شفق نيوز/ من المسلمات التي لا جدال فيها، حينما يدور الحديث عن تنظيم الدولة الإسلامية، أو باسمه الرائج "داعش"، أن التنظيم لا يرحم أحدا، لا مسلمين ولا مسيحيين ولا غيرهم. فقد أوضح التنظيم منذ احتل مناطق واسعة في العراق وسوريا أنه عازم على فرض شريعة متشددة في إطار الخلافة الإسلامية التي أقامها. وأكثر من يعاني في حدود الدولة الداعشية هم الأقليات، وعلى رأسهم المسيحيين. فهؤلاء، بالنسبة لدين داعش، كفار، والخيارات التي أمامهم ثلاثة، إما اعتناق الإسلام، أو دفع الجزية أو القتل.
فبعد أن احتل التنظيم الموصل، في العراق، قام بتوجيه إنذار من خلال منابر المساجد للمسيحيين بإعلان براءتهم عن الديانة المسيحية واعتناق الإسلام مقابل بقائهم في الموصل أو مغادرة المدينة خلال 48 ساعة. وباشر بعدها بقتل العشرات من المسحيين، وتحدثت تقارير إعلامية عن هروب المئات من المسيحيين من الموصل.
وفي خطوة لافتة، قام عناصر التنظيم بكتابة الحرف "نون" على بيوت المسحيين لكي يميزهم عن المسلمين، وبذلك أيضا أصحبت ممتلكات المسيحيين تابعة للدولة الإسلامية.
ومن ناحية المسيحيين في الشرق الأوسط، لا سيما مسيحيي العراق، كان ظهور تنظيم الدولة آخر محنة لأٌقلية آخذة بالانقراض. فمنذ الغزو الأمريكي في العراق عام 2003، أصحبت حياة المسيحيين في العراق مهددة، ولجأ معظمهم إلى سوريا، لكن هذا الانتقال أسفر في النهاية عن الدخول إلى حرب ثانية، بعد اندلاع الثورة في سوريا عام 2011.
وعدا عن المنظار الديني الذي ينظر به تنظيم الدولة للمسيحيين، ثمة اعتبارات "اقتصادية" تهم قادة التنظيم، فهو في النهاية يحتل أرضا ويريد أن يقيم عليها حكما وبحاجة إلى موارد وأموال. وتماشيا مع هذه الرغبة، تعد الطائفة المسيحية في المناطق التي يسيطر عليها طائفة غنية، لها أملاك كثيرة، وهو ما يدفع عناصر التنظيم إلى سلب الأملاك وفرض دفع الجزية، مما يحول الطائفة إلى مورد هام لخزنة الخلافة.
وبينما يتعامل عموم المسلمين مع المسيحيين على أنهم "أهل الكتاب"، يرى تنظيم الدولة المسيحيين كفارا. وعلى هذا الأساس، قام التنظيم في بعض المناطق بفرض "عقد الذمة" على أبناء الطائفة المسيحية والتي تعني أن على المسيحي (الكافر حسب التنظيم) أن يخضع لدولة الخلافة ويجب تمييزه، ويحظر عليه شرب الخمور أو أكل الخنزير.
والبند الأهم هو أن عليه دفع الجزية وهي "المال المأخوذ من الكفار مقابل الكف عن قتالهم، أو إسكانهم دار الإسلام". وكذلك يجب أن لا يظهرون رموز دينهم مثل الصليب والكنيسة. وإلى جانب دفع الجزية، يقوم عناصر التنظيم بالضغط على المسيحيين لكي يسلموا فيسلموا.
وفي شق ثان من الحرب التي يخوضها تنظيم الدولة ضد المسحيين، ينظر التنظيم إلى المسحيين على أنهم ينتمون إلى أمة الصليب، إي الغرب، والتي يقيم التنظيم معها حالة حرب. وفي حادثة ملفتة متعلقة بالمسيحيين، قام عناصر التنظيم في ليبيا بخطف 21 عاملا مصريا من الأقباط، ومن ثم أعدمهم. ونشر التنظيم فيديو يوثق فعلته بعنوان "رسالة موقعة بالدماء إلى أمة الصليب"، جاء فيه أن التنظيم سيقاتل المسيحيين في كل مكان. وعادة ما يتوجه مقاتلو التنظيم إلى الغرب بتسمية "روم".
ويتداول الجهاديون حديثا نبويا (لا تقوم الساعة حتى ينزل الرومُ بالأعماق أوْ بدابق) في إشارة إلى مواجهة كبرى مع المسيحيين في قرية سورية تقع شمال مدينة حلب، اسمها دابق، حينها ستقوم القيامة وينتصر في نهايتها المسلمون.