شفق نيوز/ الولايات المتحدة وإيران يمكنهما تجنب حرب بينهما إذا تعاملتا مع العراق على أنه منطقة محايدة على غرار ما تم مع فنلندا والنمسا خلال الحربين العالمية الثانية والباردة، وفق مقال لمجلة فورين بوليسي.
وبما أن لا شك في دعم إيران لفصائل وقوى تعتبرها واشنطن "إرهابية"، وضرورة تقييد وصولها إلى الأسلحة التقليدية وهو أمر يحظى بتوافق بين المشرعين الأميركيين الذين يدعون لتمديد الحظر بيع طهران تلك الأسلحة، إلا أن سياسات إدارة الرئيس دونالد ترامب المعروفة بـ"حملة الضغط الأقصى" تنطوي على خطر أكبر.
هذا الضغط يمكن أن يوقع الولايات المتحدة في "حرب اختيارية" أخرى في الشرق الأوسط، بحسب ما جاء في المقال الذي كتبه ألبرت وولف، عميد كلية الدراسات الدولية في الجامعة الأميركية في كوردستان، دهوك.
ويحذر المقال من احتمال اندلاع نزاع آخر في المنطقة، مشيرا إلى أنه "من خلال ممارسة الضغط، ودعم تغيير النظام، والعمل على قطع وصول النظام إلى الموارد من دون تقديم حوافز أو إشارات إيجابية على أن الامتثال سيكافأ من قبل الولايات المتحدة، هناك فرصة أكبر لانتقام إيراني من خلال مهاجمة القوات الأميركية بشكل مباشر كالانتقام الذي جاء في الأشهر التي تلت اغتيال قاسم سليماني أو التصعيد غير المقصود مثل ما حدث الشهر الماضي عندما اقتربت زوارق سريعة إيرانية من سفن حربية أميركية في الخليج" والذي رد عليه ترامب بتغريدة أمر فيها بإسقاط وتدمير أي سفن إيرانية تتحرش بالسفن الأميركية.
لكن الولايات المتحدة وإيران بإمكانهما، وفق المقال، أن "تجنبا مواجهات مثل تلك والتي قد تتطور بسهولة لتصبح حربا، من خلال الاتفاق على فنلندة العراق" في إشارة إلى تطبيق التجربة الفنلندية في العراق.
ويقول وولف إن العراق سيصبح دولة محايدة مثل فنلندا خلال الحرب الباردة، وسيكون "مجالا لضبط النفس، ولن يستخدم كحلبة للتنافس على النفوذ، ولن يحاول الهيمنة على آخرين كما فعل في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين".
ويؤكد أن أفضل طريقة لتهدئة التوترات الآن تتمثل في "فنلندة" العراق، مشيرا إلى أنه بعد وقت قصير من اندلاع الحرب العالمية الثانية طالب الاتحاد السوفياتي فنلندا بالتنازل عن مساحة كبيرة من أراضيها من أجل حماية لينينغراد. لكن الفنلنديين رفضوا وفضلوا القتال بدل الإذعان، فغزا السوفيات بلدهم في ما أصبح يعرف باسم حرب الشتاء.
النزاع الذي استمر لأكثر من ثلاثة أشهر، تكبد خلاله الغزاة خسائر بشرية كبيرة، كما قاموا بتخفيض مطالبهم بشكل كبير على طاولة مفاوضات السلام في 1940. وفي 1948، تم تدشين كلمة "فنلندة" "Finlandization" والتي توصف بـ"الحياد النشط والمبدئي".
واتفق الفنلنديون والسوفيات على أن فنلندا لن تنضم إلى أي تحالف مع قوة معادية لموسكو، في مقابل احترام السوفيات استقلال فنلندا. وبموجب ذلك الترتيب، تجنبت فنلندا أن تصبح دولة دمية، بينما تجنب السوفيات وجود جار معاد لهم.
الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وبريطانيا وفرنسا توصلت إلى ترتيب مماثل عندما وافقت على الانسحاب من النمسا في معاهدة الدولة النمساوية عام 1955. وبعد فترة وجيزة على مغادرة قوات الحلفاء، تبنى برلمان النمسا مشروعا يعلن حياد البلاد.
ويختتم مقال فورين بوليسي بالتأكيد على أنه بإمكان الولايات المتحدة وإيران الاتفاق على معاملة العراق على أنه "مجال ضبط النفس" أو منطقة محايدة، مثلما اتفقت الولايات المتحدة والحكومات السوفياتية على معاملة دول مثل فنلندا والنمسا خلال الحرب الباردة، مشيرا إلى أن تلك الترتيبات ثبت نجاحها في تلك الدول وكذلك في سويسرا والسويد.