علي حسين فيلي / عندما كانت الحرب الكونية الثانية في اشدها وكانت المانيا النازية تشدد خناقها على بريطانيا، انبرى رئيس وزرائها تشرشل ليطلق ذلك التصريح المدوي الذي قال فيه: من اجل الحاق الهزيمة بالالمان انا مستعد للتحالف مع الشيطان!!
امام الابواب السياسية المغلقة بوجه قضية الكورد الفيليين ظهرت خلال السنوات الماضية العديد من المصطلحات تدخل معظمها في خانة ردود الافعال ونتاجا لليأس من مواقف واجندات ابناء الجلدة في القومية والنظراء في الدين والمذهب والسياسة في هذه البلاد. ومن الملاحظ انه في عراق متعدد الاديان واغلبية مسلمة لا يتم الحديث عن التحالف مع الشيطان من اجل ايجاد نهاية للمعاناة لكي تتحقق العدالة في اصغر صورها.
والاحصاءات التي تخص الكورد الفيليين على الرغم من كونها مشوهة وغير صحيحة، الا ان عظم الكارثة اكبر بكثير من تحويل القضية العامة الى قضية الفرد داخل المجتمع، نظرا لانه ما زال لدينا من الذين ولدوا في الغربة الذين غيبوا انفسهم اكثر من عدد المهجرين والمشردين والاموات المدفونين هناك.
وهذه حقيقة، لها تناقضات سياسية وسلوكية لا تسمح بجلوس الاقلية المظلومة مع الاغلبية غير المظلومة على مائدة واحدة.
والسلطة والاحزاب لا تصدع رأسها بقضية تبدو خاسرة، ورغم ان الابادة الجماعية (الجينوسايد) قد ابرزت اسم الفيليين وقضيتهم للعيان اكثر حسب المعايير الدولية لتلك الجريمة، الا ان سياسات صدام لا تزال سارية المفعول وتشكل تهديدا لهم؛ ف قرارات مجلس قيادة الثورة لم تعد ترعبنا وانما انعدام ارادة تنفيذ قرارات اعادة الحقوق لا يسمح للامل بالتجوال في ازقة واحياء الكورد الفيليين . فمنذ سنوات هناك طرفان فائزان في قضيتنا هذه، الاول محامو قضيتنا الذين قبضوا اتعابهم مسبقا، والثاني الاجهزة المختصة المستفيدة اولا واخيرا في قضايانا التي ما عادت قضايا الا في حدود المعاملات السياسية والمالية.
والانسان الفيلي لا ينبغي ان يكون في كل الامور العدو غير المبرر او الصديق والموالي الذي لا يتلقى المكافأة، فما هو الحل واي مسعى سيكون راسمال السعي للعمل؟!ّ بلا شك فان السلم والوحدة ورص الصفوف اكبر واعلى صوت وامل. الراسمال الوحيد لوجودنا او عدمنا اصيب بداء السياسة ولكل شيء ردود افعال سياسية تعمل على القضاء على روحية السلام، والتعايش.
كانت فرصة ذهبية عندما قضي على صدام، ومن المحزن اليوم وبعد 14 سنة ان نعود الى نقطة الصفر ويجب استئناف العمل بشكل مغاير لما جرى في الماضي لاستقبال الجيل الجديد والمرحلة الثانية والثالثة من العمل والنشاطات.
وبغداد كانت جنة ميلادنا وجحيم اضطهادنا وبامكانها ان تكون المحطة الاخيرة لازالة الظلم او تكون اخر محل للوجود الجماعي للانسان الفيلي.
علينا بذل المساعي بعيدا عن مرارة السياسة ومشكلاتها وعن الصخب اللا مجدي، لان الفعل السياسي يلازمه دوما ردود الافعال وكما يقال فان محض الدعاء بلا عمل لا اثر له. ومن الطبيعي عندما لا نتحمل مسؤولية اي شيء فهذا يعني ان فعلنا هو لا شيء ، وفي اللاشيء لا يمكننا الحفاظ الا على ما هو محض خيال.
بالاعتراف بحقيقة اننا قضينا ماضيا بلا برنامج وتحطيم قيود النمط المعتاد ليس سهلا بمكان، فلا ننتظر المنقذ الذي يقوم في دنيا الواقع بنشر بيانات السلام او ان تقوم محكمة الجنايات مرة اخرى باصدار قرارات جديدة.
والنصح والتقارب هما الرأسمال الوحيد المتوفر بين ايدينا وباقي الاشياء بحاجة الى مزيد من الوقت، والان هي اكثر الاوقات حساسية بالنسبة الى الانتخابات المقبلة وتصاعد وتيرة سوق السياسة، فيا ليت للفيليين تواجدا في هذا الركب.