شهد الانسان في حياته منذ وجوده على البسيطة العديد من الحروب و الصراعات من اجل البقاء او التوسع و فرض السلطة و كُتب التاريخ مليئة بالاحداث بين النصر او الاندحار و اسماء الابطال و اصحاب المواقف باختصار الكل يبحث عن الذات المجهول ليثبت جدارته و قدرته .
اضرس تلك الحروب و اشدها فتكاً هي الحرب العالمية الاولى عام 1914 من القرن الماضي حيث بدأت من 29/يوليو/1914 و انتهت في 11/11/2018 حيث يحتفل العالم الغربي بالذكرى المئوية لانتهاءها فرحاً و استنكاراً لما سجله اجدادهم من بطولات وما ضحوا من اجله ،و من جانب اخر يجرون اذان الخيبة لما تركته هذه الحرب من اثار و دمار تعاني منها العالم و خاصة الاوربي حتى الان و لضراوتها سميت بالحرب العظمى او الحرب التي ستنهي كل الحرب حيث شارك فيها اكثر من (70) سبعين مليون عسكري منهم (60) مليون عسكري من اوروبا و استخدمت فيها انواع الاسلحة المدمرة ذهبت ضحيتها اكثر من (9) تسع ملايين عسكري و سبع ملايين مدني ناهيك عن الابادات الجماعية و التشرد و الاثار الاقتصادية الفاحشة و بعدها افرزت هذه الحرب العديد من التغيرات السياسية و الثورات و الانقلابات و المعاهدات و الاتفاقيات الدولية التي انتهت بتغيير الحدود السياسية بنهاية الدولة العثمانية و تقسيم تركة الرجل المريض بين المنتصرين و فرض نظام الانتداب و كان الشعب الكوردي ضحية هذا التقسيم البعيد عن القيم الانسانية و الديمقراطية المزعومة و حرمته من صفوفه المشروعة .
و لكن مربط الفرس هنا و ما نريد ان نقول هو ان اوربا و خاصة فرنسا باعتبارها احدى الدول المنتصرة في هذه الحرب باتت منشغلة باحياء هذه الذكرى لأكثر من اسبوع حيث نظمت العديد من الفعاليات و النشاطات و الزيارات الى المتاحف الخاصة بالحرب و مقابر الجنود الذين لقوا حتفهم فيها ، و ان هذه النشاطات تدل على مدى اهتمامها بالتاريخ و حفظ الادوات و الوثائق القديمة التي تجعل منها دولة عريقة و هذا جزء من عراقتها ، و كذلك نظمت فعالية كبيرة جمعت العديد من الرؤساء و الوزراء ليقول لهم (ها انا صنعت التاريخ و انا باقية ...)
بشكل عام الدول و الاقوام تستفيد من الاحداث و الحروب التي تمر بها فتحتفظ بكل ما ترتبط بتلك الاحداث و الحروب بافضل شكل ليطلع الاجيال الحالية ما قدمه اباءهم و اجدادهم لهذه البلدان و الاقوام و نفتخر بذلك التاريخ لانهم هم من قاموا بها و هم يقومون بتوثيقها دون تزيف و تغير .
لكن الشعب الكوردي و نقولها بكل الاسف ان تاريخهم يسجلها الاخرين و كيفما يشاؤون بالتغيير و اخفاء الحقائق و لحد زمن قريب و ان كانت هناك افلام بدأت و لكنها متأخرة بعض الشيئ .
فاحداث الثورات الكوردية و ما تعرض له الشعب الكوردي برمته لم يتم تحليلها بالشكل المطلوب و من جانب اخر فانهم ايضاً لا يعيرون حفظ الاحداث الاهمية الكافية .
فمثلاً ثورات ايلول و كولان و الانتفاضة الشعبية لم تسجل احداثها إلا على المستوى الشخصي لا تخرج من اطار مذكرات إلا القليل .
و لكن الادهى و الامر فان اقليم كوردستان تعرض قبل اربع سنوات لأبشع هجوم من قبل الجماعة الارهابية داعش و قدمت قوات البيشمركه اروع الامثلة من التضحية و الفداء اذهلوا العالم و استطاعوا كسر اسطورتها و ايقاف تمددها و لكن لم توثق هذه الاحداث و ما مر به الاقليم بالشكل الجيد حيث لم تخرج ايضاً من اصدار كتب عن حياة عدد من البيشمركه الابطال تنضمن حياتهم و صورهم و لكنه لم تنشأ مقبرة خاصة بهؤلاء الشهداء او نصب تذكارى لهم في محل عام بحيث يكون رمزاً لبطولة هذا الشعب و تضحياته.
لذا فان حكومة الاقليم و كافة القوى السياسية مطالبة بجمع الارشيف الخاص بتلك الايام السوداء و توثيقها بالشكل اللائق و بناء نصب تذكاري لهم لكي نستطيع الافتخار بها و يفتخر بها الاجيال القادمة و نستذكرها بعد سنوات و إلا سيطويها النسيان مثل غيرها .