عبد الخالق الفلاح/ شهداء الكورد الفيليون ومعهم مئات الآلاف من الشهداء العراقيين من الكورد والعرب والتركمان وسائر مكونات الشعب العراقي الذين توزع عليهم الظلم والبطش والاجرام ما يؤكد بشاعة النظام السابق وتقييده لحرية الانسان بجميع المذاهب والاطياف والراي والصحافة ليجعل من العراق سجنا كبيرا ولم يسلم من جرائمه حتى الحجرالى درجة لا يمكن احيانا تصورها او رسمها بالصورة الحقيقة لعمق الفواجع المروعة وشنيعة الجرائم المرتكبة وبعدها عن الانسانية والتي تمت بوحشية ومنهجية منظمة استخدمت فيها كل الوان البطش القهرية المختلفة بقوة سلطة الحكومة من قيادات ساهمت بوحشية وافراد حزب البعث والاشخاص من مختلف المستويات والمناصب الذين نفذوا هذه الجرائم القذرة سواء كانت مساهمتهم صلية أم تبعية أم شركاء او ارتكبوها ساعدت النظام عن كل ما جرى في تلك الايام من تفنن النظام بها لاتعد ولاتحصى ولم تقف عند حدود معينة بل ساهمت في اطالة بقائها على رأس السلطة حيث نجح البعث في إسقاطهم بمستنقع الرذيلة فانتهز النظام الفرصة وحوَّل تلك الجريمة إلى عمل وطني شريف وفق مفهوم ايديولوجيات البعث المشبع بالدم .
هنالك ملفات فيلية في قعر الملفات العراقية الشائكة تنتظر من ينتشلها و يمسح الغبار المتراكم عليها ، هنالك نحيب فيلي لايسمع صداه وهنالك بُركة من المشاكل تحتاج حجرا يلقم فيها كي تتحرك . هذه الجرائم البعيدة عن الخلق والتي تتفرع منها اخرى عديدة وكثيرة مرتبطة بها عانى منها هؤلاء العراقيون وما زالوا يعانون من تبعاتها وهم موزعون في معظم انحاء العالم ، فجرائم التسفير والتهجير والتغييب والسجن والاعتقال والاحتجاز لسنوات طويلة غير مسندة بتهمة او ممارسة فعلية اوشكلية اوسلب حق احد والتي عانى منها ولازال عشرات الآلاف منهم والتي يصر الشفينيون والحاقدون من البعثيين والقوميين العروبيين ام من ركب مركبهم عليها ، رغم ان هناك من وقف معهم وانصف مظلوميتهم ودعى لاعادة الحقوق لهم والحكومة تضامنت مع مظالم الكورد الفيلية و قامت باصدار العديد من القرارات التي تؤدي الى انصافهم واعادة الحقوق التي سلبها منهم النظام البائد .
هؤلاء الذين وجدوا انفسهم مجردين من كل الوثائق والمستمسكات الرسمية واموالهم واملاكهم تمت مصادرتها بغير علة والعوائل تم فصلها بعضا عن بعض ، فالكبار في السن من الآباء والامهات والنساء والاطفال تم اخذهم الى الحدود وتركوا بين حقول الالغام في السهول والوديان على الحدود ليواجهوا مصيرهم تحت نيران القتال بين البلدين في ذلك الوقت او تسلط عصابات التهريب وتجريدهم من ما تبقى لهم .
اما الشباب والرجال فقد تم التقاطهم من وحداتهم العسكرية التي كانوا يخدمون فيها ومحلاتهم ومتاجرهم سلبت وفي احسن الاحوال بيعت بابخس الاثمان لصالح الدولة وتم احتجازهم في السجون والمعتقلات واقتياد الشباب ثم تصفيتهم في زجهم في الحرب كدروع بشرية واجراء التجارب الكيمياوية على البعض الاخر منهم في السجون والمعتقلات وانكار كل ما يتعلق بهم وبوجودهم دون الكشف او معرفت مصيرهم لهذا اليوم والسكوت المطبق عن متابعة ملفاتهم من قبل الحكومة رغم القوانين الداعمة العديدة التي صدرت في هذا المجال .
