المنظمة التي قتل الأمريكيون زعيمها أبو بكر البغدادي في 26/10/2019م وبمساعدة المعلومات التي حصل عليها الكرد عن مكان إقامته، أصبحت عالمية، لكثرة الأنظمة والدول المشتغلة على بنائها، وعدد الجهات التي استفادت من خدماتها. التهم طالت جميع القوى الكبرى والإقليمية، والكل أستخدمها أداة للطعن في مصداقية منافسيهم، وكل طرف قدم إثباتاته، إما من خلال دعمها أو الاستفادة منها أو تبرئة ذاتهم.
1- الشيعة يؤكدون على أنها منظمة سنية عروبية، قادتها، العسكريون الأوائل جلهم كانوا من جنرالات صدام حسين، البعثيين السنة، بينهم بعض القيادات الذين أطلقت السلطة السورية سراحهم من سجونها في بدايات الثورة السورية، قبل الصراع مع القادة المدنيين أصحاب الشريعة على الولاية وتم تصفيتهم داخليا في عام 2014م، ومعظم الشرعيين كانوا من السلفيين الوهابيين الجهاديين تابعي أبن تيمية، من أبناء السعودية ودول الخليج ومدارسهم الدينية في الخارج.
2- الإرهابي المقتول أبو بكر البغدادي، سني يتبع المذهب الوهابي التكفيري، أنتقل من سجن بوكا في جنوب العراق والتي كانت تحت سيطرة الجيش الأمريكي، إلى قيادة التنظيم في بداية عام 2014م، وقد أستلم التنظيم من خلفاء أبو مصعب الزرقاوي الأردني مؤسس بدايات التنظيم عام 2004م، وجميعهم يتبعون الفكر الوهابي الجهادي السني.
3- الشيعة والدول السنية المتهمة كالسعودية ومصر تتهم تركيا إلى جانب إيران، فأكثر من 80% من الأجانب الذي التحقوا بداعش، استقبلتهم تركيا في مطاراتها وموانئها، أو في نقاط الحدود، كانت تقوم بتجميعهم في معسكرات، قبل نقلهم إلى سوريا والعراق. وقد أتهم نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن تركيا بالتواطؤ مع المنظمة بشكل مباشر.
4- تركيا عقدت معهم أول اتفاقية دبلوماسية، على خلفية أخلاء دبلوماسييها الذين تم ألقاء القبض عليهم في الموصل، وسلمتهم إلى تركيا عن طريق مدينة الباب، وكانت تلك بداية العلاقة التركية مع المنظمات التكفيرية الإرهابية والتي لم تنقطع حتى اليوم.
5- تؤكد إيران تهمتها بجملة من الإثباتات، منها أن المنظمة تبنت المنظمة الفكر الوهابي التكفيري الجهادي السلفي السعودي، الفكر الذي تم تدريسه على مدى عقود طويلة في المملكة، ونشرته في العالم الإسلامي. لذلك كان السعوديون من بين أكبر قياديي التنظيم المسؤولين عن الشرع والفتاوي، علما أن السعودية صنفتها فيما بعد كمنظمة إرهابية في 7 آذار عام 2014م.
6- والسعودية ومصر ومؤيديهم، يثبتون وبوثائق، وقد صور مسلسل تلفزيوني على أساسه، منع من البث بعدما عرضوا جوازات سفر قطرية دبلوماسية مع قادة التنظيم، ليثبتوا بها دعم دولة قطر، وكيف مولتها ماديا، وقدمت من خلال الأراضي التركية الأسلحة، ولوجستيا من خلال سفاراتها، ويؤكدون أنها سهلت لقادتها التنقل بين الدول بتقديم الجوازات والأوراق القطرية الرسمية، ووضعت خطوطها الجوية في خدمتهم.
7- والقوى والمنظمات السنية وعلى رأسهم السعودية ومصر والأزهر، أن إيران صنعت بداياتها منذ سقوط صدام حسين، للسيطرة على العراق وضرب العالم السني بالسنة، دعمتها بعدة طرق، وقد أتهمتها عبد الحليم خدام بأنها أحضرت التنظيم إلى سوريا، ورسخت اتهامهم يوم سلحتها نوري المالكي وحكومته وبأوامر من أئمة ولاية الفقيه، بالتخلي لهم عن أسلحة أربع فرق عسكرية حديثة التكوين مع معظم جنودها، بينها فرقة مدرعة بينها المئات من الدبابات وراجمات الصواريخ وعربات الهامر أو ما يسمى بالهمفي، وكميات ضخمة من الذخيرة، وجميعها أسلحة أمريكية حديثة جداً.
8- كما ونفس الدول مع المعارضة السورية السنية تتهم سوريا، في دعمها، ويؤكدون أن سلطة بشار الأسد تخلت لهم عن أسلحة اللواء 93 المدرع وسلاح فوج الميلبية دبابات ومقر الفرقة 17. كل هذا تم في عام 2014م، في نفس الفترة التي سلمها نوري المالكي سلاح الفرق الأربعة، علما أن حجم التنظيم حينها لم يكن يتعدى 5000 إرهابي.
