2020-07-17 12:14:48

شفق نيوز/ نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا، أشارت فيه حجم الأجواء الملوثة التي تعصف بمحافظة البصرة، بسبب حرق الغاز في الهواء الطلق، ناقلة عن السكان حديثهم عن الإصابات المتفاقمة بالسرطان، والأمراض الاخرى.

يصف مراسل الصحيفة الطيران إلى البصرة ليلًا "كأنه منحدر إلى جحيم دانتي.. أبراج من برك اللهب المضاءة بالضوء البرتقالي المنبثق في الظلام".

وتقول الصحيفة إن العراق من الدول النادرة التي تستورد الغاز، رغم أنها تمتلك الغاز الطبيعي ولكنها تحرقه من آبار النفط في الهواء، فالغاز المهدور يكفي لتشغيل 3 ملايين منزل، كما أن نتائج حرق الغاز تجعل الناس مرضى.

ويضيف المراسل، ان الاهالي في قرية نهران عمر، في البصرة احضروا اليه مظاريف خاصة بأشعة أكس وتقارير طبية وشهادات وفاة، تشير الى اصابات مرضية تسببت في حدوثها المواد الكيميائية المنبعثة في أجواء المنطقة، مردفا "لقد جاءوا ليصفوا البؤس الذي يقولون إنهم يعيشون فيه بسبب احتراق الغاز والمواد الكيميائية من آبار النفط في قريتهم"، مبينا أنه "كان لكل واحد منهم ابن مريض أو زوجة محتضرة، أو أخ أو أخت مريضة". 

وينقل عن خالد قاسم فالح، وهو زعيم عشائري محلي قوله "تخيل أنك تعيش في المدينة وفي كل عائلة شخص مصاب بالسرطان، هذا هو الوضع في نهران عمر".

ويشير المراسل إلى ان الاجواء لا تُظلم أبداً في نهران عمر، التي تضيء باستمرار بواسطة مشاعل من خمس آبار نفطية. 

ويلفت تقرير الصحيفة إلى أن المواد الكيميائية المتواجدة في الهواء  في نهران عمر والمدن النفطية في جنوب العراق؛ تأتي من ألسنة اللهب البرتقالية المدخنة المنبعثة فوق آبار النفط، مما يحرق من الغاز الطبيعي الذي يتصاعد مع استخراج النفط، منوها على أن كثيرا من البلدان قللت من هذه الممارسة، المعروفة باسم "إحراق الغاز" لأنها تهدر موردًا ثمينًا. وبحسب وكالة الطاقة الدولية فإن كمية الغاز التي يشعلها العراق كافية لتشغيل ثلاثة ملايين منزل.

واوضح التقرير، ان الحرق ينتج أيضًا مواد كيميائية يمكن أن تلوث كل شيء، الهواء والأرض والمياه. وقد ثبت أنه يفاقم حالات الربو وارتفاع ضغط الدم، ويسهم في حدوث بعض أنواع السرطان ويسرع بتغير المناخ نحو الأسوأ.

ويلتقي المراسل ببعض المصابين بالسرطان بفعل التلوث الكيمياوي ومنهم، كوثر عبد الجبار، 52 سنة، التي تتلقى العلاج الكيميائي في البصرة وكثير غيرها، مشيرا إلى ان السكان المحليون يلومون عمليات حرق الغاز ويعزون السبب اليها لارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان في المنطقة. ومع ذلك، يقول التقرير، ما يزال العراق يشعل أكثر من نصف الغاز الطبيعي الذي تنتجه حقول النفط، أكثر من أي دولة أخرى باستثناء روسيا.

ويضيف، تسهم هذه الممارسة في مفارقة غريبة، اذ ان دولة لديها بعض أكبر احتياطيات النفط والغاز في العالم تواجه نقصًا مزمنًا في الطاقة وانقطاعات متكررة في الكهرباء، وتعجز عن تغذية محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز في الصيف الحار الطويل، فتحرق غازها، ثم عليها أن تستورد الغاز نفسه، فتشتريه في المقام الأول من إيران! 

وينقل تقرير صحيفة نيويورك تايمز، عن علي الصفار، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس، "إن العراق يمكن أن يكون مكتفياً ذاتياً". "وبدلاً من ذلك، فهو يشعل الغاز الذي يستورده".

ويردف التقرير أنه، فيما يتفكك الاقتصاد العراقي تحت الهجوم المزدوج المتمثل في انهيار أسعار النفط ووباء الفيروس التاجي، فإنه لا يمكنه تحمل عدة مليارات من الدولارات سنويًا ينفقها على شراء الغاز من إيران. كما قوضت عمليات الشراء العقوبات الأمريكية على إيران بهدف منعها من بيع النفط والغاز. ويعترف المسؤولون العراقيون بالحاجة إلى الحد من الحرق، لكنهم يقولون إن الجهود المبذولة لبناء مصانع باهظة التكلفة وخطوط الأنابيب لاستعادة الغاز من آبار النفط قد أعيقت بسبب الحرب والآن بسبب الاقتصاد الرديء.

ويقول خبراء دوليون في مجال الطاقة إنه بالنظر إلى مشكلات العراق الاقتصادية، فإن هذه التوقعات متفائلة إلى حد كبير.