شفق نيوز/ بضع مئات من الأمتار هي المسافة التي كانت تفصل عناصر من تنظيم "داعش" وعائلة فراس فرج مجوجة في محافظة نينوى في العراق. وعلى رغم اشتعال الحرب في العراق ودخول داعش محافظاتها ومناطقها المختلفة، أصرّت هذه العائلة على البقاء في أرضها والحفاظ على ممتلكاتها إلى أن اقتربت داعش من مكان سُكناها. آنذاك، وعلى بعد بضعة أمتار، بدأت ترى نيران القذائف تشتعل وتسمع أصوات أزيز الرصاص من كل حدب وصوب... عن هذه اللحظات المرعبة يروي الأب فراس مجوجة "بعدما وصلتنا تهديدات داعش المباشرة بالقتل والسلب والنهب واغتصاب نسائنا وأطفالنا، هرعنا بلا وعي إلى محافظة أخرى في العراق، إلى أن أُجبرنا على الرحيل إلى لبنان في 14 تشرين الثاني 2015". تركت هذه العائلة المؤلفة من تسعة اشخاص أرزاقها وممتلكاتها ولجأت رغماً عنها، كسائر العائلات المهجّرة، إلى بلد غريب بحثاً عن الأمان والاستقرار. يوضح فراس بغصة "خسّرتني الحرب عملي وكل ما أملك في العراق، لكن خسارتي الكبرى تبقى حسرة في قلبي وأمام عينيّ". يقول "ينتابني شعور بالأسى حين أرى طفلتي رينالدا (10 سنوات) معزولة عن العالم بسبب تلك المشاهد المرعبة التي زرعتها داعش في نفسها، وجعلت منها طفلة لا تقوى على شيء بعدما كانت مرحة تحب اللعب واللهو مع أشقائها ماريو (8 أعوام)، ومارك (7 أعوام)". شكّلت هذه الصدمة حالة اكتئاب عنيفة لدى الطفلة ووضعتها في موقع نفسي صعب. "لا تعبّر إلا بالصراخ، وهي دوماً في حالة غضب وهستيريا"، كما يصفها والدها الذي يعرف انها في حاجة إلى معالج نفسي يساعدها في التخفيف من معاناتها ويعيدها إلى ما كانت عليه قبل هذه الأزمة المأسوية، لكن أنّى له ذلك. تعاني هذه الطفلة الأمرَّين، فهي لا تتواصل مع أحد، تبكي باستمرار، تتذكّر كوابيس داعش كيف كانت تقترب منهم رويداً رويداً. رأت مواطناً يُقتل أمام عينيها برصاصات رمته أرضاً مضرجاً بدمائه. تلك المشاهد المخيفة راسخة في ذاكرة هذه الطفلة البريئة التي تعيش اليوم حالة دائمة من الكآبة، الغضب والعصبية. وما يتمناه والدها هو "أن تعود عن صمتها، تخرج من غرفتها وتلعب مع أشقائها". معاناة صعبة... والأولاد بلا مدرسة! تعيش عائلة مجوجة المؤلفة من تسعة أشخاص في منطقة سد البوشرية، في شبه منزل صغير، وسط ظروف معيشية صعبة. الأولاد الثلاثة بلا مدرسة، يقول، "حياتنا راحت، كنا عايشين بأمان وفرح، أولادي يكبرون هنا وأنا مكبّل وأعجز عن توفير حد أدنى من متطلبات الحياة لعائلتي". كيف تغطي حاجاتهم؟ يجيب: "تساعدنا كنيسة الكلدان بحصة غذائية مرة أو مرتين كل شهر، وسبق لي وعملت في مجالات عدة كي أؤمن لقمة الخبز وما شابه". فراس البالغ 42 عاماً يبحث حالياً عن عمل بعدما شغل "فاليه باركينغ" لفترة محددة، وعاملاً في أحد معامل الكرتون لفترة وجيزة أيضاً. ويناشد وزير التربية اللبناني الياس بو صعب مساعدته في إلحاق أولاده الثلاثة بمدرسة أسوة بأولاد اللاجئين الآخرين. النهار