9- نفس القوى السنية ومعهم بعض الإستراتيجيين الأمريكيين، أتهمت روسيا خاصة بعدما دخلت سوريا، ويؤكدون على أنها تخلت لهم مرتين عن أسلحة وذخائر معسكرها ومعسكر السلطة على أطراف مدينة تدمر، وأعادتها بعد أقل من شهرين في المرتين، إلى جانب السماح لهم باحتلال أثار تدمر لبيعها كمصدر مالي، رافقتها نهب مخطط من قبل قيادات السلطة السورية لمتحف مدينة تدمر، الذين سلموا المدينة لهم، وبينهم نفس الشخص الوسيط ما بينهم والسلطة في عملية شراء النفط منهم، ويقولون أنها يوم قصفت قوافل الصهاريج النفطية، فقط لأنها كانت ترسل إلى تركيا وليست إلى السلطة السورية والتي كانت بينها وبين داعش اتفاقية البيع والشراء.
10- جميع الأطراف تتهم أمريكا، من منطلق أنه لها تاريخ في تشكيل المنظمات وتغيير الأنظمة، وبكل الصفات والاتجاهات لتمرير مصالحها، فهي التي صنعت القاعدة عندما كانت تحارب الإتحاد السوفيتي في أفغانستان، وهي التي سلحت الكونترا، ويقال أنها دعمت الخميني لإسقاط الشاه، وخلقت بدايات المظاهرات في طهران، وهي وهي، ويقال أنها خلقتها بشكل غير مباشر عن طريق القوى والدول السنية والشيعية معاً، ومصالحها هنا متنوعة، ومن بينها تصعيد الصراع السني الشيعي في المنطقة، وغضت الطرف عن مرور أعضائها من خلال مطارات وموانئ تركيا حليفتها دولة الناتو، وهي التي صرفت فيما بعد الكثير للقضاء عليها.
الدول والقوى التي استخدمتها كأدوات وسخرتها لمصالحها:
1- إيران والسلطة السورية دفعت بهم لضرب الحلف السني في العراق وسوريا والسعودية ومصر.
2- تركيا دعمتها عسكريا ولوجستيا ودفعت بها لغاية واحدة، وهي ضرب الكرد في الإقليم الفيدرالي والكرد في سوريا، وعمليات اجتياح وتدمير منطقة شنكال وجنوسايد أهلنا من الإيزيديين كان فيه شيء من هذا التوجه، وتم تفعيله بتصعيد ذهنية الإسلام التكفيري السني الجهادي.
3- السعودية سخرتهم لضرب الشيعة في العراق، والسلطة في سوريا.
4- قطر دعمتهم على أمل إقامة دولة تكفيرية إسلامية عروبية.
5- سمحت لها أمريكا وروسيا بالظهور والتمدد حتى منتصف عام 2014 لتصبح مركز تجميع الإرهابيين من العالم. وخلق الفوضى المطلوبة في المنطقة، وتصعيد الخلاف بين السنة والشيعة. وقد أتهم السناتور الأمريكي عن ولاية كنتاكي راند بول أمريكا بالتواطؤ مع التنظيم. وتغاضت أمريكا وروسيا وأوروبا عنها إلى أن أعلنت أمريكا في 23/9/ 2014م بدأ العمليات العسكرية ضدها أي بعد كارثتي شنكال وكوباني، وبريطانيا في 26من الشهر نفسه، وروسيا في بدايات 2015م. وقد أورد الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكي إدوارد سنودن في وثائقه أن أمريكا وأوروبا يتحملان مسؤولية إنشاء داعش.
6- قادة العراق السنة مخلفات البعث، حلموا بعودة الدولة البعثية بوجه أخر، لذلك عرفت كمنظمة سنية عروبية تكفيرية، ودعمت من قادة السنة في العراق إلى مرحلة ما.
7- وقادة الشيعة في العراق أتبعوا نهج إيران، لذلك لم يتم تشكيل أي فصيل من الحشد الشعبي، إلى بعد صعود خلاف التنظيم مع القاعدة ومعاداة إيران، وأخرها بعد حادثة قاعدة سبايكر وإعدامهم ألف جندي جلهم من الشيعة.
8- السلطة السورية، أرادت تصعيد موجة الإرهاب ضمن الدولة، لتبيان صفحتها عالميا على أن صراعها ليس مع الشعب السوري بل مع المنظمات الإرهابية وداعش والنصرة ممثلي المعارضة، وهذا ما حصل.
قتل الأمريكيون رئيسها، والكرد قتلوا المتحدث الرسمي باسمها أبو الحسن المهاجر، مع ذلك لا يزال فكر هذا التنظيم الإرهابي منتشرا في المنطقة، واجتثاثه، يحتاج إلى الكثير من العمل الفكري إلى جانب العسكري. وتبقى الأسئلة العديدة المحيرة والتي تجول في ذهن كل كردي، منها:
لماذا لم نتمكن كحراك كردي وكردستاني الاستفادة من هذه الأحداث والكوارث، أو على أقل قدر مما قدمناه للبشرية من خدمات؟
ولماذا لم تجمعنا طاولة واحدة ولم نقدم حوارات وطنية لمواجهة المؤامرات المحاكة ضد أمتنا؟
لماذا نهدر إمكانيات أمتنا بمصالح حزبية؟
لماذا نخدم البشرية بإبداع وتفاني، ولا نملك الحكمة عند حضور قضيتنا؟