شفق نيوز/ جسد مصطفى الطائي بقلم رصاص وفرشاة اثناء الليل ما كان يراه يوميا خلال عامين ونصف العام من عنف تنظيم الدولة الاسلامية راسما بذلك شهادة على وحشية الجهاديين.
ويعكس 240 رسما لمصطفى اعمال العنف التي ارتكبها التنظيم خلال سيطرتهم على بلدة حمام العليل منذ حزيران/يونيو 2014 الى حين استعادتها نهاية العام الماضي.
وبين لوحاته مشهد رجل تم تعليقه على عمود من احدى قدميه واخر قطع رأسه ووضع على ظهره وهو ملقى وسط بركة دماء ، او وجه امرأة احترق بالحمض.
تقع بلدة حمام العليل على بعد حوالى اربعين كلم جنوب الموصل، ثاني مدن العراق واخر اكبر معاقل الجهاديين في هذا البلد.
-“قاوم”-
ويقول الرجل (58 عاما) المولع بالرسم منذ الطفولة ويعمل حاليا في تصليح الافران ان “تنظيم الدولة الاسلامية عدو للفن عدو للحياة لذلك قلت لنفسي انه يجب رسم جرائمهم”.
وتابع “لم يكن هناك صحافي ولا يسمحون بالتصوير، فقررت ان احفظ اي مشهد عنف في ذهني وارسمه عند المساء في المنزل”.
واضاف بينما كان في منزله ولوحات الرسم على ركبتيه ان “الجيش يقاتل تنظيم الدولة الاسلامية بالاسلحة. اما انا فاقاتله بقلم الرصاص وفرشاتي والواني ولوحاتي”.
وبينما كانت ادوات الرسم غير متوفرة بسبب المنع، اعتمد الطائي على مخزونه من الالوان واقلام رصاص حتى “يقاوم” من خلال لوحات بسيطة تعكس كل منها مأساة حقيقية.
وقال وهو يشير الى صورة فتاة تبكي ان “هذه الطفلة مسيحية (12 عاما)” التقيت بها عندما كنت في المستشفى. خطفوها وزوجوها لواحد منهم وقام بتسليمها الى اخر تزوجها (…) وهكذا لاربع او خمس مرات”.
وتابع “كانت تذرف الدموع وعلى وجهها كدمات واصيبت بجروح في يديها وجسمها، (عندها) اخذت ورقة من ملفي الطبي وقمت برسمها”.
واضاف مشيرا الى رسم لرجل معصوب العينين وموثق اليدين ربط الى عمود “لقد اطلق النار عليهم .اعتقلوه واطلقوا النار على قدميه ثم جسده، اخضعوه للتعذيب بسلك كهربائي قبل ان يقرروا اعدامه”.
-“ادمان”-
ولم يحتفظ الطائي برسوماته في منزله، وقام باخفائها تحت المقعد الخلفي لسيارة صديقه.
ورجح ان يكون احدهم ابلغ عنه قائلا ان “عناصر تنظيم الدولة الاسلامية داهموا منزلي عدة مرات، ولم يعثروا على شيئ”.
وتذكر انه في احدى الليالي وصلت جماعة “الحسبة” الشرطة الدينية في التنظيم “قالوا انهم يريدون لوحاتي ومخطوطاتي، واخذوني بعيدا في الصحراء (…) ضربوني وقيدوا اقدامي الى سيارتهم وساروا بها”.
وتابع “رددت ايات قرآنية بصوت مرتفع (…) عندها قيدوا يدي والقوا بي امام منزلي حيث عثر علي صباح اليوم التالي”.
كما سجن الطائي عدة مرات، واكد ان “مجموعها كان 45 يوما” كما حكم عليه بالجلد في “احدى المرات 15 جلدة واخرى 30 جلدة” مشيرا الى “اتهامي باني علماني ومرتد”.
لكن لم يستطع هذا الجد الذي لديه سبعة احفاد، التوقف عن الرسم قائلا “لا استطيع ان اتخلى عن الرسم، انه ادمان وهو مهدئ بالنسبة لي. لا ادخن السجائر، بل ارسم”.
وروى الطائي انه “عندما سجنت 15 يوما، وجدت بطارية كسرتها لاستخرج ما بداخلها لارسم به على الحائط (…) عندما راى الحراس ذلك اجبروني على لعق الحائط لامسح ما رسمت”.
ويحتفظ الرجل بكل رسوماته داخل صندوق كشاهد على “ما حدث” لكنه اصبح يرسم الان “كل شيء” قائلا “اجد ما هو امامي جميل”.