2020-04-12 17:03:31



المتابع للشأن السياسي العراقي، سواءٌ قريبٌ أم بعيد، يتكهن بأن أمراً ما سيحدث خلال الفترة القليلة المقبلة؛ فالمتغيرات كثيرة ولا ثوابت على الإطلاق، وبوجود هذه المتغيرات لا يمكننا القول بأن إستقراراً سياسياً سيحصل في العراق وعموم المنطقة على الأغلب؛ وذلك بوجود مشاريع أمريكية متأخرة ستغير خارطة معظم الدول، وهذا يحتاج الى مواقف متأرجحة وظروف ساخنة تتصاعد حرارتها كلما تقدم موعد الإنتخابات الأمريكية.


موقع العراق الإستراتيجي، يجعله دائماً نقطة إنطلاق صراع حامي الوطيس! فالظروف أصبحت ملائمة لتنفيذ مشروع التقسيم الأكبر، الذي أينعت ثماره، ولا يمكن تأخر قطف تلك الثمار لئلا تنضج كثيراً وتصبح غير مناسبة للتناول!


الشعوب العربية عامة والشعب العراقي خاصة، أصبح متمرداً جداً على الماسكين بالسلطة، والحديث عن إستمرار العملية السياسية الديمقراطية غير ممكن، والإنتخابات المشبوهة لا يمكن القبول بها مع وجود نفس الوجوه ونفس المشاركين وذات المؤدجلين وعين الماسكين بعصا السلطة وأيقونات التزوير؛ قبل الإنتخابات العامة في العراق عام 2018، شهدت الساحة السياسية في العراق إنقساماً خطيراً؛ وهذا الإنقسام غيّر الخارطة السياسية والتحالفات  بعد الإنتخابات، والتي (شابها التزوير) وإتهمها الكثيرون بالتلاعب؛ إضافة الى نسبة المشاركة الخجولة من قبل الشعب؛ الذي أوصل رسالة الرفض لعموم العملية السياسية، في إنتفاضة أوكتوبر 2019 وما زال الرفض قائماً.


بعد تكليف السيد عادل عبد المهدي رئيساً للوزراء، وسقوط نظرية الكتلة الأكبر، بانت خيوط الأزمات وإحتدمت الصراعات، وبعض المكونات شابها التخبط وبانت خيوط تفككها بفعل الإختلافات والتوجهات والولاءات الخارجية، ثلاث شخصيات تم تكليفهم لخلافة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، جميعهم لم ينالوا الإجماع بالقبول؛ بسبب تعدد دوائر القرار وغياب المصلحة الوطنية وتغليب المصالح الخاصة، وكما يبدو فأن غياب المشاريع والإرادة الوطنية ستمكن التدخلات الخارجية في القريب العاجل، وربما تسقط نظرية التحالفات والتفاهمات السياسية.

 

ما حصل من فرض إرادات، وتجاوز على صلاحيات الأغلبية والدستور من قبل رئيس الجمهورية (حسب نظرة الكتل الشيعية) بتكليف السيد عدنان الزرفي الشيعي وحامل الجنسية الأمريكية، سارعت الكتل الشيعية بترشيح مدير المخابرات مصطفى الكاظمي،  الذي رفضته معظم القوى الشيعية في السابق؛ وبعيداً عن قدرة المكلفين ببناء سلطة تنفيذية قوية، أصبح لسان حال الكتل السياسية (المكلف بالمكلف والبادئ أظلم( !


إن الإتفاق الأخير بين العراق والولايات المتحدة بإقامة مشاورات ومباحثات إستراتيجية بين الجانبين، يجعلنا التكهن بأن بقاء السيد عادل عبد المهدي على رأس حكومة إنتقالية، هو السيناريو الأرجح؛ في ظل ظروف عصيبة ترفض التغيير الفجائي، وتنذر بأزمات وصراع سياسي ربما سيصل الى مرحلة كسر العظم؛ فالعملية السياسية في معظم دول المنطقة قابلة للتغيير خلال الربع الأخير من هذا العام، الذي أنهك الإقتصاد العالمي وسيغير خارطة التحالفات الدولية، ونختم هذه الأسطر ( لا ثوابت ولا خطوط حمراء خلال الفترة القليلة المقبلة وربما سنشهد إتفاقاً تأريخياً بين الولايات المتحدة وأضدادها؛ على عكس جميع التوقعات بنشوب حرب عالمية مصغرة.