ربما يكون العنوان غير مفهوم عند البعض , و لا احد يقبل ان يتمناه و لكنه حقيقة واضحة لانه التاريخ الذي لا يرحم احداًَ بل يسجل الاحداث فهو مع الكل و ضدهم في آن واحد، أي إما أن يُكتب لك أو عليك .
فالتاريخ لا يقول ان هتلر اخرج المانيا من الحضيض و حمل الازدهار اليها , بل انه انتحر في ملجأ بعد وصول هزيمته الى برلين , و ان الرئيس الامريكي نيكسون الذي كان اكثر رؤساءه تضلعاً في السياسة الخارجية بل انه ارغم على الاستقالة مهاناً بسبب كذبه , نابليون هو الاخر الذي ربح الحروب و المعارك و احتلال الاراضي ثم مات منفياً في آخر الارض .
هذه الحقيقة تجد لها الاهتمام الواسع و المكانة في ذهن المتمسكين بمبادئ الاديان السماوية خاصة , فأن الالتزام و المثابرة لا تجدي نفعاً ، ربما إن لم يكن مصحوباً بحسن الخاتمة , فهو دائم الدعاء و الطلب من اجل ان لا تكون الخاتمة بسؤها و نهاية الحياة بصورة سوداء غارقاً في الذنوب و الخطايا , و إن كانت ذلك ، فإن الناس تتأسف لطول عمله الصالح و لكنه بنهاية سيئة ، و هذا ما اشار اليه الرسول الكريم (صلى الله عليه و سلم) (خيركم من طال عمره و حسن عمله).
لنعود الى صُلب الموضوع و هدفه , فمنذ الوهلة الاولى لتكليف السيد (مسرور بارزانى) بتشكيل حكومة اقليم كوردستان , بدأت تتعالى اصوات التحيات و تطير باقات الورود في السماء و كلمات التبريكات تزدحم لترحب به في مهامه الجديد أملاً منهم في ان يكون معالجاً و مداوياً لكل ما يعانون منه من الفساد و قلة الخدمات من الماء و الكهرباء متناسياً كل ما قدمته الحكومات السابقة , و وضع كل آماله به , صحيح انه الشخص القوي الذي تمكن من حماية أمن الأقليم ضد الاخطار و التهديدات الموجه اليه عند وقوفه على رأس المنظومة الامنية في ظروف صعبة للغاية , و لعب دوراً مميزاً و ايجابياً في تطوير علاقات الاقليم مع دول الجوار و المجتمع الدولي , و لكن المهام قد تغييرت و ان توفير الامن وحماية المواطن جزء مهم من وظيفة الحكومة و ليس كلها , و من جانب اخر فإن المواطنين أثقلوا كاهله و زادوا من حمله ظلماً ، لانه ليس ب سوبرمان و لا يملك عصى سحرية ليقّوم ما يعانى منه الاقليم في ليلة و ضحاها , فلابد و انه سيصطدم بالكثير من العقبات و ما اكثر المطبات في طريقه و نستدل على قولنا بأن مجرد ترشيح شخصه كان واحداً من اسباب تأخير التشكيل ليومنا هذا .
بدأ المواطنون سواء في الاقليم او خارجه كل يدلوا بدلوه و يكتب و يقول بما تمليه عليه هاجسه و حبه بطرق مختلفة و يطلب و ينادي و يدعو الرئيس المكلف الى الاهتمام بما يعانيه الشعب , و هذا دليل حبهم و اخلاصهم لارضهم ، و انهم يعلمون جيداً بأن لكل حكومة برنامجاً في عملها و خططاً في ادراج الاولويات و الاهتمامات في فترة حكمها .
لقد قلنا كلماتنا و طرحنا الاقتراحات و قدّمنا النصح و الارشاد اللازم و لكن مهما قدمنا فالنجاح مرهون بعمل الحكومة و قدرتها على تلبية متطلبات الشعب و ان التاريخ يُكتب بنهاياته ، فان كانت الحكومة بمستوى حلم المواطن الكوردستاني و قدمت ما بوسعها و خففت من كاهل المواطن أعباء الحياة اليومية ،و استمرت الى النهاية ، فإن التاريخ يُكتب نجاح هذه الحكومة بأحرف من ذهب و تبقى اسمها خالداً الى الابد , و لكنه ان لم تستطع ان تزيد او تضيف شيئاً جديداً , فالتاريخ يُكتب كل ما يدور في الفلك بحسنها و سيئها فمن شاء فليعمل و يقدم الخير و يجتهد و من شاء فليقعد و ينام و يسيئ الى غيره , فسيرى الله عملكم .
كل الامال و الاماني معقودة بشخصه على القيام بواجبه في أتم صورة ، كما كان سابقاً و لكن المسؤولية الحالية تحتاج الى الكثير من المثابرة و الجهد و تحمل الاعباء و فريق عمل نشط متكامل و محترف تضرب بيد الفاسدين بالحديد و تعيد ثقة المواطن به ، و ليعلم الجميع بأن اهل الحق هم القلة دائماً و لكنهم رواد و قادة زمانهم و قدوات غيرهم ، و اهل الباطل غثاء كغثاء السيل على الرغم من كثرتهم . و علينا التريث و الانتظار الى النهاية ثم الحكم و القرار .
لذا فعلينا عدم الاستعجال في الحكم قبل آوانه ، لأن الايام القادمة و الجزء المنفذ من البرنامج الحكومى و الالتزام بالوعود المعلنة كفيلة بتقييم الاداء الحكومي لأن التاريخ يكتب بنهاياته ....