بعد تظاهرات حاشدة استمرت أشهرا من أجل إستعادة الوطن الذي ضاع بين حراب الشياطين وجيوب الفاسدين ، وتقديم مئات القرابين والاف الجرحى من أجل تحقيق المطالب المشروعة ، والحقوق التي
اغتصبها الفاسدون والقوى السياسية المتخلفة، حتى صارت جموع الناس تعيش حياة جدب وفقر مدقع رغم خيرات بلاد الرافدين من مياه ونفط ومعادن وطرق تجارة وزراعة ، فضاعت جهود المطالبين بحقوقهم بعد أن تمخض فطاحل الساسة في العراق ليعلنوا عن تسمية مرشح لرئاسة الوزراء لا طعم له ولا لون ولا رائحة ، الا اللهم انه استوزر في منصب متهالك لم يترك فيه بصمة ولا علامة ولا نقطة بيضاء إنما أعلن القضاء اتهامه بالتلاعب بالمال العام ، والبعض يجادل ان تلك تهمة كيدية وان القضاء برأهُ منها ، وعلى هذا ينطبق قول الشاعر :
قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كذبا / فما اعتذارك من قول إذا قيلا
وإن كان السيد علاوي متهما وحصل على صك البراءة من القضاء ، ويحمل جنسية بريطانية ، وعمل في مناصب سابقة - إن لم تكن فاشله فهي غير ناجحة - فكيف يتفق مثل هذا السياق مع مطالب الجماهير التي تطالب بمنع من يحمل مثل هذه الصفات من اسـتلام مراكز المسؤولية الحساسة التي عاث فيها المفسدون ما شاء لهم من تخريب ونهب واحتيال والهرب الى بلدان الجنسية الثانية الاجنبية للاختفاء فيها من سلطة الجماهير العراقية والقضاء العراقي في المستقبل .
العلاقة بين الحاكم - السلطة - والشعب حددها الشرع الدولي وعرّفها على انها عقد اجتماعي يتنازل فيها المواطنون عن بعض حقوقهم مقابل ما تقدمه السلطة لهم من حماية وخدمات عامة وأي اخلال بهذا العقد ينفي صفة حق السلطة في التمتع بميزات الحكم فان امتنعت عن ترك كرسي الحكم يحق للشعب قلعها بالقوة بعد أن يكون العقد قد انفرط بين الاثنين- السلطة والشعب - وإن قاومت السلطة إرادة الشعب تحدث الانتفاضات والثورات مثلما هو حاصل اليوم في العراق .
تبقى تسمية أي مرشح لرئاسة الوزراء مثار جدل ونقاش ورفض وقبول ما لم يكن يمتلك الصفات التي يتوخاها الشعب بمن يعده مؤهلا لمثل هذا المنصب وعليه يجب البحث عن من يتميز بالاهلية ومن بين أهم تلك الصفات النزاهة والاستقلال عن الاحزاب وقوة الارادة في مقارعة الفساد والميل الى صف الفقراء من أبناء الشعب الذي أمضى السنوات العجاف وهو يتقلب بين أنياب الفساد والفقر والجهل والتخلف .
إن السيد علاوي لا يتمتع بالمؤهلات التي ترشحه لنيل هذا المنصب لا لانه مليونير كما يدعون ، وانما لانه لم يعرف نضالا بين صفوف أبناء شعبه سواء في الحاضر أو في الماضي ، فهو المولود وفي فمه ملعقة من ذهب والمجبول على النعيم والهناء ، لم ولن يضحي بما بين يديه في سبيل الحق المطلوب اليوم لتحقيق مطالب الجماهير المفجوعة بشهدائها الالف وجرحاها الالاف المؤلفة .
وان كانت القوى السياسية الفاسدة في الدولة العميقة تظن انها تستطيع خداع الجماهير والضحك على ذقون أتباعها الاميين فانها لا تستطيع خداع الجماهير التي تمرست في التمرد على واقعها المزري وانتفضت تطالب بالوطن المنهوب نهارا جهارا ولن تنخدع بخزعبلات فقهاء الجهل والامية ، فالعالم تغير ومجالات المعرفة من انترنيت ووسائل تواصل اجتماعي واطلاع الناس على احوال غيرهم من الامم المتقدمة قشع الغمامة التي كانت تغطي عيون سواد الناس ، فلا قوة بعد امتلاكهم المعرفة تجعلهم يدخلون قفص الجهل والتخلف والطاعة العمياء للمتخلفين وأشباههم من الدجالين الذين أكلوا البيضة وقشرتها وتركوا الناس جياعا في العراء لاخدمات ماء أوكهرباء ولا صحة ولا تعليم ولا سكن مناسب للغالبية الساحقة من المواطنين ، لذلك ستستمر الانتفاضة حتى تحقق أهدافها ، وإن استطاعت القوى الغاشمة الاستعانة بالمرتزقة المدفوعة الاجر والعصابات الوقحة لاضعافها اليوم فانها سـتـنـفـجـر بوجوههم بقوة أعظم عاجلا وليس آجلا وتجعلهم كعصف مأكول ، والله على ما أقول شهيد .