شفق نيوز/ ربما لم يكن يتوقع كثير من المتسولين والمتسولات في العراق أن تتحول أماكن استحصال لقمة عيشهم الى شوارع خاوية تركها أصحابها ولو لحين جراء حظر التجوال المفروض للحد من تفشي فيروس كورونا.
فقد صدمتهم هذه الإجراءات الصارمة وقطعت أسباب العيش لديهم بعد أن كانوا يمتهنون "حرفة" الوقوف في الشارع والتسول في الطرق وتقاطعات المرور عن طريق أساليب عدة ابتكروها لغرض جمع المال من هذه المهنة المنبوذة لدى الشارع العراقي.
وفي البصرة، التي تعد مركز صناعة النفط في العراق، يعاني الشحاذون فيها من تداعيات الإجراءات ذاتها التي طبقت في غيرها من محافظات العراق، والتي أضرت بأساليب استعطائهم وأثرت على سعيهم في طلب المساعدة من المارة والسيارات، ما أثر بدوره على نمط معيشتهم وأرزاق أسرهم.
متسول قادم من إحدى المحافظات العراقية يرفض ذكر اسمه لمراسل شفق نيوز لكنه يكنى بـ"أبو جنان" يشير الى انه متواجد في البصرة منذ سنوات طويلة واضطر للقدوم لهذه المحافظة لما تمتلكه من واردات ومتطلبات العيش وقد صدم بقطع ارزاقهم نتيجة ملاحقة شبح فيروس كورونا لهم، على حد تعبيره.
وينوه إلى أن هذا الواقع اضطرهم لالتزام الأماكن التي يسكنون فيها وهي إما فنادق أو عشوائيات أو منازل مؤجرة وسط حيرتهم في كيفية توفير لقمة العيش لهم ولعائلاتهم.
ويشير ابو جنان بحديثه لشفق نيوز الى انه كمتسول مع بقية المتسولين الآخرين لا يستطيعون الظهور في الاعلام والحديث عن معاناتهم ومظلوميتهم الناجمة عن الفقر المدقع.
ويقول ان "بعضنا لن يجد وسيلة اخرى غير التسول والبعض الاخر يضطر الى التعايش مع معاناة الجوع مستجيرا ببعض الاماكن التي ربما يتواجد فيها الناس لغرض الاستعطاء او الشحاذة منهم في بلد انتهى به المطاف بشبح فايروس كورونا كبقية دول العالم الاخرى".
يرى أحد البائعين الجوالين في منطقة العشار ويدعى "ابو كرار" الامر من زاوية أخرى.
ويقول لمراسل شفق نيوز، ان "المتسولين حتى وان كانوا من بقية المحافظات العراقية، ولكن ان من يتحمل مسؤولية وصولهم الى هذه المهنة هم مافيات التسول والحكومة ايضا".
ويضيف أنه من خلال تجوله لبيع بضاعته يشاهد كيف يذل كثير من النساء والاطفال والرجال كبار السن أنفسهم من اجل الحصول على مبلغ (250) دينار عراقي في اغنى محافظة عراقية اهلها لم يستفيدوا منها بدورهم؛ بسبب التردي الواضح في الوضع الخدمي والصحي والمعاشي على حد وصفه.
ويروي "ابو كرار" كيف كانت تجري عملية مطاردة المتسولين من قبل بعض الجهات الامنية قبل ظهور حالات فيروس كورونا في محافظة البصرة.
ويضيف مستدركا، "الآن، الامور تطورت فيما يتعلق بتهديد فيروس كورونا للمتسولين في الشوارع والتقاطعات، وبذا لم يستطيعوا العودة لممارسة هذه المهنة برغم انهم يعيشون في فنادق قديمة ومتهالكة في منطقة العشار، وربما اغلبهم يفكر بالسفر الى بقية المحافظات العراقية المستقرة من الجانب الصحي؛ للعودة الى ممارسة مهنة التسول هربا من شبح كورونا، لكنهم لا يستطيعون نتيجة عدم امتلاكم اموال السفر واموال تسديد ما بذمتهم من ديوان للفنادق والمساكن فضلا عن انهم مهددون من قبل مافيات التسول المجهولة من الدولة العراقية ومن قبل حكومة البصرة المحلية".
وسعت شفق نيوز، الى الوصول الى المسؤولين المعنيين في البصرة في ظل تهديد شبح فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد ـ 19 للمتسولين؛ لمعرفة أسلوب عمل تلك الجهات في هذا الجانب.
وفي هذا الاطار يؤكد مدير دائرة العمل والرعاية الاجتماعية في البصرة، محسن المظفر، لشفق نيوز، ان اغلب المتسولين ليسوا من محافظة البصرة وانما وافدين منذ سنوات طويلة من بقية المحافظات العراقية الاخرى الى المدينة وقد يكون سكنهم في بعض الفنادق المتواجدة في شتى مناطق محافظة البصرة.
وينوه الى انه كان الاجدر قيام الجهات الامنية المختصة بالنظر في هذا الموضوع ومعالجته في السنوات الماضية بحسب تعبيره.
وفي ضوء حظر التجوال الذي تشهده شتى مناطق محافظة البصرة الذي اعلنت عنه خلية الازمة في المحافظة، يحاول بعض المتسولين اقتناص فرصة للتسول امام المولات او المحال التجارية، وامام بعض مؤسسات الدولة الحكومية التي لم يطبق عليها حظر التجوال الا بشكل جزئي؛ لعلها توفر رزقاً يسدون به رمق العيش لهم ولعائلاتهم بعد ان طاردهم شبح كورونا.