كان الشنكاليون في الثالث من شهر آب المشؤوم قبل خمسة أعوام خلت على موعد مع القدرغيرمحتسبين لما سيحل بهم لإنهماكهم بمصالحهم اليومية وعلى حين غفلة تعرضت شنكال لهجمة بربرية تخللتها موجة إعلامية مشبوهة لبث الإشاعات المغرضة من خلال الطابور الخامس وبتوجيه من الخلايا النائمة وبالتعاون مع الذين إرتضوا لأنفسهم أن يكونوا حواضن للمجرمين حتى ساد الهرج والمرج في سويعات قليلة أرجاء المدينة ودب الذعر في الأفئدة والقلوب الى الحناجر أقرب حتى غدت قدراتهم العقلية محدودة لا تتعدى لملمة ما خف من متطلبات طريق مجهول تاركين وراءهم أموالهم وممتلكاتهم وما لذ وطاب من حطام الدنيا الذي جمعوه في سنوات شقائهم وكد أيديهم وبعرق جبينهم , حيث غصت الشوارع والأزقة بالسيارات والمواطنين في مشهد مهيب يتسابق فيه الشيوخ والأطفال والنساء لتودع أهلها بعد أن توشحت بالسواد كسواد نية الظلاميين الحاقدين وتحولت شنكال الى مدينة أشباح وهاجس الخوف والجزع يعلو محياهم قاصدين مكان آمن هرباً من بطش المجرمين الذين تلطخت أياديهم بدماء الأبرياء ليحتموا في سفوح وكهوف وأودية جبل شنكال الشامخ حيث لا طعام يغنيهم من الجوع ولا ماء يروي ظمأهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء وعويل النساء وبكاء الأطفال يشق عنان السماء ويتلاطم صدى نحيبهم الوديان فلا منقذ ولا ناصر حتى دخلت عصابات داعش شنكال وعاثت في الأرض الفساد وأثخنت الجراحات وبالغت في القتل الجماعي ونحر للرؤؤس وتعذيب وسبي وإغتصاب بأبشع الطرق الوحشية حتى بيعت النسوة في سوق النخاسة كالعبيد وتم تفخيخ وتفجير المزارات والكنائس والجوامع في سابقة خطيرة هزت ضمير الأنسانية جمعاء والتي لم تشهدها شنكال في تأريخها الحافل بالفرمانات والغزوات لتسجل وصمة عار في جبين خوارج العصر .
مرت سنوات خمس على الفاجعة المريرة و معاناة عوائل الشنكاليين لا زالت قائمة وأخص بالذكر إخوتنا من الطائفة الإيزيدية نتيجة إحتجاز وفقدان الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ لدى عصابات داعش الإجرامية بالرغم من محاولات حكومة أقليم كوردستان المتمثلة بشخص السيد نيجيرفان البارزاني في إعادة العديد من الأسرى الى عوائلهم وذويهم وأستضافتهم في مخيمات النزوح وتقديم ما يمكن تقديمه في الوقت الذي كان الإقليم يمر بضائقة مالية حادة وحصار إقتصادي مفروض من قبل الحكومة المركزية بحجة فرض سلطة القانون , حيث أوفى الزعيم مسعود البارزاني بعهده الذي قطعه على نفسه ليشرف شخصياَ على تحريرشنكال من قبضة داعش بتأريخ 24/12/2015 على يد قوات البيشمركة الأبطال .
يقيناَ لازالت شنكال تبكي لتذرف بدل الدموع دماً على فراق أهلها الطيبين بجميع مكوناتها بعد أن تعرضت الى أقذرعملية إبادة جماعية ترتقي الى مستوى الجرائم ضد الأنسانية لا سيما بعد العثور على عدد من المقابر الجماعية التي ضمت رفات المئات من المغدورين من نضرائنا في الخلق وإخوتنا في الإنسانية كما حدث للبارزانيين على يد أعتى نظام دكتاتوري عرفه التأريخ المعاصر , ناهيك عما تشهده شنكال حالياَ وضعاً أمنياً مضطرباً غير محسود عليه لتعدد إنتماء المسلحين المنتشرين فيها مما شكلت عائقاً أمام عودة النازحين الى قراهم وسبباً في تأخر إعادة إعمار المدينة وبنيتها التحتية الى سابق عهدها بعد أن كانت مثلاً وأنموذجاَ رائعاً للتعايش السلمي في صورة مصغرة للعراق بمكوناته كافة على مر الأجيال .
أما آن الأوان لأهل شنكال الأصلاء أن يعودوا الى مدينتهم وقراهم ويكونوا يداً وصفاَ واحداَ كالبنيان المرصوص أمام عاديات الزمن ويتركوا للتأريخ ما سيكتبه ليكون شاهداً على جرائم الإرهابيين وينسوا الماضي بمرارته ويضمدوا جراحاتهم بما يحدوهم الأمل لمستقبل مشرق واعد مع قرب عودة قوات البيشمركة لمواقعها السابقة بالتنسيق مع القوات المسلحة العراقية ليعم الأمن والأمان وتطبيق المادة 140 من الدستور العراقي على أن يكون يوم الثالث من آب من كل عام يوماً للحداد على شنكال