رمضان شهر الخير والمحبة والغفران وهو هدية من الخالق للمؤمنين لتكفير الذنوب التي اقترفوها طوال عام كامل, فلهذا نجد الناس يشمّرون عن سواعدهم ويجدّون ويسهرون ويكثرون في العبادة من صيام وقيام وقراءة قرآن وتسبيح وتهليل وتكبير وصدقات لينالوا رضا الله, فهو شهر فضيل مليء بالنفحات الإيمانية وهو شهرٌ يعمٌ فيه الفرح والسرور.
هذا العام دخل علينا هذا الضيف الكريم ونحن نفتقد للفرح والراحة النفسية وإحساسنا بحلاوة مقدمه, فكيف نفرح ولنا عشرات الآلاف من إخوة نازحون ومهجرون عن دورهم هربوا الى مصير مجهول بعد أن ذاقوا كل أنواع الظلم والاستبداد من جماعات تكفيرية ارهابية استباحت مدنهم وتحكمّت بمصائرهم وأذاقتهم الذل والهوان , والآن يسكنون في خيم بائسة أو يلتحفون السماء ويفتقرون لأبسط الاحتياجات الانسانية والصحية, وكيف يدخل الى قلوبنا السرور ولنا إخوة وأبناء من قواتنا المسلحة سقطوا شهداء وجرحى في معارك العز والكرامة وهم يعملون على تحرير مدننا المغتصبة من دنس الإرهاب, وكيف نشعر بحلاوة الايمان في رمضان ونهنأ بفطورنا وسحورنا و لنا إخوة في محافظات الجنوب والوسط يتحّسرون على اللقمة التي يسدون بها رمقهم ورمق عيالهم ويعيشون تحت خط الفقر وعجزوا عن ايجاد فرصة عمل شريفة, وكيف لنا أن نشمّر عن سواعدنا ونهنأ بعبادتنا بقلوب مطمئنة ولنا إخوة في إقليم كردستان لم يستلموا رواتبهم لشهور عديدة فكيف سيتمكنون من إعداد وجبات الفطور والسحور وهم على هذا الحال, وهل سنتمكن من الخشوع في صلواتنا وهناك عشرات الآلاف من أبناء بلدي تحرق قلوبهم نار الغربة في مختلف بلدان العالم التي هربوا لها مكرهين بسبب الظروف الأمنية والمعيشية تاركين ورائهم البلد والدياروالأهل والأحباب.
أقول لمن سندعو في صلواتنا هذا العام؟ وهل سيبقى مٌتسعٍ لندعوَ لأنفسنا؟ لاأعتقد لأن دعاؤنا سيطول ويطول لأن جُرح بلدي كبير ومعاناة شعبنا مريرة وتحتاج منّا لخشوعٍ حقيقي ومناجاة طويلة مع الله ونسأله أن يرفع هذه الغمّة عن بلدنا ويرحم شعبنا ويهلك عدونا ويخلصنا من طبقة سياسية ابتلينا بها لاهمّ لها سوى مصالحها الشخصية والحزبية فكانوا السبب في تدمير البلاد والعباد.