2019-07-12 20:12:52

مقدمة.. من هو مسرور بارزاني؟
ابن الاعوام الخمسين هو النجل الأكبر لمسعود بارزاني الزعيم الكوردي، يجيد بطلاقة اللغات الكوردية والفارسية والإنكليزية، ويفهم اللغة العربية. متزوج وله ثلاثة أبناء وابنة واحدة، يُحسب على الجناح الداعي للانفتاح على الغرب، كما ينسب له فتح باب التطوع للنساء في القوات الأمنية وباقي الوظائف داخل الإقليم عام 2004.
انضم مع والده كمقاتل في البيشمركة وشارك بمعارك ضد الجيش العراقي عام 1988، وانتقل إلى إيران خلال ملاحقة القوات العراقية له، وهناك أكمل دراسته، وفي عام 1991 عاد إلى أربيل بعد خروجها عن سيطرة بغداد عقب حرب الخليج، ثم سرعان ما سافر إلى لندن وأكمل دراسته في معهد تعليم اللغة الإنكليزية ثم حصل على البكالوريوس والماجستير في الدراسات الدولية من جامعة واشنطن الأميركية.
عاد عام 1998 إلى الإقليم مرة أخرى وتولى مناصب قيادية مهمة في الحزب، وانتخب من قبل المؤتمر السنوي للحزب الديمقراطي الكوردستاني كعضو في اللجنة المركزية. وفي وقت لاحق من ذلك العام نفسه، أصبح عضوا في المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني. في عام 2012، تم تعيينه رئيساً لمجلس أمن إقليم كوردستان للإشراف على الأمن والمخابرات العسكرية والامنية.
برز كعنصر فاعل في المعارك ضد تنظيم "داعش"، بسبب ترؤسه الوحدات الخاصة بقوات البيشمركة والمخابرات التابعة لإقليم كوردستان، ونجح في تأدية دور قيادي مع التحالف الدولي خلال معارك البيشمركة وتنظيم "داعش".
سرعان ما شارك مسرور بارزاني عبر مجلس الامن الذي يشرف عليه بعمليات مع القوات الأميركية كتحرير الرهائن في كركوك والإنزال الجوي لاعتقال "أبو سياف" القيادي الابرز في داعش عام 2015 ومن ثم إرسال قوات البيشمركة إلى كوباني في سوريا عام 2015 بطلب أميركي، لقتال "داعش".

استقلال كوردستان
يُعد مسرور بارزاني من أبرز الدعاة لاستقلال كوردستان عن العراق خلال السنوات التي أعقبت التغيير في العراق عام 2003، ونشر في عام 2016 مقالاً في الواشنطن بوست يدعو فيها إلى فصل ودي بين العراق واقليم كوردستان.
وقاد مسرور قبيل تنفيذ مشروع الاستفتاء الشعبي للاستقلال عن العراق حملة شعبية واسعة داخل الإقليم بالتزامن مع حملة في أوروبا ودول غربية مختلفة استعان خلالها بعدد من السياسيين والباحثين الغربيين.
ولكنه يتطلع الان الى تعزيز العلاقة مع بغداد.

                                                                                             ..
مدخل القصة
لم تمضِ ساعات من أداء رئيس حكومة كوردستان مسرور بارزاني اليمين أمام برلمان الإقليم، وتشديده على أن أولويته تتمثل في تعزيز واصلاح العلاقات مع بغداد، بدأت اطراف في العاصمة العراقية المحاولة على ما يبدو لعرقلة تلك الخطوة بنسق تصاعدي ووضع العصا بالعجلة الكوردستانية الجديدة، ما بدا أنها حملة تصعيد ضد الكورد بشكل عام وحكومة مسرور بارزاني بشكل خاص.

كلاكيت اول
خاطب النائبان انعام الخزاعي وجواد الموسوي، وهما محسوبات على التيار الشيعي في البرلمان العراقي، المحكمة الاتحادية حول "مخالفة المادة العاشرة من قانون الموازنة الاتحادية" الخاصة بتعهد كوردستان النفطي. وأكد الموسوي انه سيقوم برفع دعوى قضائية ضد وزير المالية فؤاد حسين لمخالفته هذه المادة.
وفؤاد حسين كوردي مستقل ترشح لحكومة عبدالمهدي عبر الحزب الديمقراطي الكوردستاني، الذي ينتمي له مسرور بارزاني رئيس الحكومة.

