شفق نيوز/ كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية عن الدور الرئيسي الذي لعبته الداعشية المعروفة باسم "أم سياف"، زوجة ممول التنظيم، في مطاردة زعيمه الإرهابي أبو بكر البغدادي، بالمساعدة في تحديد الملاذات الآمنة التي استخدمها، وتحديد موقعه بالموصل في إحدى المرات.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن الداعشية نسرين أسعد إبراهيم، المعروفة باسم "أم سياف"، ساعدت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وضباطا كوردا في رسم صورة تفصيلية لتحركات البغدادي وأماكن اختبائه والشبكات المرتبطة به، طبقًا لما كشف عنه المحققون.
وأكدت أم سياف المزاعم في أول مقابلة لها منذ القبض عليها خلال مداهمة قوة "دلتا فورس" الأمريكية في سوريا منذ 4 أعوام أسفرت عن مقتل زوجها الذي كان حينها وزير النفط في التنظيم.
وتعد أم سياف (29 عامًا) شخصية مثيرة للجدل إلى حد كبير، وكانت متهمة بالتورط في بعض أبشع الجرائم التي ارتكبها التنظيم الإرهابي، من بينها استرقاق الرهينة الأمريكية "كايلا مولر" وفتيات وسيدات يزيديات اغتصبهن أبرز قادة داعش.
وقضت محكمة في أربيل العراقية بالإعدام لأم سياف، وتحدثت مع "الجارديان" جزئيًا من خلال مترجم في سجن بالمدينة، وكانت بصحبة ضابط استخبارات كوردي لم يقدم على أدنى محاولة للتدخل في اللقاء.
في فبراير/شباط 2016، حددت أم سياف منزلًا في الموصل كان يعتقد أن البغدادي يقيم فيه، غير أنه، طبقًا لمسؤولين أكراد تردد القادة العسكريون الأمريكيون في الدعوة لغارة جوية على المنزل، فقط ليعترفوا لاحقًا بأن أكثر رجل مطلوب في العالم كان على الأرجح موجودًا بالداخل، تلك الليلة نجا البغدادي بحياته من نشاط محموم في سماء العراق وخوف من وقوع إصابات بين المدنيين في الحي المكتظ بالسكان.
وقالت أم سياف: "أخبرتهم بمكان المنزل. علمت أنه كان موجودًا هناك لأنه كان واحدًا من المنازل المقدمة له، وأحد الأماكن المفضلة لديه".
زواج أم سياف وأصلها، حيث كانت عائلتها جزءًا لا يتجزأ من قيادة داعش، منحها مكانًا أكثر قربًا من البغدادي عن باقي النساء في التنظيم؛ فبصفتها واحدة من أهم الزوجات، كان لديها إمكانية الوصول إلى اللقاءات والمناقشات الخاصة، كما حضرت مرات عدة عندما سجل البغدادي رسائله الدعائية في منزلها هي وزوجها.
وأوضحت "اعتاد فعل ذلك في غرفة معيشتنا في التاجي. كان زوجي حينها المسؤول الإعلامي، وكان البغدادي كثيرًا ما يزورنا".
كانت مداهمة مايو/أيار 2015، التي أسفرت عن مقتل زوجها فتحي بن عون بن الجليدي مراد التونسي، المعروف باسم "أبو سياف"، والقبض عليها، نقطة تحول في حرب الخمسة أعوام ضد التنظيم الإرهابي التي تكللت بهزيمته منذ شهرين في الباغوز السورية على بعد نحو 60 ميلًا من المنطقة التي ضبطت فيها في حقل العمر النفطي.
في البداية رفضت "أم سياف" التعاون من ألقوا القبض عليها، لكن بحلول عام 2016، بدأت الكشف عن بعض الأسرار الحساسة للتنظيم، من بينها كيفية تنقل البغدادي وإدارته.
