شفق نيوز/ كشف مراسل صحفي تابع لتنظيم "داعش" الارهابي موقوف على ذمة القضاء العراقي عن آلية العمل داخل وكالة اعماق الاخبارية، لافتاً إلى أن مصادر معلوماتهم تأتي من مسؤولي القواطع العسكرية، موضحاً أن عرض النشاطات في الوكالة تسبقها عملية تدقيق تتولاها لجنة تتفحص النصوص من النواحي الصحفية واللغوية وتتأكد من بعض الحوادث قبل عرضها على الرأي العام.
وفيما أشار المراسل المكنى بـ"ابو صالح" إلى أن الماكنة الاعلامية للتنظيم تركز حالياً على عرض الخروق الامنية في بغداد، لفت إلى أنها تتعمد في بعض الاحيان تضخيم وتهويل الهجمات، كما أنها تستخدم التصوير الخفي داخل العاصمة للاشجار والبساتين بحجة أن لديها موطئ قدم فيها.
وقال ابو صالح في حديث اورده لشفق نيوز، "المركز الاعلامي للسلطة القضائية" إن "مصدر مراسلي الماكنة الاعلامية لتنظيم داعش في المعلومات تأتي من مسؤولي القواطع العسكرية"، لافتاً إلى أنهم "يعطوننا المستجدات على الساحة نتيجة الهجمات التي يشنها التنظيم ضدّ القوات الامنية أو المدنيين المتواجدين في الاحياء السكنية أو الاسواق".
وأضاف أن "كل مراسل لديه بحسب قاطعه تعامل مع مخولين بمنحه المعلومات أو الصور"، منوهاً إلى أن "قاطعنا يتعامل مع ثلاثة اشخاص ويكون الحصول على المعلومات منهم".
وأردف أبو صالح أن "المراسل يقوم بنقل الخبر إلى المسؤول الاعلامي للقاطع أو مساعده حصراً"، مشيراً إلى أن "هذا الشخص يتسلم الاخبار من مراسلين عدة داخل قاطعه كل واحد منهم معني بمنطقة معينة".
وذكر أن "الخبر يرسل من قبله إلى الجهة الاعلامية المركزية لما يعرف بدولة الخلافة لكي يتم التعامل معه أما بنشره أو الاحتفاظ به".
وفيما افاد المراسل الصحفي لداعش بأن "نشر الاخبار يكون عبر البوابات الاعلامية الخاصة بالتنظيم، لاسيما وكالة اعماق الاخبارية"، شدّد على أن "المقاطع الفيديوية ترسل كاملة لكي تتعرض بعدها إلى التقطيع وعمليات مونتاج من قبل متخصصين في الجانب الفني وفق برامج متطورة".
ونوّه إلى أن "البيانات الميدانية قد يتأخر نشرها يومين أو ثلاثة على اكثر تقدير"، منبهاً إلى "اخبار اخرى تنشر في اليوم ذاته بحسب قوتها وتأثيرها في الشارع وذلك يعتمد ايضاً على كفاءة المراسل في نقله التفاصيل بدقة معززة بالصور أو التسجيلات الفيديوية".
وأستطرد أبو صالح أن "الماكنة الاعلامية الرسمية لداعش تعتمد في بياناتها على لجنة فنية متخصصة تقوم بتدقيق الاخبار من النواحي اللغوية والصحفية قبل بثه".
ولفت إلى أن "التنظيم يتولى التأكد من صحة بعض المعلومات التي ترده قبل نشرها من خلال اتصاله بالمسؤولين العسكريين للقواطع".
وزاد ابو صالح أن "وكالة اعماق ركزت في المدة الاخيرة على احداث بغداد"، مستطرداً أن "النشر يحصل لاي حادث تعرضي على القطعات العسكرية داخل العاصمة حتى لو كان بسيطاً ولم يترك اثاراً كبيرة".
وأرجع مراسل اعماق ذلك إلى "رغبة داعش في التغطية على الخسائر التي تعرض لها في المحافظات الشمالية والغربية، وبالتالي فأنه يتحدث عن انتصارات تحصل على جبهات أخرى".
وافاد بأن "نشر المقاطع المصورة يكون فقط للتسجيلات التي فيها دقة عالية"، مبيناً أن "ذلك يعكس الاهتمام الكبير لتنظيم داعش بالملف الاعلامي وحرصه على اظهار نشاطاته بتقنية عالية تواكب التطور لكي تكون صالحة للعرض في القنوات الفضائية الدولية".
ونوّه مراسل داعش الصحفي إلى أن "الاخبار اخذت في وكالة اعماق منحى مبالغ فيه"، واضاف "في احدى المرات ارسلت خبراً عن تعرض لبرج مراقبة يعود إلى الجيش العراقي، لكن الوكالة نشرته على أنه هجوم كبير طال ثكنة عسكرية في حزام بغداد".
وتابع "تحدثت مع المسؤول الاعلامي للقاطع الذي اعمل فيه عن سبب هذا التهويل وحذرته بأن ذلك يقلّل ثقة الرأي العام بمعلوماتنا؛ لأن العمل الصحفي يتطلب الدقة في نقل المعلومة التي بات كشف حقيقتها سهل للغاية مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية التي بامكانها تصوير مكان الحادث".
وأردف أبو صالح أن "الجواب جاء بأن طبيعة المعركة تتطلب زخماً اعلامياً لكي نقنع الشارع بأننا اقوياء على الساحة، وكذلك لرفع معنويات مقاتلينا في المدن التي تشهد معارك طاحنة مع القوات العراقية بأن هناك مشاغلة في المناطق الامنة".
وأشار إلى "اسلوب اخر يعتمده التنظيم في الجانب الاعلامي"، مردفاً ان "كاميرا ذات تقنية عالية تسلمتها خلال هذه السنة للقيام ببعض الواجبات".
ونوه أبو صالح إلى أن "هذه الواجبات تتعلق بتصوير بساتين التمر والفواكه في العاصمة"، مبيناً ان "اللقطات تنشر على شكل تقرير مصور مذيل بعبارة المحاصيل في ولاية بغداد التابعة لداعش".
واستطرد أن "الغرض من هذه العملية ايصال فكرة للرأي العام بأن لدينا موطئ قدم في العاصمة ونستطيع أن نصوّر ما نشاء، رغم أن عمليات التوثيق الصحفي تجري خلسة في ساعات الظهيرة وبعيداً عن اعين المواطنين".
ويسترسل مراسل اعماق "لم اكن اعلم بأنني ساعمل في الاعلام يومياً، فكنت بعيداً عن الصحافة ولا اتابع القنوات الفضائية لكن عدم مقدرتي على حمل السلاح جعلني اقدم هذا النوع من الخدمات".
ومضى إلى أنه قام بارسال العديد من التسجيلات المصورة لهجمات دموية في بغداد، مضيفاً ان "من بينها تفجير ساحة عدن قرب منطقة الكاظمية، واقتحام معمل غاز التاجي خلال العام الحالي".
وأكمل ابو صالح بالقول إن "التنظيم كان يمنحني راتباً شهرياً تحت مسمى (الكفالة) تصل إلى 400 دولار شهرياً أو ما يزيد عليها، لكنها تراجعت بعد ذلك تحت تأثير التقشف إلى 220 الف دينار فقط".