2020-05-26 07:30:01

بلغ سعر أوقية الذهب ما يقارب 1760 دولارا في الأيام الأخيرة، وهو ما أثار بهجة المستثمرين في الذهب الذين واكبوا ارتفاع أسعار هذا المعدن الثمين من 1050 دولارا منذ منتصف ديسمبر/كانون الأول 2015، لكنه سرعان ما عاود الانخفاض، حيث هبط إلى ما دون 1726 دولارا في التعاملات الصباحية اليوم الاثنين، ويظل السؤال المطروح هو: هل ستعود أسعار المعدن الأصفر إلى الارتفاع؟ وهل ستستمر على هذا المنوال؟

وفي تقريره الذي نشره موقع "ذا كونفرزيشن" الأسترالي، قال الكاتب جورج سكادوبولوس إنه في ما يتعلق بالذهب والسلع الأخرى تفيد أعراف السوق بأن أسعار هذه السلع تستند إلى أسعار العقود الآجلة التي ستكتمل في أقرب وقت ممكن، وهذا مسار أسعار الذهب منذ العام 1975 وحتى الآن.

سعر الذهب ما بين 1975 و2005

كانت الفترة الأطول هي تلك الممتدة من يناير/كانون الثاني 1975 إلى فبراير/شباط 2005، وفي هذه الفترة ارتفع سعر الذهب وانخفض ولكنه عاد دائما إلى متوسط سعر يبلغ حوالي أربعمئة دولار للأوقية.

وذكر الكاتب أن الاستثناء الوحيد الملحوظ كان بين عامي 1979 و1980، حيث وصل سعر الذهب إلى حوالي 820 دولارا، ويمكن تفسير ذلك من خلال ارتفاع أسعار النفط الخام، وما أعقب ذلك من تضخم خلال نفس الفترة، لكن تراجعت أسعار كل من النفط الخام والذهب في وقت لاحق.

 

2005- 2011

شهدت الفترة الممتدة من فبراير/شباط 2005 إلى أغسطس/آب 2011 زيادة ملحوظة في السعر، حيث انتقل من أربعمئة دولار إلى 1880 دولارا، باستثناء انخفاض خلال النصف الثاني من عام 2008 في خضم الأزمة المالية العالمية.

وتشمل هذه الفترة ما يسمى ازدهار 2005-2008، أي الفترة التي ارتفعت فيها أسعار السلع الأساسية في جميع المجالات.

يشار إلى أن هذه الطفرة مثلت الطفرة الثالثة فقط منذ الخمسينيات، ومن بين التفسيرات المحتملة لهذا الارتفاع زيادة الطلب من الاقتصادات الناشئة مثل الصين والهند، بالإضافة إلى تدفق أموال المستثمرين إلى أسواق السلع الأساسية.

 

2011- 2018

بعد وصول أسعار السلع إلى ذروتها في أغسطس/آب 2011 انخفض سعر الذهب مرة أخرى من 1880 دولارا إلى 1050 دولارا في ديسمبر/كانون الأول 2015، وبدءا من عام 2016 شرع الذهب يستقر عند متوسط حوالي 1200 دولار حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2018.

 

2018 وحتى الآن

وفي الوقت الحالي لا يزال السعر فوق متوسط سعر عام 2020 البالغ حوالي 1620 دولارا، لكنه لم يتجاوز أعلى مستوى له على الإطلاق والبالغ 1880 دولارا المسجل في أغسطس/آب 2011، وعلى الرغم من أن أسعار الذهب قد تستمر في الارتفاع فإن التاريخ يظهر أنه لا يمكن توقع فترات تراجعها.

ما الذي يساهم في ارتفاع أسعار الذهب؟

وأوضح الكاتب أن استمرار سعر الذهب في الارتفاع يعتمد على عدد من العوامل، وفي الواقع تؤثر قرارات البنوك المركزية بشأن أسعار الفائدة والتضخم على سعر المعادن الثمينة، حيث إن انخفاض أسعار الفائدة وارتفاع التضخم يجعلان هذه المعادن أكثر تكلفة.

وينطبق الأمر نفسه على أسعار الصرف، مما يعني أن ضعف الدولار سيؤدي إلى ارتفاع سعر الذهب.

ومن العوامل الأخرى العرض والطلب على المعدن نفسه، حيث تعد زيادة صعوبة تعدين الذهب بمرور الوقت من أحد أسباب ارتفاع الأسعار على المدى الطويل.

وسيؤثر كل ما سبق ذكره على المستثمرين الراغبين في شراء أو بيع العقود الآجلة للذهب أو صناديق المؤشرات المتداولة التي تتداول مؤشرات السلع التي تشمل المعادن الثمينة، كما يمثل مستوى عدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد أمرا مهما أيضا، حيث يعتبر الذهب ملاذا آمنا في الأوقات العصيبة.

وأضاف الكاتب أنه فيما يتعلق بكيفية تأثير كل عامل بالضبط على الذهب فإن المؤلفات الأكاديمية تظهر نتائج متباينة للغاية لبعض هذه العوامل، فعلى سبيل المثال، منذ ما يسمى ازدهار السلع في عام 2005 كان هناك جدل بشأن ما إذا كانت أسعار الذهب (والسلع على نطاق أوسع) تتأثر بشكل أكبر بالأساسيات الاقتصادية أو سلوك المضاربين وصناديق المؤشرات المتداولة، أي ما إذا كان الذهب في الأساس منتجا ماليا أو سلعة مادية كما هو الحال مع معظم الأشياء، وربما يمثل الذهب كليهما.

هل يجب عليك أن تشتري الذهب؟

وذكر الكاتب أن الأبحاث التي أجراها بشأن تأثر الأسعار بالهوامش التي يفرضها الوسطاء على عقود الذهب الآجلة أفضت إلى أن المستثمرين الذين ضمنوا الذهب في محافظهم الاستثمارية إلى جانب الأسهم والسندات والنقد كانوا أفضل حالا في الفترة الممتدة بين 1989 و2009.

ومن المثير للاهتمام أن الحال يختلف بالنسبة للمستثمرين الذين أضافوا سلعا أخرى، مثل القطن والنحاس، وهو ما يسلط الضوء على الخصائص المميزة للذهب والسلع الأخرى، كما يبدو أن أداء الذهب والنفط الخام يختلف عن بقية السلع.

ونبه الكاتب إلى أن توقع أسعار الأصول ليس سهلا على الإطلاق، ويحتاج المستثمرون دائما إلى توخي الحذر، وكلما زادت الأنباء السلبية عن النمو الاقتصادي زادت فرص ارتفاع أسعار الذهب، وحتى في هذه الحالة قد يبدو المسار الذي ستتبعه أسعار الذهب غير واضح.

وإذا تسببت الأخبار السيئة في تراجع أسواق الأسهم مرة أخرى مثلما هو الحال مع أزمة فيروس كورونا فإن من الممكن أن يبيع المستثمرون الذهب والسلع الأخرى لتعويض خسائرهم في أصول أخرى، والواقع أن القيام بذلك سيشكل ضغطا قد يتسبب في هبوط أسعار الذهب، يقول الكاتب.