2019-09-24 10:23:55
يعد الاستفتاء بحسب القانون الدولي شكلاً من أشكال الديمقراطية المباشرة وهو حق مشروع يلجأ اليه شعوب العالم لمعرفة رأي الأغلبية حول مسألة تخص شريحة أو مكون معين
تأريخياً لجأت العديد من شعوب العالم الى الاستفتاء لاتخاذ قرارات مصيرية منها ما حدث في البانيا والدانمارك عام 1953 وإيطاليا عام 1970 اضافة الى دول اخرى كـ روسيا وغيرها
أما في الولايات المتحدة الاميركية فقد تم إدخال الاستفتاء الشعبي اليها منذ عام لأول في ولاية داكوتا الجنوبية عام 1898،
عراقيا في عشرينيات القرن المنصرم قامت الدول العظمى المنتصرة في الحرب العالمية الاولى ، بأعادة رسم خارطة الشرق الاوسط التي شهدت ولادة العديد من الدول الجديدة...ومن بين الدول التي تم تشكيلها آنذاك المملكة العراقية عام 1925 ، ولكن سرعان ما برز مشكلة عائدية ولاية الموصل التي كانت ولاية عثمانية قبل تأسيس الدولة العراقية ، بناء عليه لجأت بريطانيا العظمى الى اجراء استفتاء بين سكان ولاية الموصل للوقوف على رغبتهم بخصوص البقاء مع تركيا أو الانضمام الى العراق... واسفرت نتيجة الاستفتاء عن تصويت اهالي الولاية الذين كان الكورد يشكلون %73 منهم الأنضمام الى العراق ، ومنذ ذاك الحين تم الحاق ولاية الموصل رسمياً بالعراق شريطة احترام حقوق كافة المكونات وان يكون لهم دورا في مؤسسات الدولة...الا ان الحكومات المتعاقبة على السلطة في بغداد خالفت كافة التزاماتها واجهضت الأتفاقيات منها اتفاقية 11 آذار وتلا ذلك خروقات عدة
بناء عليه وانطلاقا من كون الاستفتاء حق قانوني و وسيلة من وسائل الديمقراطية وسبق وان لجأ العراق اليه ، قرر اقليم كوردستان اجراء استفتاء عام لأخذ رأي الكوردستانيين بكافة اطيافهم على حق طبيعي وقانوني أسوة بباقي شعوب العالم ، وذلك بعد أن أثبتت التجارب السابقة
أن الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم في العراق يرفضون مبدأ المساوات بين المكونات ، وأصبح الاستفتاء هو الخيار القانوني والسلمي الذي يتم اللجوء اليه
في السابع من حزيران 2017 عقد رئيس اقليم كوردستان آنذاك مسعود بارزاني اجتماعاً مع كافة الاحزاب والحركات السياسية الكوردستانية ، وخرج المجتمعون بقرار تحديد يوم الخامس والعشرون من ايلول عام 2017 موعدا لاجراء الاستفتاء ، وجاء اليوم الموعود ليدلي الغالبية العظمى من الأصوات بنسبة 93%، لصالح الاستقلال ونسبة مشاركة بلغت 72%
على الرغم من أن بارزاني أعلن أن الاستفتاء لن يعني اعلاناً تلقائياً للاستقلال ، لكنه سيشكل نقطة الانطلاق لمفاوضات سلمية و جدية مع بغداد حول هذه المسألة ، الا أن الحكومة العراقية رفضت الاعتراف بنتيجة الاستفتاء والتعامل معه بدعوى أنه لا يصب في مصلحة الكورد وأصرت على اعتبار الاستفتاء انتهاكاً لدستور العراق الصادر في عام 2005، الذي يؤكد على وحدة الأراضي العراقية متناسية ان ذات الدستور يحدد شكل العراق الاتحادي على اساس اتحاد اختياري وليس إتحاد اجباري ، ورغم ان الاستفتاء وحد الكوردستانيين الذين صوتوا بأغلبيتهم على الانفصال ، إلا أن الاستفتاء ايضا اصبح سببا لتمزيق وحدة صف الاحزاب الكوردستانية التي تباينت مواقفها بين مؤيد خجلا من قاعدته الجماهيرية واحزاب اخرى عارضته ، لكن الاخطر كان من اعلن دعمه للاستفتاء ومن ثم اجرى مناورة سياسية مع بغداد للحيلول دون نجاحه .