ولساعات عدة أمعنت "أم سياف" النظر في خرائط وصور موضوعة على طاولة أمامها، إلى جانب رجال أمريكيين، قالت إنهم "كانوا مهذبين للغاية ويرتدون ملابس مدنية. أطلعتهم على كل ما أعرفه."
وسرعان ما أصبحت جزءًا لا يتجزأ من جهود جمع المعلومات الاستخباراتية إلى جانب الضباط الأمريكيين والأكراد الذين أوصلتهم إلى أحد أماكن الاختباء في غرب المدينة الذي جهزته عمتها للبغدادي.
وقالت "اسمها سعدية إبراهيم، اثنان من أبنائها ماتا أثناء القتال مع داعش. وكانت مع البغدادي منذ البداية. تدير شبكة الملاذات الآمنة له. إنها شقيقة والدي".
متحدثة عن البغدادي، قالت: "كان يزورنا كثيرًا في سوريا. قبل الانتقال إلى حقل العمر، عشنا داخل منزل في مدينة الشدادي".
وتتهم الولايات المتحدة "أم سياف" باحتجاز العاملة الأمريكية مولر رهينة إلى جانب فتيات وسيدات يزيديات، وكونها جزءا من الانتهاكات الجنسية التي قام بها البغدادي في حق مولر، لكنها تنفي تلك المزاعم، وقالت "أيًا ما فعله لم يتضمنني".
وأضافت: "أحيانًا كان يأتي لبضع ساعات، وأحيانًا كان يقضي فترة أطول. كان منزلًا عاديًا، وكنت أقدم له ولزوجي الشاي. كنا نذهب معه أيضًا إلى الرقة، أتذكر الذهاب إلى هناك مرتين. أخبرت الأمريكيين بمكان المنزل. كانوا يعصبون أعيننا كل مرة ندخل الشارع، لكنني ذهبت هناك من قبل، وأعلم كيف يبدو".
وأوضح ضابط استخبارات كوردي بارز أن "أم سياف" أمدتهم بصورة واضحة عن هيكل أسرة البغدادي والناس الأكثر أهمية بالنسبة له.
وأردف "علمنا عن زوجات الأشخاص الموجودين حوله تحديدًا، وكان هذا مفيدًا للغاية بالنسبة لنا. حددت هوية كثيرين والمسؤوليات المنوطين بها".
وقال مسؤول استخبارات ثانٍ إنه في حالة الموصل، إن مصادر من إحدى المناطق في غرب الموصل التي حددتها "أم سياف" بدأت تلاحظ نمطا غير معتاد للتحركات، موضحًا "اعتادوا وضع حراس بالشارع، كانوا أفراد أمن داخلي، يخرجون فقط في حالة وجود شخص مهم هناك. سرعان ما هجمنا على المنزل وكنا واثقين جدًا من وجود البغدادي هنا. أخبرنا الأمريكيين وطلبنا منهم التصرف، لكنهم قالوا إن لديهم أمور أخرى. انتقل البغدادي بسرعة من المنزل وفقدناه. لاحقًا، عاد الأمريكيون وقالوا إننا كنا على صواب".
وفيما يتعلق بمكان وجود البغدادي الآن، رجحت "أم سياف" عودته إلى الأراضي العراقية التي دائمًا ما كان يشعر فيها بالأمان.
وزادت "لم يشعر بالارتياح أبدًا في سوريا، أراد دوما التواجد في العراق. كان يأتي فقط لفعل شيء ثم المغادرة. آخر شيء سمعته عنه، أنه أراد الذهاب إلى القائم والبوكمال، لكن هذا كان من فترة".
أسرة أم سياف تزورها مرة في الشهر، لكن على الرغم من تعاونها مع السلطات، على الأرجح لن تنال تغييرًا في العقوبة، حيث أوضح ضابط الاستخبارات الثاني "لن ندعها تذهب. تنحدر من بيئة متطرفة للغاية، وإن عادت إليهم ستصبح مثلهم".