2018-07-19 19:20:00

علي حسين فيلي/ في المجتمعات الديمقراطية هنالك مالا يقل عن 200 نوع من الاحتجاجات لها تعريف يتلاءم مع المواضيع والمطالب ونوع النضال والكفاح المدني لشرائح المجتمع ومدى تحمل الحكومات للتعامل معها والاستجابة لها.
والسؤال يكمن في نوعية التظاهرات والاحتجاجات التي لها المقبولية في العراق والمتلائمة مع وضعه؟! فمنذ القدم كان هذا المجتمع قد خَبِرَ التظاهر والاحتجاج والاعتصام؛ ولكن خلال العقد ونصف العقد الماضي الأخير من الزمن تتكرر هذه الظاهرة ولا تتعدى استجابة الحكومات سوى الوعود والتناقضات والقمع والتهديدات ولم تقم باتخاذ اية خطوة فعلية للمعالجات.
وعمليا فانه بدلا من بناء دولة المؤسسات تم بناء دولة الاطراف وتم تسييس جميع افاق الحياة فيما تتسابق النخبة مع بعضها في هذا المستنقع؛ في حين تحتاج الحياة وادارة الدولة الجديدة الى مستلزمات خاصة بها اذ لم تتولد لدى حكومة هذا البلد القناعة ولو لمرة واحدة بان الارهاب والممارسات العنصرية والطائفية اذا لم تقض على الشعب فان انعدام وجود الكهرباء والماء يتح بوجهها ابواب الجحيم.
واذا لم يكتب التصحر وتلوث البيئة والدخان واصوات المولدات ونفايات الشوارع والازقة عشرات الانواع من الأوبئة والامراض وبالتالي فناء العمر، فان التشويش واصوات قرع طبول الحرب والوعود والتهديدات تتسبب بقطع الانفاس واليأس.
نحن في بلاد لم تخرج من دوامة الحرب، بمعنى انه اذا ما انتهت حرب فهذا لا يعني بالضرورة ان السلام حل بربوعنا. ان المشكلات مستمرة هكذا دوما، فليس هناك علاقة صحية بين الشعب والسلطة للتمكن من حل مشكلات انعدام العدالة في تقسيم ثروات البلد لتثبيت اركان العيش الرغيد في هذا المجتمع، وفضلا عن دمار الاسس الاقتصادية والاجتماعية، فان المصالح والنفاق السياسي يمنعان من عودة الثقة. فالذي اجبر الشعب على الخروج الى الشارع ليس فقط مؤامرة اجنبية بل الفساد وتقاعس السلطة، والذي يحدث اليوم في اطار الاحتجاجات يدل على ان الناس اصحاب حق على الدوام وليس كل اربعة اعوام مرة واحدة!
ان مرحلة اللجوء الى التعبير عن الرفض والتظاهر في الشوارع واحراق المقار هي بداية لمرحلة اليأس والسعي الاخير قبل وقوع الكارثة الكبرى واذا لم تنته عند هذا الحد، فان مرحلة حرب داخلية مستعرة ستبدأ، وهذا يعني ان المواطنين يجب ان يسعوا حينها لتجنب الموت!!
يقول المناضل ضد العنصرية مارتن لوثر كينغ "وفي النهاية سننسى كل ما قاله الأعداء عنا ولكن سنذكُر جيداً صمت الأصدقاء" ان المواطنين لن ينسوا نكث الحكومة لوعودها وليس الوعود نفسها.
ان التحالف اهدوا نوعا من الديمقراطية للعراق لا تتلاءم وواقع هذا البلد، خاصة مع لحاظ الايديولوجيا. فلا هم علموا الناس التعبير عن الاحتجاج ولا اجبروا الحكومة على الخضوع للقوانين وواجباتها. فهذا الهيجان والخروج للشارع من دون قيادة يكتب فشل نوع ادارة الحكم وسيكون له اثار فعالة ضد الحكومات المتعالية في بغداد التي تعترف بأحقية مطالب الناس في الظاهر ولكنها لا تسمح لهم للتعبير عن مطالبهم!
ان الاحتجاجات موجودة دائما ولكن الاخيرة ابعد ما تكون عن أيديولوجيا، وعن تنظيم سياسي خاصين، ومن اجل حل المشكلات بشكل حقيقي يتعين على الحكومة ان تسمع وترى جيدا وتقبل بان السياسة علم نظري وتجريبي وادارة الحكم مثل اي علم اخر له مبادئه الخاصة ومن المفترض ان تتعلمه وتستخدمه بمهارة، وليس البحث عن ذريعة بجعل تحسين معيشة الناس وحياتهم والاصلاح الاداري ومنع الفساد يعني اللا ممكن.