شفق نيوز/ شهدت مناطق عدة متنازع عليها في محافظة ديالى خلال الفترة الاخيرة نشاطاً ملحوظاً لتنظيم "داعش" تمثل في هجمات ارهابية انهت حياة مدنيين وعسكريين على حد سواء.
وعزا مراقبون هذا التراجع الأمني إلى ضعف التنسيق أو إنعدامه بين القوى الأمنية العراقية وقوات البيشمركة والأسايش الكوردية، في ضوء الخلاف والصراع الذي نشب في تشرين الأول عام ٢٠١٧ وإنسحاب قوى الأمن الكوردية من كثير من تلك المناطق، الامر الذي تسبب بالانفلات الامني فيها.
وبرغم ذلك يظهر أن ناحية السعدية في ديالى نأت عن مصير المناطق الاخرى التي عاود داعش نشاطه فيها.
ويسود ناحية السعدية، ( 60 كم شمال شرقي بعقوبة)، المتنازع عليها بين اربيل وبغداد استقراراً امنياً، وانعدام الحوادث والهجمات الارهابية منذ سنوات عدة، بعدما كانت مسرحاً للهجمات والتهجير القومي الذي طال المكون الكوردي بنسبة كبيرة.
وسيطر تنظيم "داعش" على الناحية في حزيران عام 2014، وتمكنت قوات الامن من إستعادة السيطرة عليها في تشرين ثاني من العام ذاته.
ونزحت حينها الآف الأسر من مناطق العظيم والسعدية وجلولاء وشمالي المقدادية وشرقي المنصورية عام 2014 إبان اجتياح العصابات الارهابية لتلك المناطق ومعارك التحرير التي شهدتها تلك المناطق.
ويقول مدير ناحية السعدية احمد ثامر الزركوشي، لوكالة شفق نيوز، إن "ناحية السعدية في المدة الممتدة بين 2005- 2014 كانت تتصدر الحوادث الارهابية والاستهدافات المستمرة للمواطنين بدوافع قومية وطائفية من قبل تنظيم القاعدة سابقاً وأعوانه المتعاطفين معه في القرى والارياف المحيطة بالناحية".
ويبين الزركوشي، أن "إدارة الناحية حذرت آنذاك مراراً وتكراراً من سقوط الناحية بيد القاعدة وضعف القضاء آنذاك والتهاون مع الارهابيين في سجن الناحية او مناطق اخرى"، لافتاً إلى أن "عشرات الهجمات طالت مكونين اثنين لإجبارهما على النزوح ومغادرة الناحية"، في إشارة إلى المكونين الكوردي والشيعي وكذلك الشخصيات الحكومية والامنية.
ويكشف الزركوشي عن "وجود 6 قرى في الناحية دمرتها عصابات القاعدة وداعش الارهابييتين بنسب 60 الى 100% ومازالت عبارة عن انقاض ومخلفات مهملة منذ سنوات طويلة"، مشيراً الى "تواجد مئات الأسر النازحة لاتتمكن من العودة بسبب الظروف الخدمية او الاجراءات الامنية".
ويؤشر مدير ناحية السعدية "استقراراً أمنياً واضحاً في الناحية منذ سنوات عدة، وخلوها من أية حوادث او هجمات إرهابية مؤثرة بفعل العمليات العسكرية وإمتدادها الى مناطق حوض حمرين الساخن إلى جانب تدمير الأوكار والمعاقل الإرهابية من قبل الطيران الحربي والاجهزة الإستخبارية".
بدوره، يلفت الخبير الأمني فؤاد البياتي الى "قيام تنظيم داعش والقاعدة الارهابيين خلال الفترات الممتدة بين 2009- 2014 بإحداث تغييرات ديموغرافية في ناحية السعدية من خلال تهجير وقتل الكورد والشيعة ما سبب انخفاض نسبة السكان الكورد في مناطق السعدية الى 10 او 15%"، مبيناً في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "آثار التغييرات الديموغرافية في السعدية مازالت قائمة وما تزال مئات الأسر الكوردية خارج الناحية؛ تقطن في إقليم كوردستان او مخيمات النازحين في اطراف قضاء خانقين".
ويشير البياتي إلى "إحصائيات شبه رسمية تظهر أن الأرقام تسجل تناقصاً في أعداد الكورد في السعدية من 4000 أسرة الى أعداد لا تتجاوز 1500 اسرة حاليا".
ويكشف مصدر امني رفيع، عن "وجود 17 قرية لم تعد ضمن الناحية منذ احداث داعش عام 2014 وحتى الان بسبب تدمير القرى او إنعدام المقومات الخدمية والمعيشية".
ويعزو المصدر، عبر شفق نيوز، الاستقرار والتحسن الامني في السعدية الى "عدم عودة كثير من القرى المذكورة بسبب ارتباطها او تواطئها مع الجماعات الارهابية بدوافع طائفية او قومية"، محذراُ في الوقت ذاته من "عودة قرى حاضنة للارهاب مرة اخرى الى اطراف السعدية ما يفسح في المجال لجماعات وجيوب ارهابية نائمة بالظهور مرة اخرى وعودة مسلسل الانحدار الامني من جديد".
وتعد ناحية السعدية من المناطق الساخنة امنيا، وشهدت حوادث امنية وخروقات مستمرة في اعوام خلت قبل الاستقرار الامني، بسبب قربها من تلال حمرين اكبر معاقل التنظيمات الارهابية وهي من المناطق المشمولة بالمادة 140 من الدستور العراق والمتنازع عليها بين بغداد واربيل.
يذكر ان نسبة الكورد في السعدية كانت سنة 1957 تشكل 80% من نسبة السكان، فيما اصبحت نسبتهم الآن لا تتجاوز الـ 20% من جراء عمليات الترحيل القسري من قبل النظام السابق وعمليات القتل والتهجير المنظم التي بدأت منذ عام 2007 من قبل فلول تنظيم القاعدة سابقا .