شفق نيوز/ في ساحة حي القلعة وسط تلعفر يقف مقاتل عراقي قال إن اسمه أبو عباس من كربلاء، يرفع هاتفه لالتقاط "سيلفي النصر" فرحا بطرد داعش من المدينة.
يقول متهكما وملوحا بسلاحه "باقية وتتمدد؟ أين هم؟ ما شفناهم!" في إشارة إلى عبارة شهيرة كان عناصر تنظيم داعش يرددونها.
يحمل هذا المقاتل مع رفاقه راية سوداء كبيرة لداعش بالمقلوب ويبدأون بالتهليل وإطلاق الأهازيج الدينية فرحا بتحرير المدينة من قبضة داعش.
قبل الاحتفال، وأثناء التنعم بمياه النبع الباردة في المنطقة ذاتها، يخطر في بال أحد المقاتلين سؤال يطرحه على زملائه "يا جماعة، هل يمكن تفخيخ الماء؟"، في إشارة إلى ما يتبعه تنظيم داعش من أسلوب تفخيخ البيوت والطرقات والمركبات قبل الانسحاب من المكان.
البيوت في ساحة حي القلعة تبدو مدمرة نتيجة القصف والاشتباكات، هذا ما يبدو خارجها، لكن لا يمكن تفقدها من الداخل خشية وجود مفخخات وضعها التنظيم.
مشهد تنكيس علم داعش وقلبه يتكرر مع تقدم القوات العراقية في أحياء تلعفر، لكن في وسط ساحة حي القلعة الأمر مختلف بعض الشيء لرمزية المكان، فقد استعادت القوات العراقية السيطرة على صرح تاريخي كان التنظيم فجر أحد أسواره مع دخوله المدينة عام 2014.
وكانت القلعة تضم مقر البلدية والشرطة المحلية بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003. واستخدمت القلعة نفسها كقاعدة عسكرية للقوات الأميركية في معركة تلعفر في 2005.
وسيطر تنظيم داعش على مدينة تلعفر في حزيران/يونيو 2014 خلال هجومه وسيطرته على مساحات واسعة من العراق وسورية المجاورة.
ومنذ ذلك الحين، استخدم مسلحو داعش القلعة كسجن يوضع فيه المدنيون من الرجال والنساء، قبل إقدامهم على تفجير الأسوار الشمالية والغربية، ما تسبب بأضرار كبيرة واستدعى إدانة من منظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
يقول عبد الحمد العطار (49 عاما) الذي يقاتل ضمن قوات الحشد الشعبي لوكالة الصحافة الفرنسية: "خلال عملية التحرير، عثرنا على قيود وسلاسل كان يستخدمها الدواعش مع الأسرى".
ويعتبر العطار أن "للقلعة أثرا تاريخيا عميقا بالنسبة للعراقيين والعرب أجمعين، أساس الحضارة هنا"، مضيفا "تألمنا للمشاهد البشعة التي خلفها داعش".
وأنهت القوات العراقية، بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، عملية تحرير مدينة تلعفر آخر أكبر معقل للتنظيم في محافظة نينوى قبل التوجه إلى العياضية الواقعة على بعد حوالى 15 كيلومترا شمالا.
واستعادت القوات العراقية السبت السيطرة على مركز مدينة تلعفر وقلعتها التاريخية الواقعة وسط المدينة.
ولا تقارن مدينة تلعفر بالموصل من الناحية الرمزية ولا من حيث المساحة، لكن استعادتها تمثل ضربة كبيرة للتنظيم إذ أنها تقطع خط إمدادهم بين البلدين.