علي حسين فيلي/ لا نرى في تاريخ البشرية مجالاً وانفتاحاً بقدر ما يفسحه العالم الافتراضي بشكل يصل الى أكثر من ثلاثة مليارات شخص لهم القدرة على التواصل يومياً، وهذا صيد ثمين مع ما يرافقه من فراغ فكري فهناك مجموعة من الرؤى والنظريات التي تأثرت بها بيأتنا وامطرت على ارض تواجدنا بشكل سريع لم تسنح الفرصة لكي تصبح قناعة ناضجة وتعارفا وتواصلا جماعيا، وقد تعاملنا مع هزل السياسة بجد ومع الطائفية المسيسة بتعصب ومع ابناء جلدتنا بالاكراه. واليوم ما هي القضايا التي يجب ان تناولها؟ وكان لدينا مجال واسع، وإمكانات مناسبة، ولكن الفرص التي اتيحت أصبحت نقاط ضعف وتهديدا لنا، وهذا أسوأ ما يمكن تصوره، ومن صغائر الأمور خلقنا مشاكل كبيرة، ولو اعتمدنا على احصاءات تعداد الكورد الفيليين من الصعوبة بمكان إيجاد عدد كافٍ قد استقرأ ما يجري حوله بواقعية، ولأولئك الذين هم في سبات حركة الزمن والفرص الضائعة لا تمثل شيئاً بالنسبة لهم. وفي العراق اليوم الهويات المتعددة هي من برزت على السطح بمختلف مسمياتها، وانتماءاتها واي من تلك الهويات تستطيع ان تستبدل اقنعتها الى العنف والقسوة، الاخرون مستمرون بمشاريع تقفز على قضية الكورد الفيليين وما يشابهها، مع ان قضيتنا غنية بالتنوع المتمثل من الناحية القومية والطائفية، والجانبان اغفلا الايجابيات من الناحية المعنوية وتحجيم دورنا السياسي والاجتماعي لأن قضيتنا لديها امران احدهما يتوق الى الدخول في ميدان العالمية، والأخر متحفظ لا ترنو عيناها خارج الأطر المحلية اهم الاسباب الرئيسة لخسارتنا منبعثة من هذه الحقيقة كوننا قد تُركنا لتلك الجدلية العقيمة في زمن صراع الكورد والشيعة على البقاء، وليس مجرد التشبث بالسلطة، وتلك الجدلية لن تكسبنا اراء واصوات شعب حي، ومن يدرك هذه الحقيقة فليكن شجاعاً ويفصح بها للاجيال القادمة بألاّ تحذوا حذوها مستقبلاً، وفي الوقت الحالي فإن الكثير من ابناء الشريحة المتصدين في الساحة وبسبب تعصبهم القومي او الطائفي لا يبوحون بهذه الحقيقة، وبسبب دوافع نفسية لا نحددها. القضايا التاريخية والثقافية والاجتماعية في مناطقنا اصبحت مغلقة، وقد فقدنا القدرة على الحوار، وكل فئة ولون سياسي سبحت في فضائها الخاص، ولم تعد تلتفت لما دونها، ومثل هكذا وضع لشريحة بعد الكثير من التضحيات والمعاناة، وبالمحصلة يكون وضعها لما نحن عليه، فلن تكون لها الاستطاعة ان تضحي للمرة المئة والالف. التواصل والتفاهم فيما بيننا ليست واجبات تفرضها الحكومات بل هي تتأتى من المشاركة والحضور الفعلي، والضعف في علاقتنا يدل على تحجم فكرنا المدني، وهذا الضعف الحق بالشريحة خسائر مجتمعية، وقلل من مكانتنا داخل الأوساط الرسمية الانسان الفيلي اليوم وبعد حاجز الصمت لديه، يبحث عن الاستقرار والهدوء النسبي حتى لو كان سطحياً واينما كان لكي يتمكن من الخروج من الفوضى العارمة والجدلية العقيمة التي تلاحقه، ويهرب من المشاكل التي تتجدد كل يوم له بمظهر ولون مختلف وتقفز على حقوقه.