شفق نيوز/ باتت الاحتجاجات الشعبية الواسعة على مدى الاسابيع الاخيرة الشغل الشاغل للعراقيين الذين نفد صبرهم، فيما يبدو، من تحمل اعباء الفقر وسوء الخدمات والفساد المستشري في دوائر الدولة.
ومنذ اسقاط النظام السابق 2003 تتقاسم الاحزاب السياسية الشيعية والسنية والكوردية المناصب فيما يعرف محليا بالمحاصصة وهو الامر الذي ساهم بشكل رئيسي في اشاعة الفساد وافلات الفاسدين من العقاب.
ورغم ان العراق يتلقى ايرادات سنوية تتجاوز مئة مليار دولار سنويا من بيع النفط الا ان الحكومات المتعاقبة لم تفلح في تامين الخدمات الاساسية من قبيل الكهرباء ومياه الشرب.
والعراق من بين دول العالم الاكثر فسادا استنادا الى مؤشر منظمة الشفافية الدولية منذ سنوات.
وكان القصور الحكومي مثار انتقاد السكان على مدى السنوات الماضية الا ان الاحتجاجات الاخيرة تتميز بالشمولية ومحدودية الاهداف المتمثلة بمحاربة الفساد وتامين الخدمات.
وما زاد من زخم المطالب الشعبية انضمام المرجعية الشيعية الاعلى في العراق علي السيستاني للاصوات المنادية باحتواء الفساد في البلاد.
وهذه المرة وجهت المرجعية دعوتها مباشرة لرئيس الوزراء حيدر العبادي لاتخاذ خطوات اصلاحية اكثر "جرأة وشجاعة" والضرب بيد من حديد لكل من يشارك في الفساد.
وشددت المرجعية على ان مضي العبادي قدما في هذا الاتجاه سيكفل دعم ومساندة الشعب له.
وتضع تصريحات المرجعية والاحتجاجات الشعبية العبادي امام فرصة سانحة للبدء بخطوات حقيقية نحو تفكيك المنظومة الهيكيلية التي تشجع وتحمي الفاسدين في البلاد ورفع الغطاء عنهم لتقديمهم للعدالة او ابعادهم من السلطة على اقل تقدير.
وسارع العبادي للرد على دعوة المرجعية، متعهدا بالالتزام الكامل بتوجيهاتها عبر خطة اصلاح شاملة.
وقال العبادي في بيان مقتضب ورد لشفق نيوز، “اعلن عن التزامي الكامل بالتوجيهات القيمة للمرجعية الدينية العليا التي عبرت عن هموم الشعب العراقي وتطلعاته”.
كما تعهد رئيس الوزراء بالإعلان عن خطة شاملة للإصلاح والعمل على تنفيذها، داعيا القوى السياسية الى التعاون معه في تنفيذ برنامج الاصلاح.
ويرى النائب في البرلمان ووزير النفط السابق ابراهيم بحر العلوم ان "امام رئيس مجلس الوزراء اليوم فرصة ذهبية لضرب الفساد الذي ينخر الجسد العراقي".
واشار الى ان "خطبة الجمعة لهذا اليوم كانت موجهة اليه مباشرة ليتأخذ خطوات جادة وفاعلة في عملية التغيير، ليتجاوز كل الخطوط الحمراء التي وضعها نظام المحاصصه المقيت".
واضاف بحر العلوم انها "الفرصة الثمينة، ان يضرب بيد من حديد على العابثين بالمال العام، وعلى المتسترين على الفشل الذي يواجه الدولة العراقية".
وتابع بالقول "اننا امام منعطف خطير وفرصة مواتية للبدء بخطوات فاعلة لكسر الحاجز امام فتح ملفات الفساد لاقناع الشعب ومحاسبة المقصرين اي كان. فهل ياترى سيستثمر رئيس الحكومة الفرصة؟".
وذكر بحر العلوم انه "اذا كان التحالف الوطني جادا في اتباع توجيهات المرجعية الدينية ودعم حكومة العبادي ببرنامج الاصلاح الذي يتعهد بتطبيقه، والاستجابة لمطالب الجماهير الشعبية، فامام التحالف فرصة تأريخية لوأد مبدأ المحاصصة وانقاذ البلاد".
