بمثابة علاج قاسٍ. فقد مات من العراقيين، خلال 15 عاماً منذ الغزو الأمريكي في عام 2003، أكثر من 300 ألف شخص، وقتل 4400 جندي أمريكي. ولكن أياً من جولات القتال تلك لا يمكن أن تقاس بما شهده العراق خلال القتال ضد داعش. فقد قتل، حسب مركز دراسات في بغداد، ما لا يقل عن 7000 مدني، و 20 ألفاً من القوات المسلحة، فضلاً عن مقتل ما يزيد عن 23 ألف من جهاديي داعش. كما تحول تراث لا يقدر بثمن إلى ركام، كمدينة الموصل القديمة. وفقد أكثر من 6 ملايين عراقي، معظمهم سنة، بيوتهم.
تراجع نزعة الثأر
ومن خلال الاطلاع على تقارير إعلامية وبيانات لأحزاب ومشاهدات في الشارع العراقي، لمس مراسل "إيكونوميست" تراجع نزعة الثأر عند السنة، وهي التي فرخت القاعدة وداعش، فيما خفت مظاهر الاحتفالية التي مارستها ميليشيات شيعية عدة عقب انتصاراتها المتلاحقة ضد داعش.
وتخلص المجلة إلى أن العراق يبدو اليوم أكثر وحدة من أي وقت مضى، منذ عام 1991، عندما ثار الشيعة والكورد ضد صدام حسين بعد طرد قواته من الكويت على يد تحالف قادته أمريكا.