شفق نيوز/ يرى مراقبون ومحللون أن شبكة نفوذ إيران في العراق تعرضت لضربتين موجعتين مؤخرا بعد أن أعلنت أربعة فصائل شيعية رئيسة انسحابها من وحدات الحشد الشعبي المدعومة من إيران، بالتزامن مع ترشيح محافظ النجف السابق عدنان الزرفي لرئاسة الحكومة المقبلة.
ويشير تقرير نشره معهد ابحاث الشرق الأوسط للإعلام ومقره واشنطن إلى أن هاتين الضربتين لوكلاء إيران في العراق جاءتا في وقت لم يتعافوا فيه بعد من ضربة قاصمة تعرضوا لها مطلع هذا العام بخسارة قائد فيلق القدس قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد أبو مهدي المهندس في ضربة أميركية قرب مطار بغداد.
وفقا للتقرير فإن سبب انسحاب الفصائل الأربعة وهي كل من لواء أنصار المرجعية ولواء علي الأكبر وفرقة العباس القتالية وتشكيلات فرقة الإمام علي القتالية يعود إلى خلافات داخلية واعتراضهم على تزايد نفوذ إيران داخل هيئة الحشد الشعبي.
يضيف التقرير أنه في 18 آذار الجاري أعلنت هذه الفصائل الموالية للمرجع الشيعي الأعلى آية الله العظمى علي السيستاني الموافقة على دمج مقاتليها في المنظومة الأمنية العراقية الرسمية. وجاءت هذه الأنباء، بحسب المعهد الأميركي، بعد اجتماع عقد في وزارة الدفاع العراقية بين قادة الفصائل الأربعة ووزير الدفاع نجاح الشمري لمناقشة آلية تنفيذ الاندماج، حسبما أفادت تقارير محلية.
وبحسب وسائل إعلام محلية فقد شدد الحاضرون في الاجتماع على "حاجة فصائل الحشد الشعبي إلى الابتعاد عن تأثير المحاور الدولية والإقليمية وتركيز اهتمامهم على محاربة تنظيم داعش وأن يكونوا ضمن سلطة الدولة العراقية". ويتابع التقرير أن قادة هذه الفصائل الأربعة كانوا قد التقوا في وقت سابق مع نظرائهم من الفصائل المدعومة من إيران لإبلاغهم رسميا بقرارهم بالانفصال عن الحشد الشعبي، وجاء هذا الأمر مباشرة بعد أن حصلوا على موافقة الشيخ عبد المهدي الكربلائي أحد أبرز مساعدي السيستاني.
ويشير انسحاب هذه الفصائل المدربة والمجهزة جيدا من وحدة الحشد الشعبي إلى ما يظهر أنه قرار من قبل السيستاني لإنهاء فتواه التي أطلقها في عام 2014 وطلب فيها من كل عراقي قادر على حمل السلاح الدفاع عن البلاد ضد تهديد تنظيم داعش.
وقد استعملت هذه الفتوى الشهيرة فيما بعد كغطاء شرعي من قبل الفصائل المدعومة من إيران لتعزيز سلطة الميليشيات المسلحة على حساب سلطة الدولة العراقية. واتهمت الفصائل المدعومة من إيران المنضوية في الحشد الشعبي منذ ذلك الحين بارتكاب جرائم حرب في المناطق "السنية" التي كانت تحت سيطرة داعش ومهاجمة قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة.
وكان رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي أصدر مرسوما في تموز 2019 يأمر جميع قوات الحشد الشعبي بالاندماج بشكل كامل في قوات الأمن العراقية، ولكن لم يتم اتخاذ أي خطوات عملية لتنفيذ القرار.
ويلفت تقرير معهد أبحاث الشرق الأوسط للإعلام إلى أن انسحاب الموالين للسيستاني من الحشد الشعبي يأتي بعد أنباء عن تصاعد التوتر مع الفصائل المدعومة من إيران بشأن اختيار نائب جديد لرئيس هيئة الحشد الشعبي ليحل محل أبو مهدي المهندس. وكانت الفصائل الأربعة أصدرت في 22 شباط الماضي بيانا مشتركا رفضت فيه ترشيح القيادي في كتائب حزب الله أبو فدك المحمداوي لهذا المنصب، وهددت بالانسحاب في حال لم تعمد الحكومة على الحد من النفوذ الإيراني داخل الحشد.
وتزامنت هذه التحركات مع الجهود التي بذلها الرئيس العراقي برهم صالح والكتل البرلمانية المناهضة لإيران، للدفع بترشيح الزرفي لرئاسة الوزراء. وأثار ترشيح عدنان الزرفي للمنصب رد فعل غاضب بين السياسيين المدعومين من إيران الذين يرون في علاقاته الوثيقة مع الولايات المتحدة تهديدا لأجندة طهران في العراق.
ويشير التقرير إلى أن الخلافات بين القوى الموالية لإيران التي تلت ترشيح الزرفي تشير إلى استمرار حالة التشظي والفوضى التي يعاني منها الموالون لإيران منذ مقتل سليماني والمهندس. ويتابع أن ترشيح الزرفي حصل في ذات اليوم الذي أعلنت فيه الفصائل الموالية للسيستاني الانسحاب من هيئة الحشد الشعبي. ويمثل ترشيح الزرفي ضربة للكتل المدعومة من إيران التي تضغط من أجل إبقاء عادل عبد المهدي رئيسا للوزراء، برغم تقديمه للاستقالة في كانون الاول الماضي على خلفية الاحتجاجات الشعبية المناهضة لحكمه.