كلاكيت ثانٍ
في تصعيد اخر، بدأت فصائل شيعية ومنها "كتائب حزب الله العراق" المقربة من ايران بالضغط ومطالبة رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي بدمج قوات البيشمركة الكوردية بالجيش العراقي، قبل دمج فصائل الحشد الشعبي بالجيش، في تعليق على الأمر الديواني الذي أصدره عبدالمهدي بإعادة هيكلة "الحشد".

كلاكيت ثالث
من جهته اتهم الأمين العام لحركة "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، إقليم كوردستان بـ"عدم الجدية" في التعامل وفق الدستور والقانون مع بغداد.
وقال الخزعلي، في تغريدة على تويتر، إن "تقوية العلاقة مع الإقليم لا يعني أن يكون ذلك على حساب تطبيق القانون واحترام سيادة الدولة".
وأضاف أن "استمرار الإقليم ببيع 600 ألف برميل يومياً، بدون تسليم وارداتها، هو دليل عدم جدية الإقليم في التعامل وفق الدستور والقانون. على الأطراف المعنية أن تعلم أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر".


كلاكيت رابع
إلا ان القيادي في كتلة صادقون النيابية، التابعة لحركة عصائب اهل الحق، النائب عدي عواد قال لشفق نيوز، "نحن لسنا مع تصعيد المواقف مع إقليم كوردستان، لكننا في الشهر السابع ولم يصل اي برميل نفط من الاقليم الى بغداد وهذا مخالف لقانون موازنة 2019".
واضاف، "اليوم يخرج من الاقليم نفط يقدر بأكثر من 600 الف برميل، هناك ضغوطات تفرض على إقليم كوردستان لمنعه من تنفيذ تسليم النفط كون هناك جهات خارجية مستفيدة من هذا النفط، وهناك إصرار من الكتل السياسيّة الشيعية كافة وغيرها على الزام الاقليم بالالتزام بقانون الموازنة". وفق قوله.

أصل الخلاف
في أول حديث لبارزاني اكد ان المفاوضات الخاصة بالنفط والغاز- وهي اكثر الملفات جدلا مع بغداد- جارية بالفعل، و"هناك فرصة كبيرة لنتوصل إلى وضع مريح للطرفين... بالعمل معا والتعاون فيما بيننا يمكننا زيادة إنتاج النفط".
ووافقت حكومة إقليم كوردستان في ميزانيتي عامي 2018 و2019 على إرسال 250 ألف برميل يوميا للسلطة الاتحادية، مقابل أن تدفع بغداد رواتب العاملين في الحكومة بكوردستان، لكن المسؤولين العراقيين، ومنهم رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، يشكون من أن الإقليم لم يرسل برميلا واحدا من النفط لبغداد.
وتقول حكومة الاقليم انها مديونة بمليارات الدولارات للشركات النفطية الاجنبية العاملة في الاقليم، وان حكومة بغداد تمتنع عن صرف تلك المخصصات، وتذهب اموال النفط الكوردي المصدر الى خزينة الشركات الاجنبية.
وخلاف النفط بين بغداد وكوردستان ليس وليد اللحظة، بل شهدت حكومة نيجيرفان بارزاني توترات متكررة مع الحكومات المتعاقبة ببغداد ووصل الامر الى قطع رواتب موظفي الاقليم وتقليل الميزانية العامة.
إلا ان السياسة المرنة لنيجيرفان بارزاني مكّنته من حل الخلاف ولو بشكل مؤقت، خاصة عقب استفتاء استقلال كوردستان وما تلاه من اجراءات فرضتها العاصمة العراقية وما يحيطها من دول المنطقة.

