2018-05-14 10:57:00

شفق نيوز/ تفتتح الولايات المتحدة سفارتها الجديدة في القدس يوم الاثنين في خطوة أسعدت الإسرائيليين وأثارت غضب الفلسطينيين.

وتتم مراسم الافتتاح في مبنى القنصلية الأمريكية في حي أرنونا بالقدس حيث سيصبح مقرا مؤقتا للسفارة يعمل فيه السفير وعدد صغير من العاملين وذلك لحين العثور على موقع أكبر مساحة.

ويقع المجمع على خط الهدنة لعام 1949 الذي فصل القدس الغربية عن الأرض التي تحتلها إسرائيل منذ حرب 1967.

ويأتي نقل السفارة في أعقاب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ديسمبر كانون الأول الماضي الخروج على ما سارت عليه السياسة الأمريكية لعشرات السنين باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل.

ورحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقرار ترامب وقال إنه يعكس ”أن الشعب اليهودي كانت له عاصمة منذ 3000 سنة وأن اسمها القدس“.

غير أن هذه الخطوة أثارت استياء العالم العربي والحلفاء الغربيين. ووصفها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنها صفعة على الوجه وقال إن واشنطن لم تعد تصلح للقيام بدور الوسيط النزيه في أي محادثات سلام مع إسرائيل.

وقال ترامب إن إدارته تعد مقترحا للسلام وإن الاعتراف بالقدس عاصمة لأقرب حلفاء الولايات المتحدة ”رفع القدس، أصعب البنود في المفاوضات، من على المائدة“.

* لماذا اعترف ترامب بالقدس عاصمة لاسرائيل وأعلن قرار نقل السفارة إليها؟

يضغط الساسة المؤيدون لإسرائيل في واشنطن منذ مدة طويلة لنقل السفارة إلى القدس كما أن ترامب قطع على نفسه وعدا خلال حملة الدعاية الانتخابية في 2016 بتحقيق ذلك.

قوبل القرار بالترحيب من جانب كثيرين من المحافظين والمسيحيين الإنجيليين الذين صوتوا لصالح ترامب ونائبه مايك بنس.

وجاء قرار ترامب تنفيذا لقانون صدر عام 1995 يقضي بأن تنقل الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس لكن الرؤساء بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك أوباما دأبوا على توقيع مراسيم لتأجيل التنفيذ.

واستشهد ترامب في إعلان قراره في السادس من ديسمبر كانون الأول الماضي بالقانون وأشار إلى أن الرؤساء الثلاثة السابقين ”كانوا يفتقرون للشجاعة“ وقال ”لقد أخفقوا في التنفيذ. واليوم سأحقق أنا ذلك“.

تتلخص الإجابة في الدين والسياسة والتاريخ.

فالمدينة مقدسة في اليهودية والمسيحية والإسلام ولكل من الديانات الثلاث مواقع لها أهمية كبرى فيها وبسببها قامت حروب منذ آلاف السنين خاضها سكانها وقوى إقليمية وغزاة من خارج المنطقة منهم المصريون والبابليون والرومان وحكام الدولة الإسلامية الأوائل والصليبيون والعثمانيون والامبراطورية البريطانية وفي العصر الحديث إسرائيل وجيرانها من الدول العربية.

وتعتبر الحكومة الإسرائيلية القدس عاصمة أبدية موحدة للبلاد رغم أن هذا الوضع لا يحظى باعتراف دولي. ويريد الفلسطينيون أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية.

بل إن للمدينة اسمين مختلفين فاليهود يسمونها أورشليم أو جيروسالم والعرب يسمونها القدس.

وفي قلبها يقع تل يسميه اليهود في مختلف أنحاء العالم جبل المعبد ويعرفه المسلمون في أنحاء العالم باسم الحرم الشريف. ويقول اليهود إنه موقع معابد يهودية قديمة لكن كل ما تبقى منها فوق الأرض حائط مما بناه هيرود العظيم يعرف باسم الحائط الغربي يؤدي عنده اليهود صلواتهم.

 

وعلى بعد أمتار من الحائط موقعان لهما قدسيتهما عند المسلمين هما قبة الصخرة والمسجد الأقصى الذي بني في القرن الثامن ويعد ثالث الحرمين الشريفين بعد مكة والمدينة المنورة.