ان هذه المأسي البشعة والتي لم تتوفر الفرصة والظروف المناسبة للتعريف بها وعرضها امام العراقيين والرأي العام العربي والعالمي بسبب الاوضاع الصعبة والمعقدة التي عاشها ويعيشها العراق بعد سقوط النظام وهناك من يقف حجر عثرة امام كشفها، والاهتمام الاعلامي بملفات ومواضيع اخرى اقل منها اعتباراً كانت تركض اليها وسائل الاعلام تبعاً لعوامل السبق والاثارة الصحفية التي تميز العمل الاعلامي عموما، وهو ما يفرض علينا واجبا والتزاما اخلاقيا ووطنيا وانسانيا بوجوب الاهتمام والتعامل مع هذا الموضوع وغيره من المواضيع المهمة ولو لاختيار واحدة بذات الاهمية والحجم الذي يشغله موضوع مهم يشغل الناس هذه الايام مثل اي موضوع بسيط ليس فيه من الاهمية يسلط عليه الاعلام بشكل مكثف .
مجمل الجرائم التي ارتكبت وبقيت دون رادع وتنتظر المساومات من اجل امرارها لم تخضع هذه التصرفات والممارسات والتجاوزات اصحابها إلى طائلة المحاسبة والمساءلة والعقوبة وبحجة إن القوانين النافذة لا تغطي هذه الأفعال الإجرامية والإنتقامية المشينة وحالات الكراهية والبغضاء ، وعليه فمن الاولى تطبيق قانون المساءلة والعدالة بحق من اجرم وكانت له بصمة في تلك النكبة فوراً بعد الاسراع في نشره في الجريدة الرسمية من أجل إنزال القصاص العادل بكل من مارس هذه الأفعال ليكون عبرة يسجله التاريخ للاجيال القادمة بغض النظر عن منصبه ودرجته ومكانته ومحاسبته لإصراره على الاجرام والخبث وتعمده في سلب الحقوق القانونية للمكون الفيلي والمكونات الاخرى والذين مع الاسف اختبأوا خلف اسوار احزاب السلطة اليوم ، كل الذين تضرروا من تلك الممارسات ينتظرون اعادة الحقوق المقررة اليهم وفق القوانين ودون وضع العراقيل والمعوقات لأسباب طائفية أو دينية أو قومية أو عرقية كما نشاهدوه اليوم في الكثير من المؤسسات الحكومية عند المراجعة ودون الإخلال بالعقوبات والاجراءات الأخرى بما فيها عقوبة العزل والطرد من الوظيفة والحرمان من الإمتيازات والحقوق التقاعدية إذا كان المدان من موظفي الدولة وبحسب ما جاء في القانون المذكور والقوانين الاخرى الساندة رغم ان ماكنة التنفيذ عاجزة عن تحريك الكثير من تلك القوانين وسط الفوضى العارمة التي تعم العراق لأسباب عديدة ومعروفة يعلمها القاصي والداني ولكن لنا امل كي تكون صفعة قوية توجّه للوجوه المسفرة والباسرة العابسة التي لا تملك أصحابها قطرة حياء في الدنيا والآخرة.. ويكون تطبيق القانون بالتالي دفعة لكل الشرفاء من ابناء الوطن الذين يقفون مع هذه االقضية باصرار وبحزم لكشف الحقائق وبيان المستور وإسترداد الحقوق الى أهلها رغم انها لا تطفئ غضب نيرانهم ولا تموت امنياتهم ناهيك عنها تمثل حقوق مشروعة لمكون مهم من الشعب العراقي ورد على ما قام به النظام البعثي من جرائم بحقهم .