ايران
وبالرغم من النفس الدبلوماسي الايراني رحب برئاسة مسرور بارزاني الحكومة الجديدة واعلن عن دعمها والتعان معها، إلا ان طهران وبحسب تسريبات بدأت بضغوط على أربيل تخص المجموعات الكوردية المسلحة المناهضة لإيران بالتوازي مع مفاوضات تقوم بها طهران مع أحزاب كوردية معارضة في النرويج.
وقتلت شابة وجرح شخصان في قصف إيراني على مناطق في اقليم كوردستان تضم مقرات أحزاب كوردية إيرانية معارضة، ردا على هجوم وقع الثلاثاء الماضي، في منطقة بيرانشهر بكوردستان الإيرانية، أدى إلى مقتل 3 من الحرس الثوري، وتبنته مجموعة غير معروفة تطلق على نفسها اسم "مدافعو شرق كوردستان".
وبسبب الهجومين، اضطرت حكومة كوردستان الجديدة ان يكون بيانها الاول يخص الحادث. حيث ادانت القصف والاشتباك المسلح الذي وقع على حدود الاقليم من جهة ايران.
وذكرت أن اقليم كوردستان اثبت أنه عامل استقرار ويحترم حسن الجوار، وبذلك نرفض وبشكل مطلق استخدام اراضينا منطلقاً لهجمات تزعزع امن واستقرار الدول المجاورة".
ودعت حكومة اقليم كوردستان القوات الايرانية الى وقف قصفها على اراضي كوردستان والذي يتسبب بحالة من الهلع والخوف ونزوح لسكان المنطقة من مناطقهم.

امريكا
تقول الولايات المتحدة انها تعمل على الوصول لحل المشاكل بين بغداد والاقليم عبر الحوار والدستور، وهو امر لا يختلف عليها طرفا الحكم بالشطرين.
وتقول المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية مورغان أورتاغوس ان حكومة بلادها تعمل "على مسائل مهمة متمثلة بالامن الاقليمي والاصلاح الاقتصادي وتحسين العلاقات بين حكومة اقليم كوردستان والحكومة العراقية".
ووصفت عملية تشكيل حكومة مسرور بارزاني بـالـ"ناجحة". "بلا شك رئيس الوزراء مسرور بارزاني، وحكومة الاقليم حليفان مقربان لنا".
وبشكل مباشر من اعلان حكومة بارزاني، قالت القنصلية الامريكية في اربيل، ان الولايات المتحدة "تتطلع إلى العمل مع الحكومة الجديدة لتعزيز مصالحنا المشتركة".

ماذا يريد الكورد؟
قال مسؤول رفيع بمكتب مسرور بارزاني لشفق نيوز، "هدفنا الابرز العمل بشكل فعلي لحل المشاكل مع بغداد بعيداً عن الدخول بسجالات اعلامية".
واضاف، "نعمل على الاستفادة من التجارب الماضية لانجاح المشروع الحالي، وننتظر من الطرف الاخر ببغداد التماس مدى التزامه وجديته لحل الاشكالات كافة".
إلا ان النائب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكوردستاني شيروان دوبرداني ابدى في حديثه لشفق نيوز، استغرابه "من الهجمات على حكومة إقليم كوردستان بهذا التوقيت، مع إثارة الخلافات السابقة، رغم زيارة رئيس الاقليم نيجيرفان بارزاني الى بغداد بعد أن نال الثقة من برلمان الاقليم، حيث كانت تهدف حل الخلافات العالقة كافة ".
واضاف، "حتى مسرور بارزاني بعد نيله الثقة لحكومة الجديدة، اكد على تحسين العلاقات وحل الخلافات والقضايا العالقة بين بغداد واربيل. في حين نرى في الجهة المقابلة التصريحات يطلقها البعض من اجل المزايدات السياسية، وهي اطراف لا تريد أن تكون العلاقات جيدة بين بغداد واربيل".
وتابع، "ربما هناك اجندات وتوجيهات خارجية خلف اطلاق هذه التصريحات بهذا التوقيت، خصوصا مع وجود صراعات اقليمية ودولية. الأيام القليلة المقبلة ستكون هنآك حوارات قوية جدا وتشكيل لجان من اجل مناطق المادة 140، وحل أمور كثيرة عالقة بين بغداد واربيل منذ سنوات".
من جهته قال عضو برلمان كوردستان السابق علي حسين فيلي لشفق نيوز، "لابد الاشارة الى ان الاحزاب الرئيسة الثلاثة في اقليم كوردستان وعند اعداد اتفاق تشكيل الحكومة اجمعت على نقطة مفصلية، وهي حل المشاكل وتذليل العراقيل مع بغداد".
واضاف، "مسرور بارزاني وعند الاطلاع على برنامجه الحكومي يعمل تحت تلك الخيمة وسيسعى مع اعضاء تشكيلته الجديدة للتقرب وحل المشاكل العالقة مع بغداد وانضاج شراكة حقيقية لتأمين حقوق شعب كوردستان بشكل خاص والشعب العراقي وبقية مكوناته بشكل عام".
إلا ان فيلي قال، "ليس مستغربا ان تقوم جهات بمحاولة عرقلة تلك الجهود، وهو الامر نفسه تكرر عدة مرات مع حكومة نيجيرفان بارزاني، فهناك اطراف لها مصلحة بأفشال جهود التقريب وعدم حل الاشكالات، كما هناك اطراف لها مصلحة بتقليل الفجوة القائمة بين بغداد واقليم كوردستان".
واضاف، "بالنسبة لموقف اقليم كوردستان ترجمه وقتها بوضوح الرئيس بارزاني- زعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني-، إذ اشر عمق المشاكل مع بغداد وصعوبة حلها بخاصة انها ليست ببعد واحد، بل لديها ابعاد سياسية وقومية وتاريخية وانسانية واقتصادية ودستورية".
وقال فيلي، "ليس امام بغداد وكوردستان سوى التفاوض والاتفاق لحل المشاكل العالقة، وهناك مؤشرات ايجابية بهذا الصدد خاصة مع قيام رئيس اقليم كوردستان الجديد باول زياراته الى بغداد، وكما الامر المعلن لرئيس الحكومة الجديد الذي افصح ان اولويته ستكون تطبيع العلاقة وحل المشاكل مع العاصمة العراقية، التي ستتعكز بشكل كبير على رغبة شخص رئيس الحكومة العراقية عادل عبدالمهدي الذي يعمل على تهدئة الاجواء لا تأزيمها".
ويقول ايضاً، "الطرفان يريان انهمها على جانب الصواب، فبهذه الحالة اين تكمن المشكلة؟ الاقليم يقول لديه الحق على بغداد لإعادة تدوير عائدات النفط لصرف مسحقات الشركات الاجنبية، وبالمقابل بغداد تتحدث عن احقيتها بذلك، لذا نرى ان ايجاد آلية لتسوية هذه المشكلة ستقدم مدخلا لحل بقية المشاكل".

