2015-05-20 12:59:25

عرس شرطي في السابعة والخمسين من العمر، وفتاة شيشانية في ربيعها السابع عشر، أثار ضجة كبيرة في المجتمع الروسي،


واستياء بالغا لدى المدافعين عن حقوق الإنسان، خاصة وأن العريس متزوج من امرأة أخرى. ولكن المفاجئ في الأمر، أن الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف انبرى للدفاع عن العريس والعروس.

تتابع وسائل الإعلام الروسية منذ أواخر نيسان/ أبريل الماضي، قصة مثيرة بطلاها فتاة شيشانية ريفية لم تتجاوز ربيعها السابع عشر، اسمها خيدي غويلابييفا، ورئيس قسم الشؤون الداخلية في المنطقة ناجود غوتشيغوف.

صحيفة "نوفايا غازيتا" الليبرالية، التي علمت بموعد العرس المنتظر، ذكرت أن والدي الفتاة رفضا على نحو قاطع تزويج ابنتهما لرجل "في عمر جدها"، ولكن أسرة الفتاة تعرضت للتهديد باختطاف ابنتها بالقوة في حال الاصرار على الرفض.

اتصلت الصحيفة بالعريس المنتظر، فنفى نيته الزواج من خيدي، مضيفا أن لديه زوجة. ولكن سرعان ما أكد واقع الخطوبة الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف، الذي يعرف غوتشيغوف معرفة شخصية. وفيما بعد استحسن قاديروف الزواج المزمع، معلنا أن والدي العروس لا يعارضان ذلك.

بلغت حبكة القصة ذروتها عندما تقرر إقامة حفل الزفاف، فكتب قاديروف في حسابه على برنامج انستغرام، إن "الفرق بين عمري العريسين ثلاثين عاما. وأهل الفتاة باركوا عقد القران".  وتقرر أن يقام حفل الزفاف في 16 أيار/ مايو.

"ظاهرة طبيعية"

وبسبب هذه القصة المثيرة للجدل فقد منصبه وزير شؤون الصحافة والإعلام في الشيشان، الذي يتحمل مسؤلية تقاعس وسائل الإعلام المحلية التي تجاهلت، كما يرى قاديروف، القصة الفضائحية، ولم تدافع عن الحقيقة.

وفي لقائه بممثلي وسائل الإعلام في الجمهورية، عبر قاديروف عن غضبه قائلا " في كل مكان يتحدثون عن ذلك ، وفي جميع الصحف.. فلماذا انتم لا تتكلمون؟" ولكن السجال حول القاصرة خيدي، التي يريدون إرغامها على الزواج من "عجوز"، أو جعلها زوجة ثانية حسب الشريعة، قد انتقل إلى المستوى الفدرالي.

ردة الفعل الأولية للمفوض بشؤون حقوق الطفل في روسيا الاتحادية بافل آستاخوف، الذي رفض عمليا التدخل في هذا النزاع، تركت صدى سلبيا في الأوساط الاجتماعية. من ناحيته، أعلن مصدر في مكتب آستاخوف الصحفي أنهم لم يتلقوا من والدي الفتاة وأقربائها أية شكاوى عن العنف ضدها. وأضاف قوله "نحن لا ندافع عن الناس بالقوة".

هذا الموقف السلبي قوبل بنقد شديد من طرف البرلمان الروسي، الذي ذكَّر "الأمين على مظالم الناس"، أن الأمومة والطفولة تحت حماية الدولة بموجب الدستور. بعد ذلك قال آستاخوف على أثير "هيئة الأخبار الروسية" إن الزواج في سن مبكرة ظاهرة طبيعية في القوقاز، والحد الأدنى لسن الزواج تقرره السلطات المحلية، "فهو في الشيشان 17 عاما، وبشكورتوستان 14 عاما، وفي ريف موسكو 16 عاما. وثمة (مناطق) لا حد أدنى فيها لسن الزواج.

الخبيرر بشؤون القوقاز، رئيس تحرير موقع "كفكازسكي أوزيل" على الشبكة العنكبوتية، غريغوري شفيدوف ، أدلى بحديث لـ "روسيا ما وراء العناوين"، جاء فيه أن "زواج الفتيات صغيرات السن من رجال أكبر منهن سنا، ظاهرة منتشرة في الأرياف.

وغالبا ما يدور الحديث عن حالات إرغام لا تتعرض فيها الفتاة لتهديد بالقتل أو الأذى الجسدي، بل للضغط النفسي". والحقيقة، أن من غير المألوف هناك الشكوى من هذه الممارسات، وبالتالي لا يطلبون الحماية منا". ويضيف شفيدوف موضحا أن "من أسباب ذلك غياب الإجراءات الواضحة للحماية من قبل الدولة في هذه الحالات".

حسب قوانين الشريعة

ولكن إذا تعددت جدا الأمثلة على زيجات معروفة غير متكافئة، ردا على التذكير بفرق السن بين العريس والعروس في مكان عام، فإن واقع تعدد الزوجات قد أثار موجة سخط أشد. رئيس مجلس حقوق الإنسان لدى الرئاسة الروسية ميخائيل فيدوتوف، توجه بالشكوى إلى النيابة العامة، بينما توجهت مفوضة شؤون حقوق الإنسان، إيللا بامبيلوفا، بشكوى مماثلة إلى القيادة الشيشانية.

التشريعات الروسية تحرم تعدد الزوجات، ولكن في بعض الجمهوريات حيث الدين الإسلامي هو السائد، فإن الموقف من هذه المسألة يتسم بخصوصية معينة. يحق للرجل، بحسب الشريعة الإسلامية، أربع زوجات. وهذه الزيجات يعقدها الإمام أو القاضي، "ولا تتمتع بالقوة القانونية، وبالتالي لا تتأتى عنها أية علاقات حقوقية"، كما يقول لـ "روسيا ما وراء العناوين" رئيس قسم القوقاز في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فلايمير بوبروفنيكوف.

يدور الحديث هنا عن نزاع بين الحقوق الشرعية والحقوق الوطنية، كما يعتقد كامل جان كالانداروف، مسؤول منظمة "الحق" الإسلامية لعموم روسيا، الذي يضيف أن دوائر الأحوال المدنية في الشيشان لم تشهد من قبل حالات تسجيل قران على عددة زوجات في آن. وفي هذا الصدد يعبر كالانداروف عن استغرابه قائلا "أنا أعرف روسا يعيش كل منهم مع زوجته، ويعاشر عدة عشيقات في الوقت نفسه. ولكن ذلك لا يشكل مبررا لملاحقته". ويخلص مسؤول منظمة "الحق" إلى أن من الخطأ مقاربة حياة الجمهوريات الإسلامية "وفق معايير بروكسل أو موسكو".