شفق نيوز/ يحتفل العالم في الخامس والعشرين من نوفمبر باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، إذ لا تزال تعاني واحدة من بين كل ثلاث نساء من العنف الذي يعد أحد أشكال انتهاك حقوق الإنسان وفق منظمة الصحة العالمية.
وتعرف الأمم المتحدة العنف الممارس ضد المرأة بأنه "أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة".
العنف ضد المرأة سبب جوهري للوفاة
عربيا، فإن ربع الأسر في بعض الدول ينتشر فيها العنف بحسب استطلاع حديث لـ "الباروميتر العربي"، والذي يشمل استخدام العنف من قبل أحد أفراد الأسرة تجاه أخر، وبما لا يشمل العنف ضد الأطفال بحجة التأديب أو العقاب.
وأفاد نحو 25 في المئة من المشاركين في الاستطلاع من اليمن والمغرب ومصر والسودان بانتشار العنف في الأسر، فيما تقل هذه النسبة في لبنان وتونس والأردن وليبيا.
العنف الأسري
وتعاني نحو 26 في المئة من الأسر في اليمن من العنف الأسري، ونحو 32 في المئة منها من طبقة ذوي الدخل أعلى من المتوسط، وحوالي 26 في المئة ضمن فئة الحاصلين على شهادات ثانوية عامة، و25 في المئة من الحاصلين على شهادات أكاديمية عليا. بحسب الحرة.
وتليها المغرب التي تبلغ فيها نسبة العنف الأسري 25 في المئة، و24 في المئة من الأسر التي ينتشر فيها من طبقة الدخل أعلى من المتوسط و21 في المئة من طبقة الدخل أقل من المتوسط.
وجاءت مصر ثالثة بنسبة 23 في المئة، والسودان 22 في المئة، والجزائر 21 في المئة، والأراضي الفلسطينية 14 والعراق 12 في المئة.
وكانت أقل نسب للعنف الأسري في لبنان وتونس والأردن بـ6 في المئة في كل منها، تبعتهم ليبيا بـ 7 في المئة.
ويعد العنف ضد المرأة أسوأ أنواع العنف الأسري، والذي صنفته منظمة الصحة العالمية ضمن "المشكلات الصحية الكبرى".
وتشير بيانات المنظمة إلى أن "حالات النزاع والأوضاع التي تعقبه وحالات النزوح في تفاقم العنف وظهور أشكال عنف إضافية تمارس ضد المرأة".
وفي الدول العربية، فأكثر من نصف العائلات التي ينتشر فيها العنف تكون المرأة هي الضحية غالبا.
وفي بعض الحالات تكون النساء أكثر الضحايا للعنف الأسري، ومن أمثلة ذلك، لبنان رغم أن نسبة العنف الأسري فيها لا تتجاوز الـ6 في المئة بحسب استطلاع "الباروميتر العربي" إلا أن 82 في المئة من الأسر التي تشهد عنفا تكون النساء ضحايا.
وأما في اليمن التي تعد الأعلى عربيا في انتشار العنف الأسري، إلا أن الأسر التي تعاني فيها النساء من العنف تشكل 30 في المئة من بين ربع العائلات اليمنية.
وتظهر نتائج الاستطلاع أن العنف ضد النساء يعد أكثر انتشارا في المغرب ومصر حيث ينتشر بين أكثر من 70 في المئة من ربع العائلات في كل منهما.
وفي الجزائر فإن 66 في المئة من خمس العائلات تعاني فيها المرأة من العنف، وكذلك الأمر في السودان حيث أكثر من نصف خمس العائلات ينتشر فيها العنف ضد النساء.
وتعد النساء ضحية العنف في نصف العائلات التي ينتشر فيها العنف في كل من الأردن والعراق وتونس والأراضي الفلسطينية.
ويبدو أن الأقارب هم الملاذ الأول للنساء المعنفات إذ يلجأن لهم من أجل طلب المساعدة والحماية وفق نتائج استطلاع "الباروميتر العربي"، فيما كان اللجوء إلى مراكز الشرطة أو المستشفيات أو منظمات محلية متواضعا جدا.
وتظهر البيانات أن النساء المعنفات يفضلن اللجوء إلى نساء مثلهن تحديدا من الأقارب من أجل المساعدة.
وكانت لبنان الدولة الوحيدة التي قالت فيها 49 في المئة من المشاركات في الاستطلاع إنهن سيلجأن للشرطة المحلية لطلب المساعدة في حال تعرضن للعنف، و34 في المئة منهن أيدن اللجوء إلى قريبة.
وفي اليمن التي تشهد الانتشار الأوسع للعنف الأسري، فإن 74 في المئة من النساء يفضلن اللجوء إلى الأقارب في حال تعرضهن للعنف، و8 في المئة فقط أبدين رغبة باللجوء إلى الشرطة المحلية.
وفي مصر التي تشهد الانتشار الأوسع للعنف ضد النساء، تلجأ 69 في المئة من المعنفات إلى الأقارب 37 في المئة منهن يفضلن الإناث، فيما قالت 16 في المئة إنهن سيلجأن إلى الشرطة لطلب الحماية.
