سندس ميرزا / اصبح هناك عرف في العراق بان تبذل المساعي والمحاولات الدائمة والمستمرة لتغيير ما يسمى بالمسؤول الفاسد ولكن النتائج تكون دوما اسوأ من ذي قبل. وهذا يعني ان محاولة تغيير المسؤولين في هذا البلد سواء بالوسائل القانونية ام غير القانونية لم تؤدِ الى التوجه نحو الاحسن؛ فمثلا ان ملف الفيليين وامثالهم لم تكن عند مسؤولي الامس واليوم سوى ما يشبه ذلك الرقيم الكبير الذي يحتوي على الكتابات نفسها وجها وقفا.
ويروى ان جماعة من الناس ذوي المصير المشترك كانوا يعيشون بسفح جبل حيث كان هناك حجر كبير ضخم يصدر بين الحين والاخر صوتا غريبا يسمعه الناس، كما لو كان يناديهم ويستدعيهم لكشف سرٍ ما. واخير تجمع الناس حوله وتعاونوا على ان يرتقي احدهم فوقه؛ وبعد ان قام هذا الشخص بازالة ما علق بالجانب المستوي من الحجر من اتربة واطيان وبعد البحث والتقصي وقعت عينه على جملة محفورة فيه: ان من يرغب بمعرفة سري عليه ان يقلبني رأسا على عقب.
فقام الناس بعد جهد جهيد وتعب شديد وسعادة كبيرة بقلب الحجر رأسا على عقب وعندما قرأوا ما كتب على الجانب الاخر من الحجر فغروا فيهم من هول المفاجئة عندما وجدوا ان السر المكتوب على الجانب الاخر لم يكن يختلف عما كتب على الجانب الاول حيث نقش عليه: ان من يريد معرفة سري عليه ان يقلبني رأسا على عقب!
وهذا يشبه تماما اوضاع الفيليين في جميع جوانب وشؤون حياتهم الحالية في هذا البلد فمهما يقلب ملفهم يجدونه متشابها. وخصوصا في ادارة قضايا سلب الحقوق والسياسة نغير بعضنا ومنذ سنوات كثيرة ابتعدنا عن الخطوات والاعمال الجريئة والمناسبة التي تخدم هذه الشريحة وافراده؛ ولكن لماذا؟!
ومما لا يمكن نكرانه اليوم ان دورنا وصورتنا على الخارطة اصبح اقل واصغر مما كان في السابق وان الشخصيات التي اصبحت مسؤولة او تقلدت المناصب اما عن طريق براعتها وامكانياتها الذاتية او عن طريق التزكية والتوصيات تفهم المشكلة ولكن انعدام السند والخشية من انقلاب التغيير لا يسمح لها بإظهار شجاعة اتخاذ موقف وقرار ازاء التقصير الحكومي وصمت الاطراف الموجودة فيما يتعلق بالقرارات السيئة والمعادية لحقوقنا.
انه النظام الفيدرالي العراقي الذي يسمح لاي شخص يصبح مسؤولا ان يكرر الاعمال والافعال نفسها التي فيها ضررنا نحن الفيليين. كما ان الشريحة كانت اغلب مساعيهم في سنوات القحط الاخيرة للمسؤولين من ابناء جلدتهم ان يقوموا بتغيير اوجه تلك الشخصيات المسؤولة بأخرى.
وجميع الهيئات والمجاميع مشتركة في هذا المشروع وفي سلوكها وما ينتج عنه تفسير لوجهتي ما هو مدون على الحجر. ومن الطبيعي ان يقف جلينا القادم على الحجر الكبير وان يقوموا بتقليبه وقراءة الجملة الوحيدة التي تنص على الانشغال بتغيير تلك الوجوه التي تدير ملفهم هذا. ومن اجل الحصول على المناصب ورضى هذا وذاك يقومون حتى بدفن ملف ابادتهم الجماعية (الجينوسايد) حيا في صحاري السياسية.