2017-04-18 16:25:00
 
لمرات ومرات كنت أقف عند باب كلية المأمون الجامعة التي أنهيت دراستي فيها وهي في جانب الكرخ من بغداد، وكان الراحل إسماعيل فتاح الترك يمر بسيارته الخاصة ليقل إبنته الى المنزل بعد نهاية الدوام في الكلية، زرت نصب الشهيد عندما كنت صغيرا في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وكان مذهلا حيث تعلو القبة المنفلقة الى قسمين لمسافة 40 مترا الى السماء، وتنفتح عن علم يرتفع الى السماء، وترمز الى روح الشهيد التي ترتقي الى الأعلى.
النصب الشهير في جانب الرصافة من بغداد شيد على مساحة من الأرض مفتوحة حيث لم تكن بغداد بهذا الحجم من الإتساع كما هي عليه اليوم من عمران، وكانت الحدائق تحيط به من جهاته الأربع، وقامت شركة يابانية بإنشائه بعد أن وقع الإختيار على التصميم المقدم من الفنانين التشكيليين سامان أسعد كمال وإسماعيل فتاح الترك لكن النصب إلتصق بإسم الترك لأنه هو من صمم القبة المنفلقة المستوحاة من قبة ضريح العباس بن علي شقيق الحسين الذي قتل في كربلاء رفقة أخيه الأكبر، ويقال إن الترك إستوحى التصميم من قبة مرقد شيعي في محافظة بابل جنوب بغداد حين رأى أشعة الشمس وهي تسقط على تلك القبة.
النصب من المعالم التي لم تتم إزالتها من ضمن النصب والتماثيل الى ترمز الى حقبة البعث، وهو شاخص الى الآن، وقد بدأت الحياة تعود إليه رويدا، وصار الناس يعودون الى زيارته، وتقام في قاعاته مؤتمرات وندوات كان آخرها مؤتمر للحشد الشعبي أقيم يوم 15 نيسان 2017 ويضم النصب قاعات كبيرة، ومرافق خدمية، ومتاحف وصالات عرض فنية إضافة الى الحدائق الممتدة والخضرة وبحيرات مائية وأنواع من الأشجار والمزروعات، ومايزال يحتفظ برونقه برغم مرور أكثر من 33 عاما على إنشائه، لكنه يحتاج الى صيانة مستمرة وإدارة فاعلة.
مثل هذه التحف الفنية العالمية تحتاج الى الرعاية، وإذا كانت تمثل جزءا من حقبة سياسية دكتاتورية فلابأس في إبقائها للدلالة على تلك الحقبة والإعتبار بها، لاتدميرها، وقد حاول البعض التأثير على جمال عبد الناصر ليؤذي الفنانة أم كلثوم بدعوى أنها كانت تغني في العهد الملكي، لكنه وصفها بالهرم، وقال، إنه لايستطيع تدمير الهرم.