وقال في تصريحات وردت لشفق نيوز ان "على قوى التحالف اتخاذ قرار تاريخي بتقديم استقالة كافة وزراء التحالف الوطني من الحكومة، ومنح العبادي الحرية في اختيار من يراه مناسبا لتولي الوزارات تجاوزا لمبدأ المحاصصة المقيت، ويتحمل العبادي لوحده مسؤولية ادائهم".
كما حث التحالف "على الالتزام بعدم عرقلة خياراته عند طرحها للثقة في البرلمان، انها فرصة ذهبية لقوى التحالف الوطني لتبرهن بحسن نوايا كتلها وايثارها لتجاوز المأزق الخطر الذي يواجه البلاد ودعم برنامج الاصلاح، اما الاعلان لوحده من قبل الكتل السياسية بدعم برنامج الاصلاح فهذا غير كافي ونافع لوحده".
من جانبه دعا رئيس كتلة الدعوة البرلمانية، خلف عبد الصمد خلف، رئيس الوزراء حيدر العبادي بتحقيق الاصلاح وتطبيق توجيات المرجعية العليا.
وقال عبد الصمد في بيان ورد لشفق نيوز، ان "حكومة المحاصصة والتوافق السياسي فشلتا فشلا ذريعا في تحقيق الاصلاح ،اذ لابد من ايقاف الفساد والتمدد والتمرد على الحكومة المركزية من قبل بعض الكتل السياسية".
واضاف ان "المعطيات تغيرت اليوم ودحرت المحاصصة والتوافقات السياسية ليحل محلها مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب وكذلك بالنسبة للقرارات".
ودعا رئيس كتلة الدعوة، رئيس الوزراء الى "الانقلاب على كل الضوابط المنحرفة التي اجبرت الحكومة على الخضوع لها فيما مضى".
واكد عبد الصمد على ان "المرجعية اعطت الضوء الاخضر لرئيس الوزراء ووضعت الكرة في ملعبه، ليبين المفسدين والمتأمرين من كل الكتل السياسية التي تريد السيطرة على مؤسسة الدولة، لذا يجب كشفهم للشارع العراقي حتى وان تعارضت مع وثيقة الاتفاق السياسي".
واشار الى ان "الجماهير ستقف مع رئيس الوزراء في قراراته الخاصة بابعاد المفسدين من واجهة الحكومة، وان عزيمة الشعب لاتقهر مهما تكاتفت عليه الكتل السياسية".
كما طالبت كتلة المواطن التي يتزعمها عمار الحكيم رئيس الوزراء حيدر العبادي باتخاذ إجراءات “واقعية” لمكافحة الفساد.
وقال عضو ائتلاف المواطن محمد جميل المياحي في بيان “ندعو رئيس مجلس الوزراء بالعمل الجاد والضرب بيد من حديد لمكافحة الفساد الاداري والمالي”، لافتا الى “ضرورة ان يأخذ القضاء دوره في محاسبة وأجتثاث الفاسدين والمفسدين في مؤسسات الدولة”.
واضاف ان “الحكيم دعا العبادي ان يسارع في عملية مكافحة الفساد وان يبدأ من الاعلى الى الادنى وان المجلس الاعلى سيكون داعما وساندا لتلك الجهود، واذ كانت هناك كتل واحزاب تعارض ذلك فنحن سنقف بكل قوة مع اجرائات الحكومة الواقعية والحقيقية بهذا الصدد”.
وبين ان “كل رجالات المجلس الاعلى في المركز او المحافظات هم مع المراقبة والتدقيق وان ثبت اي من رجالاتنا لديه تقصير نحن سنكون خصما له قبل رئيس الوزراء، لذلك التعاطي الايجابي مع ملف مكافحة الفساد وعدم تسيسه بل جعله قانوني، ذلك سيكون استجابة لمطالب المرجعية الدينية والمتظاهرين”.
وتابع المياحي “على رئيس مجلس الوزراء مصارحة الرأي العام عن الكتل والاحزاب التي تعرقل ذلك ان وجدت وعدم الاكتفاء بالعموميات”.