كما تعد المدينة مزارا مهما للمسيحيين الذين يقدسون الموقع الذي يعتقدون أن المسيح عيسى وقف فيه يعظ الناس وصُلب وبُعث فيه.

* ما هو التاريخ الحديث للمدينة ووضعها؟

في 1947 قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة تقسيم فلسطين التي كانت خاضعة آنذاك للانتداب البريطاني إلى دولتين الأولى عربية والثانية يهودية. لكنها اعترفت بأن للقدس وضعا خاصا واقترحت وضعها تحت الحكم الدولي مع بيت لحم القريبة منها على أن تديرهما الأمم المتحدة.

لم يحدث ذلك قط. وعندما انتهى الحكم البريطاني في 1948 احتلت القوات الأردنية المدينة القديمة والقدس الشرقية العربية. واستولت إسرائيل على القدس الشرقية من الأردن في حرب 1967 وضمتها إليها.

وفي العام 1980 أصدر البرلمان الإسرائيلي قانونا أعلن القدس عاصمة موحدة لإسرائيل. لكن الأمم المتحدة تعتبر القدس الشرقية أرضا محتلة وترى أن وضع المدينة محل نزاع لحين تسويته من خلال المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. ويتولى عاهل الأردن مسؤولية الإشراف على الأماكن الإسلامية المقدسة.

* هل لبلد آخر سفارة في القدس؟

ستنقل جواتيمالا سفارتها من تل أبيب إلى القدس في 16 مايو آيار أي بعد يومين فحسب من نقل السفارة الأمريكية إلى المدينة. وستتبعها باراجواي في وقت لاحق من الشهر الجاري.

وقال نتنياهو في أبريل نيسان إن نحو ست دول ”تبحث بجدية“ الاقتداء بالخطوة الأمريكية لكنه لم يذكر اسم أي منها.

وفي ديسمبر كانون الأول وافقت 128 دولة على قرار غير ملزم في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو الولايات المتحدة إلى التخلي عن اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل. واعترضت على القرار تسع دول بينما امتنعت 35 دولة عن التصويت ولم تشارك فيه 21 دولة.

* ما هي الخطوة التالية المرجحة؟ وهل سبق أن كانت القدس نقطة ساخنة؟

منذ إعلان ترامب عن قراره وقعت احتجاجات فلسطينية وحدثت توترات ونظم الفلسطينيون احتجاجات في القدس وغزة والضفة الغربية. وقتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 40 فلسطينيا في غزة خلال الاحتجاجات على الحدود مع قطاع غزة على مدى ستة أسابيع.

وتبلغ الاحتجاجات ذروتها في 15 مايو أيار الذي يعتبره الفلسطينيون يوم النكبة إذ فقدوا فيه بيوتهم وأراضيهم مع قيام إسرائيل. ويكتسب هذا اليوم أهمية خاصة هذا العام لأنه اليوم التالي لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

ورغم أن الاشتباكات لم تصل إلى مستوى الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى (1987-1993) والثانية (2000-2005) فقد سبق أن تفجرت أعمال عنف بسبب مسائل السيادة والدين.

وفي العام 1969 حاول مسيحي استرالي حرق المسجد الأقصى وفشل في مسعاه لكنه تسبب في إلحاق أضرار به وأثار الغضب في مختلف أنحاء العالم العربي.

وفي العام 2000 قاد السياسي الإسرائيلي ارييل شارون أثناء زعامته للمعارضة مجموعة من النواب الإسرائيليين إلى مجمع الحرم الشريف وتطورت الاحتجاجات الفلسطينية على ذلك إلى الانتفاضة الثانية.

كما وقعت مواجهات دامية في يوليو تموز الماضي بعد أن نصبت إسرائيل أجهزة للكشف عن المعادن في مدخل المجمع بعد أن قتل مسلحون من عرب إسرائيل شرطيين إسرائيليين هناك.

 

وقد حذر قادة عرب في مختلف أنحاء الشرق الأوسط من أن خطوة نقل السفارة قد تؤدي إلى اضطرابات وتضر بالمساعي الأمريكية لاستئناف محادثات السلام المتوقفة منذ فترة طويلة بين اسرائيل والفلسطينيين.

رويترز