2020-05-12 17:28:55
تساؤلات ومقاربات بين بلدين وليست مقارنة بين رجلين
في العام 1999 الرئيس الروسي بوريس يلتسين يفاجيء الشعب الروسي ويرشح رجل المخابرات الصامت فلاديمير بوتين ، بعد ان تداعت روسيا وانتشر فيها الفساد. والمافيات والمليشيات المسلحة ، وفي الوقت نفسه كانت روسيا تمتلك قدرات عسكرية وتكنولوجية هائلة وكلها كانت معرضة للدمار ، كما كانت تمر بمخاضات كبيرة على كل المستويات ، فرغم امتلاكها ثروات عملاقة من النفط والغاز إلا ان الناس وقعوا في براثن الفقر جراء الفساد فقد ارتفع مستوى الفقر من 1.5% في الحقبة السوفياتية السابقة إلى ما بين 39 و49% بحلول منتصف عام 1993.، فقد شهدت التسعينات ارتفاع في معدلات الجريمة والفساد رافقتها فوضى عارمة . كما حدثت نزاعات عرقية مسلحة، وحركات انفصالية في الشيشان، واختطافات كأزمة الرهائن في مسرح موسكو وغيرها .
غادر بوريس يلتسين تاركاً كرسي الرئاسة لفلاديمير بوتين خريج الحقوق ورئيس جهاز الأمن الفيدرالي الروسي ذو الثانية والخمسين عاماً .
أول ما قام به بوتين بأعتباره رجل المخابرات الذكي الذي أصبح رئيساً ، قمع الجماعات المسلحة والمافيات وزج الفاسدين في السجون وقطع أيدي السراق عن المال العام، وسيطر على الإعلام ، فـ ازدهرت روسيا وارتفعت معدلات النمو وتفوقت في صناعة الغاز واستعادت مكانتها العالمية كواحدة من الدول العظمى .
لقد أعاد بوتين هيبَّة روسيا بقوته وعزيمته وإيمانه بقدرات بلده .
فهل سيفعلها الكاظمي ويسير على خطى بوتين ، وهو رجل المخابرات وخريج الحقوق أيضاً ، ويُخرج العراق من براثن الفساد والفقر والفوضى ؟
هل سيقوم بقمع الخارجين عن القانون والمجاميع المسلحة ويُعيد هيبة الدولة بالقانون ؟
هل سيفعل ما فعله بوتين بقطع يد السراق ويجعل الشعب العراقي يلتف حوله كما التف الشعب الروسي حول بوتين وبارك خطواته ؟
هل سيقوم بمحاسبة القتلة وإيداعهم السجون واسترجاع الأموال المنهوبة كما فعل بوتين ؟
هل سيوقف قنوات التحريض ويحد من فوضى الاعلام ؟
كل الأجواء مهيأة اليوم لخطوات فعاله وحقيقية ، ففريقه الحكومي منسجم نوعما، فالأغلب و الأعم من الليبراليين والبراغماتيين وهذا سيساعده كثيراً على تطبيق برنامجه الحكومي.
لقد جاء بوتين في زمن سئم فيه الروس من انعدام الأمن وضياع الدولة ، لذا نجح في اعادة روسيا الى السكة ، واليوم يأتي الكاظمي وقد سئم العراقيون من الشعارات والفوضى وانعدام العدالة ، وبات اكثر الناس في بلاد الرافدين يبحثون عن الاستقرار خصوصاً بعد القضاء على الإرهاب ، وبعد ان لفض الإسلاميون انفاسهم الاخيرة على اعتاب التظاهرات ولم يعد لهم نصيب او حضوة لدى العراقيين.
كما ان الظرف الدولي والإقليمي سيساهم في نجاح مهمة السيد الكاظمي بشكل كبير ، فالإشارات بين واشنطن وطهران باتت واضحة وان الطرفين يرغبان في حالة الاستقرار في العراق .
وسيساهمان بشكل فعال في دعم الكاظمي بخطواته . فالاتصالات الأخيرة بين بغداد وواشنطن من جهة وبغداد وطهران من جهة أخرى تشير الى ذلك.
سيفقد الفاسدون الدعم والحاضنة مما يجعل حسابهم يسيراً بالنسبة للأجهزة الحكومية لانهم سيصبحوا بلا سند خارجي او داخلي .
لدى السيد الكاظمي فرصة كبيرة لقمع وتدمير أوكار الفساد وبقوة ، فهو سيحضى بدعم الشارع ودعم فريقه الحكومي المنسجم وتعاون الرئاستين له بالإضافة الى الدعم الدولي اذا ما قام بأي خطوة ضد الفاسدين .
فأوجه الشبه بين روسيا والعراق كبيرة ولكن يبقى الإقدام والشجاعة سيدا الموقف ، فهل سيفعلها الكاظمي كما فعلها بوتين من قبل ؟
هذا ما سنعرفه في قادم الايام .
فالعراقيون يحتاجون الى رجل شجاع ومواقف صلبه ، وليست شعارات وبربگاندا إعلامية .