شفق نيوز/ خلق حظر التجوال المفروض في كثير من بلدان العالم أنماطاً سلوكية واجتماعية وقيم مجتمعية جديدة، تختلف عن تلك التي خبرها الناس قبل ظهور فيروس كورونا وانتشاره وتحوله إلى وباء عالمي، اخترق الدول جميعها من أكبر مدينة وحتى أصغر قرية.
لكن يبقى التساؤل إلى أي مدى بدّل الفيروس طباع وعادات الناس في العراق، وهو بلد تسوده القيّم القبلية الغنية بالعلاقات الاجتماعية الوثيقة.
ذلك تساؤل مشروع.. وقطعاً فإن العراق لا يشذ عن طرح ذلك التساؤل، بل أن التساؤل عن هذا الأمر يكون مشروعاً فيه أكثر من غيره بفعل المعاناة والحرمان التي خبرها العراقيون في مجمل حياتهم طيلة عقود.
ويتحدث الكاتب ديار كاظم لشفق نيوز عن عزلته المنزلية وكيفية تمضية الوقت قائلاً، "عندما استيقظ من النوم صباحاً أعمل في الحديقة المنزلية، ولدي بجانب الحديقة مساحة لزراعة المحاصيل التي تزرع في البيت كالرشاد والكرفس والسلق والفجل والشجر والخيار وقبل الحجر اشتريت المعدات المطلوبة لهذا الغرض".
ويضيف انه "بعد الظهر أتابع فيلما عربيا عبر التلفزيون وفيلما حديثا اجنبيا عبر النيت، ولحد الآن قرات ثلاث روايات (ساعة بغداد) لشهد الراوي و رواية (ثلاث خطوات نحو المشنقة) لجان دوست و رواية (لا تصدق ما يقال) لآمال البشيري".
ويردف كاظم بالقول، إنه يقضي "باليوم كاملاً نصف ساعة للوسائل الاجتماعية ونصف ساعة رياضة مشي في الحديقة، وقمت بالغاء وجبة طعام أي انني افطر بالساعة 11 صباحاً و اشرب الشاي مع الكعكة في الرابعة مساءً والعشاء اغلبها في الساعة السابعة مساءً واهتم بالتواصل مع الأهل".
ويوضح كاظم "اعتقد ان هذا الحجر له منافع أيضاً وبالأخص في تقوية العلاقات الاجتماعية، أقول وانصح كل الإنسانية وبالأخص في بلدي المتردي من الناحية الصحية نعم صعب ان تبقى في البيت لكن كل شيء له حل وحل محاربة فايروس كورونا هو الحجر المنزلي لا تيأس فكر إيجابياً كن حذراً فهذا الفايروس لا يرحم".
ويبدو أن فئة الرجال هي الأكثر تضرراً من العزلة المنزلية الإجبارية، على اعتبار أن العراق بلد محافظ يتولى فيه النساء تدبير شؤون المنزل بينما يعمل الرجال في الخارج لتأمين قوت العائلة.
ويؤكد الأكاديمي الدكتور عبد الواحد دزيي مختص في علم الاجتماع، على آثار كبيرة يخلفها الحجر الإجباري على نفوس الناس.
ويقول دزيي لشفق نيوز، إن "الحجر الصحي الاجباري له تأثير كبير على نفسية المواطنين، فبعد أن عاشوا في بيئة تعودوا خلالها التصرف بحرية ثم تقيد حركاتهم، فبكل أكيد سيكون عليهم ضغط نفسي كبير وسلبي عليه".
ويضيف، أن "الأفضل للشخص اللجوء الى القراءة او يشغل نفسه ببعض الامور المنزلية او مشاهدة بعض الافلام الكوميدية حتى لا يشعر بالملل، لأن هذا سوف يزيد من المشكلات العائلية في وقت جاء الحجر الصحي من أجل المحافظة على حياته وحياة عائلته".
من الواضح أن المجتمعات حول العالم لم تكن مستعدة لهذه التغييرات الهائلة في حياتها بين ليلة وضحاياها، الأمر الذي من شأنه جر تلك المجتمعات إلى مشاكل وأزمات جانبية لم يكن بعضها في الحسبان.
ويقول عكيد أحمد، وهو من سكنة أربيل، "يوميا تحدث مشكلات عائلية، وأصبحنا نتعارك على أبسط الامور".
ويضيف أحمد لشفق نيوز، "في السابق لم نكن نهتم بطريقة طهي الطعام او الشاي، ولكن لكوننا في المنزل وبدأنا نتدخل في بعض الامور فتخلق حساسية لدى زوجتي ونتعارك عندما انتقدها في أمور المنزل".