شفق نيوز/ عاد "السروال الداعشي" إلى الواجهة من جديد بعد ظهور أحد انتحاريي التنظيم الأفارقة في الإصدار الداعشي الأخير، مرتدياً في نصفه الأعلى القميص القندهاري، مقابل بنطال عسكري غربي في نصفه الآخر، مع حجب وجهه بشماغ عربي وهو أحد مظاهر اللبس الاعتيادي لأبناء مدينة الموصل، الذي سبق أن سحبه من كافة الأسواق إلى جانب الثوب العربي.
ولعل تلك الصورة المتضاربة في الشكل تكشف عما بدأ يعانيه التنظيم من شح في إمداد مقاتليه بالسروال الداعشي، عقب قطع كافة خطوط الإمداد لخط أزيائه المستورد مجمله من الخارج جراء الضربات الجوية للتحالف الدولي على مواقع التنظيم وانحسار سيطرة التنظيم على عناصره فيما أعلنه من ولايات.
وقد ظهر فقر التنظيم بإمداد مقاتليه بالملابس جلياً، خلال الإصدارات الأخيرة، التي بدا فيها عناصره بأزياء متنوعة ومختلفة كلاً بحسب هويته وثقافته.
"الزي القندهاري" وأهمية الهوية الفردية
وكان داعش سار على خطى التنظيمات الأصولية المتطرفة بمختلف تفرعاتها، مدركاً أهمية بعث هوية فردانية عبر أزيائه، وتوحيد لباس مقاتليه، ونبذ كل المظاهر التي تشي بجذور مغايرة لعناصره، وهي فكرة تنبع من سلخ المقاتل عن هويته الحقيقية ونبذه لها.
لا بل ذهب إلى ما هو أبعد عبر فرض زيه على كافة الخاضعين لمناطق سيطرته من النساء والرجال والأطفال، دون اقتصاره على مقاتليه فقط، في تماه تام مع مظهر خليفة التنظيم خلال ظهوره الشهير في خطبة الموصل بالسروال والقميص الطويل المتشح بالسواد.
ومن بين الشرعية الوجودية التي حاول التنظيم سلبها عبر ما أعلنه من دعايات فاشلة أبرزها إصدار عملته الخاصة، كان الإعلان عن فرضه لـ"زي" جديد وتعميمه على مختلف معامل الخياطة التي استولى عليها وسحب كافة الملابس الأخرى المغايرة من الأسواق والمحال التجارية في مناطق سيطرته، والتي تأتي أيضا كمحاولة لسلب الهوية الأصلية في المدن العراقية والسورية، واستبدالها بأخرى مزيفة لشعب جديد يحل مكان سابقه.
قصة السروال الداعشي
وتعود قصة السروال الداعشي إلى العام 2014 بعد فرض ما أسماه بالملابس الإسلامية الشرعية على الموظفين في دوائره ولجانه الأمنية والعسكرية، وهو عبارة عن زي أفغاني يرتديه عناصر التنظيم في محافظة نينوى والمناطق التي يسيطر عليها التنظيم، وتم تكليف ما يسمى بـ"الحسبة" بمتابعة المخالفين وتهديدهم بدفع غرامة مالية تصل إلى 2000 دولار.
إلا أن توفير أزياء داعش كما كان سابقاً في مختلف مفارزه الأمنية باتت إحدى مشاكله، عقب فقدان قاعدته الشعبية التي وظفها وفق قاعدة "السخرة"، للعمل في معامل الخياطة التي استولى عليها بالمدن العراقية والسورية وإجبار تلك المعامل التابعة لوزارة الصناعة والمعادن في الموصل بخياطة الملابس الأفغانية السوداء، وقطع خطوط الإمداد الخارجية، لا سيما عبر تركيا.
ففي مارس 2015، تمكنت الأجهزة الأمنية الإسبانية من مصادرة 20 ألف قطعة قبل أن تتوجه إلى سوريا والعراق لصالح "داعش" وجبهة النصرة، بعد أن تم اكتشافها في 3 حاويات كتب عليها "ملابس مستعملة" في مدينة فالنسيا.
ومقابل ترويج "داعش" لزيه الإسلاموي، وحظر ارتداء "الثوب العربي" و"الجلابيات"، كان لافتاً ما عمد إليه التنظيم من سرقة للأزياء العسكرية الأميركية من مستودعات الجيش العراقي بعد انسحابه من ثلثي المدن العراقية، ليرتديها مقاتلو الخلافة، عوضا عن السروال الداعشي الذي اكتفى بكونه زياً دراميا للتباهي به في إصداراته الهوليودية.
هدى الصالح