سندس ميرزا / بعد 15 عاما من طرح الأراء وابداء المقترحات والمطالب المستمرة الى الحكومات المتتالية، علمنا مؤخرا فقط بأنا على خطأ! لان الحكومات في هذا البلد ليس باستطاعها تغيير الوضع ولا حتى ترغب بذلك.
فعلى سبيل المثال في المناسبات والندوات واللقاءات المرتبطة بالتحدث عن ملف الفيليين وامثالهم، وعلى الرغم من ان قلة نسبة مشاركات المسؤولين فيها امر مخجل، ومع ذلك فان من يحضر منهم لا يستمعون الى الاحاديث التي تدور بشأن الملف ولا يشغلون انفسهم بالتفكير به، والذين يستمعون صدفة وينتبهون لهذا الملف ليست لديهم سلطة تنفيذية.
فاذا كان هذا قدر ملفنا وقضيتنا، فان أكبر أخطاء مجتمع المفكرين والمثقفين تنحصر في انه منذ تأسيس هذا البلد يعيدون تكرار الخطأ نفسه بان يجعلوا فكرهم ووعيهم موجه الى الحكومة فقط وهي (اي الحكومة) لا تنصت ابدا؛ في وقت ليست هذه مشكلة البلد.
وعلى طول 100 عام اهدرنا جميع الثروات النفطية والمعدنية والطبيعية والامكانات الانسانية من اجل ان نغير الحكومة؛ او ان الحكومة كانت تريد تغييرنا، ولكن لم يتغير شيء. كانت جميع الامكانات مسخرة للانقلابات وسحق البعض للبعض الاخر، وليس لبناء البنى التحتية التربوية وفي داخل العائلة والمجتمع.
الفيليون ليسوا بغافلين عن ان العراق المعاصر ايضا، في اوضاعه الاجتماعية والعقلية الحاكمة فيه بقيت مشكلاته تراوح في مكانها منذ تأسيسه لحد الان. تراوح عند النقطة التي تم فيها تشريد المواطنين عن اماكنهم، والتي تعرض الكثير من مكوناته وقومياته للتطهير العرقي والتغييب.
مائة عام وهذا السلوك والتعامل الثابت باق بسبب ان المفكرين وبدلا من الالتفات للمجتمع، يسلطون ضوء ملاحظاتهم باتجاه الحكومة.
فاذا لم يكن الالتفات للحكومة موازيا بقيمته نسيان انفسهم ومجتمعهم فلماذا هم متعبون من البطالة والانهيار واليأس من هذه الاوضاع؟!
دعونا نبتعد عن امراض وعلل المفكرين، ونعود الى الفيليين مرة اخرى وجميع المكونات المضطهدة في هذا البلد، فبالرغم من الحكومة ومن دون ان يكون لهم برنامج عمل للمستقبل، وفقط بالنقد الكثير "من دون الالتفات الى اوضاع المجتمع في ترديها الدائم، يظهر لهم ان جميع جهودهم تذهب هباء"
ولايمكن نسيان ان الحكام هم من تربية هذا المجتمع. فاذا لم يفهموا المجتمع فهذا يعني ان تربيتهم لم تعلمهم فن الحوار. اذا كان الجميع على خطأ مكرر ولا يمكنهم عمل شيء، فهذا يعني ان كل شخص من نتاج تربية هذه البيئة يحل محلهم فسيعيد الفعل نفسه الذي سبق، وهذا يعني ان المشكلة الرئيسة تكمن في المجتمع وليس في الحكومة. داخل البيوت والمدارس وليس داخل مؤسسات الحكومة. والا فان حكومات دول المحيط ليست بأفضل ولا بأسوأ من حكوماتنا.
هناك مثل يقول ان قوة السلسة في اضعف حلقاتها! لانه يجب باستمرار الانتباه لتلك الحلقة الضعيفة التي تتجسد اليوم في الفيليين والمكونات المغلوبة على امرها في هذا البلد وليس في الحكومة.