وفي المغرب تختلف النسب حيث تلجأ النساء اللاتي يتعرضن للعنف إلى الأقارب الذكور وبنسبة 60 في المئة، فيما قالت 9 في المئة أنهن سيلجأن إلى الشرطة المحلية.
وفي السودان رغم ترجيح كفة لجوء المرأة المعنفة إلى قريبة، إلا أن النسبة كانت متقاربة حيث قالت 41 في المئة منهن أنه سيلجأن إلى أقارب ذكور أيضا،
وقال المستطلعة أراؤهم إن 68 في المئة من النساء المعنفات في ليبيا يلجأن إلى نساء أخريات من أقاربهن من أجل المساعدة، فيما تلجأ 32 في المئة إلى أقارب من الذكور، وأحجمت النساء المشاركات في الاستطلاع عن خيارات اللجوء إلى الشرطة المحلية أو مستشفى أو منظمات محلية أو غيرها.
وفي الجزائر والعراق وتونس والأردن أكثر من 40 في المئة من النساء المعنفات قلن أنهن سيلجأن إلى قريباتهن من أجل المساعدة والحماية في حال تعرضن للعنف، فيما لم تتجاوز نسبة من سيلجأن إلى الشرطة المحلية الـ 12 في المئة في هذه الدول.
وتظهر نتائج الاستطلاع أنه بالرغم من الثقة في أجهزة الأمن في الدول العربية، إلا أن النساء اللواتي يعانين من العنف يلجأن إلى الأقارب من أجل الحماية والمساعدة، إذ أن أكثر من نصف المشاركين في الاستطلاع عبروا عن ثقتهم بالمجمل في أجهزة الشرطة.
المرأة والمساواة
ويدعم المواطنون العرب بشكل عام المساواة في الحقوق لصالح النساء، فالنصف أو أكثر يقولون إن النساء يمكنهن شغل منصب الرئاسة أو رئاسة الوزراء في بلد به أغلبية مسلمة، والغالبية العظمى ترى أن التعليم الجامعي مهم للنساء والرجال على السواء بنفس الدرجة، وتعتبر الأغلبية بضرورة المساواة في الحقوق للنساء فيما يخص قرار الطلاق، وفق "الباروميتر العربي".
ورغم الدعم للمساواة، إلا أن نصف أو أكثر المشاركين في الاستطلاع يؤكدون أن الرجال أفضل في مناصب القيادة السياسية من النساء، وبالمثل، فالنصف على الأقل يقولون بضرورة أن يكون للزوج القول النهائي في القرارات العائلية، كما يرى أقل من النصف أن تتوفر المساواة للنساء في الحصة من الميراث.
العالم برتقالي لـ 16 يوما
وحددت هيئة الأمم المتحدة يوم 25 نوفمبر للقضاء على العنف ضد المرأة والذي أصبح يرتبط باللون البرتقالي، وترى فيه المنظمة "مستقبلا أكثر إشراقا وعالما خاليا من العنف ضد النساء والفتيات".
وتنسق الهيئة الأممية فعاليات تمتاز بلمسة برتقالية اللون (#orangetheworld) في شتى أنحاء العالم تستمر حتى الـ 10 من ديسمبر الذي يحتفل به باليوم العالمي لحقوق الإنسان.
وكانت الأمم المتحدة قد أقرت إعلانا تاريخيا لإنهاء العنف ضد النساء في مارس 2013، والذي يدعو إلى حماية النساء من العنف والتحرش والاغتصاب.
أبدت إيران ومصر والسعودية وقطر وليبيا ونيجيريا والسودان، بالإضافة إلى هندوراس والفاتيكان تحفظات بشأن الإعلان، لا أنها لم تعرقل إقراره في حينها.
وتحذر منظمة الصحة العالمية من أن العنف الممارس ضد المرأة يمكن أن يؤدي إلى "تكبد تكاليف اجتماعية واقتصادية ضخمة تخلف آثارا عديدة على المجتمع. فقد تعاني النساء من العزلة وعدم القدرة على العمل وفقدان الأجر ونقص المشاركة في الأنشطة المنتظمة وعدم التمكن من الاعتناء بأنفسهن وأطفالهن إلا بشكل محدود".
وتظهر بيانات الأمم المتحدة أن امرأة من ثلاث تعرضت للعنف الجسدي أو الجنسي خلال حياتها، والتي تكون غالبا من طرف الشريك لها.
وفي 2017 قتلت واحدة من كل اثنتين من النساء اللاتي قتلن في جميع أنحاء العالم على أيدي شريكهن أو أسرهن، ناهيك عن أن 71 في المئة من جميع ضحايا الاتجار بالبشر في العالم هم من النساء والفتيات، و3 من أصل 4 من هؤلاء النساء والفتيات يتعرضن للاستغلال الجنسي.
ويشير الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة إلى أن العنف ضد المرأة مثل "السرطان سبب جوهري للوفاة والعجز للنساء في سن الإنجاب، وسبب أخطر يؤدي للعلة مقارنة مع حوادث السير والملاريا معا".