شفق نيوز/ بعد دحر تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا، باتت القوات المشاركة في التحالف الدولي ضد التنظيم والتي شاركت في دحره، تعيد التفكير في دورها وعدد قواتها في العراق وسوريا.
ألمانيا أيضا تفكر بذلك، حيث كانت هناك خلال الفترة الماضية محادثات بين وزارتي الخارجية والدفاع الألمانية حول دور ومهام الجنود الألمان في المنطقة، وهو ما بحثته وزيرة الدفاع أورزولا فون دير لاين أثناء زياته إلى بغداد واجتماعها مع المسؤولين العراقيين في شباط/ فبراير الماضي.
وحسب ما ما نقله تقرير لموقع الفناة الألمانية الأولى (ARD) عما تم الاتفاق عليه بين وزارتي الدفاع والخارجية فإن مهمة الجيش الألماني في العراق ستشمل مستقبلاً إلى جانب المشاركة في محاربة تنظيم داعش "بناء قدرات" الجيش العراقي وذلك من خلال إرسال جنود متخصيين في تعليم وتدريب المدربين، بالإضافة إلى الجيش ستكون تعزيز قدرات القوات الأمنية العراقية أيضاً من مهام الجيش الألماني.
وخلال زيارتها إلى العراق، أكد المسؤولون في بغداد عن الحاجة إلى مساعدة الجيش الألماني في مجال إعادة تشكيل الجيش العراقي والخدمات الطبية واللوجستية.
وذكرت الوزيرة أن المهمة الحالية من الممكن تغييرها لـ "شكل آخر من المشاركة" وقالت: "جميع شركائي في الحوار يؤكدون باستمرار رغبتهم الحثيثة في مشاركة ألمانيا (في دعم) العراق".
ويعني ذلك تغييراً كبيراً وتوسيعاً في مهام القوات الألمانية في المنطقة، الذي كان يقتصر على المشاركة بطائرات الاستطلاع تورنادو وتزويد طائرات قوات التحالف بالوقود في الجو، بالإضافة إلى تدريب قوات البيشمركة التي شاركت بفعالية في القتال ضد تنظيم "داعش"، وهو ما أشادت وزيرة الدفاع الألمانية أثناء زيارتها إلى أربيل بغداد وقالت: "إننا لن ننسى أبداً تضحيات البيشمركة التي حاربت داعش نيابة عن العالم"، وحسب التفويض الحالي ستنتهي مهمة الجيش الألماني في إقليم كوردستان في نهاية 30 حزيران/ يونيو القادم.
خفض عدد القوات وزيادة المهام
صادق مجلس الوزراء الألماني على مشاركة الجيش الألماني في الحملة العسكرية الدولية ضد تنظيم داعش في سوريا. وتجنبت المستشارة الألمانية وصف هذه المهمة بأنها مهمة حربية، وسيشارك ما يصل إلى 1200 جندي ألماني في هذه المهام المسندة اليه.
لكن ما مدى وحجم التفويض والمشاركة الألمانية في إقليم كوردستان مستقبلاً، فإن ذلك غير واضح في الورقة التي تم إعدادها حول تواجد الجيش الألماني في المنطقة ومن المقرر أن تناقشها الحكومة في جلستها غداً الثلاثاء (06 مارس/ آذار) قبل عرضها على البرلمان. ولكن الورقة تتحدث عن تحقيق "توازن بين الحكومة العراقية المركزية، وإقليم كوردستان العراق" ولكن في موقع آخر يتم الحديث عن "الألوية لإجراءات بناء قدرات" الجيش العراقي.
وحجم القوات الألمانية في سوريا والعراق حسب التفويض لن يتجاوز 800 جندياً، وهو أقل بكثير من الحجم الحالي البالغ 1250 جندياً. ويعود هذا التخفيض بالدرجة الأولى إلى سحب الفرقاطة الألمانية من البحر المتوسط حيث لم تعد هناك حاجة إليها، وخفض عدد طائرات تورنادو الاستطلاعية، حسب تقرير (ARD)، ولكن التفويض الجديد لا يتحدث عن عدد الجنود الذين سيتم إرسالهم مع المدربين والمستشارين إلى العراق لحماية هؤلاء وتأمين الرعاية الصحية لهم.
ونظراً للوضع الأمني وعدم الاستقرار في العراق، فإن التفويض الجديد للجيش الألماني المقرر أن يبدأ مطلع شهر نيسان/ أبريل المقبل، يمتد حتى نهاية تشرين الأول/ اكتوبر من هذا العام. وعلاوة على ذلك فإن الانتخابات التشريعية العراقية ستجرى في 12 أيار/ مايو، وبالتالي فإنه ليس مؤكداً فيما إذا كان سيبقى رئيس الورزاء الحالي حيدر العبادي في السلطة. حيث هناك خشية من أن يستعيد رئيس الورزاء السابق نوري المالكي قيادة الحكومة، ما يمكن أن يؤجج الصراعات الإثنية من جديد، وبالتالي لن تعود هناك إمكانية في التفكير بدور للجيش الألماني في المساهمة باستقرار العراق، حسب ما جاء في التقرير.
وهذا المدة القصيرة نسبياً للتفويض الجديد، تسمح للبرلمان إن يبحث الوضع السياسي والأمني في العراق من جديد ويعدل التفويض بما يتناسب مع ذلك.
الجيش الألماني وسيط بين بغداد وأربيل
وما يساهم في عدم الاستقرار والأمن في العراق، هو التوتر بين الحكومة المركزية في وبغداد وإقليم كوردستان. فبعد تنظيم الاستفتاء على استقلال الإقليم، فرصت بغداد حصاراً اقتصادياً على شمال البلاد، كما وقعت اشتباكات بين القوات العراقية والبيشمركة في محافظة كركوك في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. والتفويض الجديد ينظر إلى البيشمركة كجزء من "القوات العسكرية والأمنية النظامية العراقية"، ورسميا هي كذلك حسب الدستور العراقي.
ولكن لم تدفع الحكومة المركزية ومنذ سنوات أي أموال لقوات البيشمركة في إقليم كوردستان. وخلال زيارتها إلى العراق أشارت فون دير لاين، إلى أن الجيش الألماني يمكن أن يلعب دور "الوساطة" بين بغداد وأربيل وأوضحت أن هناك آمالاً كبيرة معلقة من كلا الجانبين على "أن تؤدي موثوقية ألمانيا تحديداً، التي أثبتتها ألمانيا دائماً والتي لديها قيمة عالية تماماً هنا، إلى بناء جسر بين بغداد وأربيل".
وإذا سارت الأمور كما تريد الحكومة الألمانية، فإن البرلمان سيناقش المهام والتفويض الجديد للجيش الألماني في المنطقة الأسبوع المقبل. وإذا وافق البرلمان واتخذت الحكومة القرار بتطبيق التفويض، فإنه سيبدا في الأول من نيسان/ أبريل.