2020-05-23 18:48:01

منذ أكثر من عام، اكتشفت قوى الصراع في العراق وسوريا سلاحاً جديداً أكثر فعالية وخطورة في تطبيقات الأرض المحروقة وتفريغها من سكانها، دونما إراقة دماء او عمليات قتل وابادة، بل تحرق كل شيء له علاقة برزق وغذاء الانسان وتضعه أمام خيارين أحدهما مؤكد وهو الإفقار والإذلال، وثانيهما الإرهاب الذي يؤدي إلى التهجير والترحيل وترك المنطقة لتلك القوى صاحبة براءة اختراع هذا السلاح المستجد، مثل شقيقه (كوفيد19) الذي بدا بالانتشار بشكلٍّ غامض، ورغم قدم هذا النوع من السلاح واستخداماته، الا انه أدخل في الخدمة والتطبيق الفعلي السنة الماضية، وكانت ساحته التجريبية في كل من سوريا والعراق وخاصة في المناطق المختلطة عرقيا ودينيا ومذهبيا، وفي العراق بالذات المناطق التي تسمى المناطق المتنازع عليها بين بغداد وإقليم كوردستان وخاصة في سنجار وكركوك وسهل نينوى ومخمور وخانقين ومندلي  وصلاح الدين، حيث حقق نجاحاً كبيراً في إدخال الرّعب بين مواطني تلك المناطق، بل ومنع مئات الآلاف منهم من العودة إلى بلداتهم وقراهم التي رحلهم منها في البداية نظام صدام حسين ليكمل بذلك خارطته من المحيط إلى الخليج تحت ظلال رسالته الخالدة، وحينما أسقطته أمريكا رجعوا إلى بيوتهم وبساتينهم، وما لبثوا إن أعادوا لها حركة الحياة التي لم تستمر طويلاً حيث فقست بيوض ذلك النظام الفاشي لتخرج (صواصي) داعش بلحى الحملة الوطنية الإيمانية سيئة الصيت، ولتستكمل البرنامج المعروف بالتغيير الديموغرافي والتعريب، مضافاً اليها هذه المرّة فكرة الأسلمة ووسائلها في الذبح والسبي والاستعباد كما شهدناها حينما استباحوا الموصل وسنجار وتلعفر وسهل نينوى، وأنفلوا الاف النساء والاطفال من الايزيديين وهجروا مئات الالاف منهم والذين يعيشون حتى يومنا هذا في مخيمات النازحين منذ 2014م.

 

   السلاح الجديد هذا تمّ تطويره ليشمل المختلفين عرقياً ودينياً ومذهبياً في مناطق سيطرت عليها قوّات الحشد الشعبي، التي تأسست بفتوى من مرجعية الشيعة العليا في العراق لغرض مكافحة داعش ودرء خطرها عن كربلاء والنجف والكاظمية وسامراء، لكنها هي الأخرى طوّرت نفسها فأصبحت بديلاً للمؤسسة العسكرية، واتسعت مهامها فامتدت إلى مناطق ساخنة حول كوردستان، وفي داخل سوريا لحماية المزارات الشيعية كما أعلنت العديد من فصائلها هناك، المهم هناك أصابع اتهام مباشرة للعديد من التشكيلات المتشددة والمتطرفة مثل داعش ومثيلاتها ومَن على شاكلتهم من المستفيدين في سياسة التغيير الديموغرافي آنفة الذكر، ومعهم بالتأكيد تلك الأدوات التي استخدمتهم السلطات تاريخيا لتغيير هويات البلدات والمدن والقرى في المناطق الكوردستانية المختلطة والتي تقع خارج إدارة إقليم كوردستان، وبغياب قوّات البيشمركة بعد احداث أكتوبر 2017م أصبحت هذه المناطق مرتعاً لتلك العناصر والتنظيمات الإرهابية والميليشيات الوقحة التي تسببت في ترحيل وتهجير عشرات الالاف من السكان، ومنعت مئات الالاف من ضحايا داعش النازحين للعودة الى مدنهم وقراهم.

 

   لقد استخدم السلاح الجديد بشكلٍّ واسعٍ هذه السنة، حيث امتد إلى محافظات عراقية أخرى، مما يؤكد أن نهجاً جديداً لتلك القوى المستخدمة لهذا السلاح وإن تعددت تسمياتها وعناوينها، نهج تمّ تطويره هو الآخر بإضافة نكهات دينية ومذهبية على أساسه العنصري أصلاً، ويبدو ومن البقع الجغرافية التي يتعرض لها هذا السلاح أن هدفاً مشتركاً وواضحاً من استخدامه، وهو تدمير البنية الزراعية والإنتاجية للغذاء لادامة الاستيراد للفاعل الأجنبي، وإفراغ المنطقة من سكانها استكمالاً لبرامج قديمة في احداث تغييرات ديموغرافية عرقية ومذهبية للفاعل المحلي، وبين هذا وذاك بقيت سوريا تحت شعار بشار الأسد أو نحرق البلد وبقي العراق حفنة تراب كما اراده صدام حسين!