ما خطة حكومة مسرور بارزاني؟
قدم مسرور بارزاني برنامج عمل متكون من جملة نقاط واهداف قال انه سيعمل مع كابينته على تحقيقها.
وتضمن البرنامج في جزء واسع منه تنظيم العلاقة مع بغداد لحل الخلاف القائم. بوسم "شراكة بناءة ومستقرة مع بغداد"
وجاء فيه:
تمثل هذه الحكومة حقبة جديدة لإقليم كوردستان، وهذا يعني تجديد علاقتنا مع شركائنا في الجمهورية العراقية الاتحادية، تتمثل أولوية الإدارة في تطوير شراكة بناءة ومستقرة مع بغداد مبنية على أساس الاحترام المتبادل والتعاون الهادف. ويشمل ذلك فهما واضحا لحقوق وواجبات الطرفين.
إننا نشترك بمجموعة من المصالح المتبادلة مع بغداد التي تغطي التجارة وأمن حدودنا والازدهار الاقتصادي لمواطنينا. لا يمكن تحقيق هذه المصالح إلا من خلال الشراكة وليس التنافس المستمر. هناك مسائل طويلة الأجل تحتاج إلى معالجة وهذه الحكومة ملتزمة بإيجاد سبل جديدة للحوار. يجب أن يكون الهدف هو ترك النزاعات الماضية لصالح تطوير مناهج جديدة للتحديات المشتركة.
سيكون الدستور هو الأساس الجوهري للمفاوضات مع بغداد، والتي سيقودها فريق مفاوض رفيع المستوى من حكومة إقليم كوردستان. سوف تركز المشاركة على القضايا التالية:
مخصصات الموازنة السنوية لكوردستان
نقوم بتسوية تقاسم معادلة الواردات التي تحدد الميزانية السنوية، وتأمين اتفاق عادل ودائم لكوردستان.
توزيع موارد النفط والغاز
سنسعى الى التنفيذ الكامل للمادتين 111 و112 من الدستور، مما يعزز حقوق كوردستان فيما يتعلق بالتوزيع العادل للنفط والغاز وتطويرهما. إذا تم دعم ذلك، فان البرنامج الحكومي سوف يزيد من الشفافية والاستثمار في قطاع النفط والغاز بما يعمل على زيادة صادرات النفط في العراق و كوردستان.
التعاون العسكري والأمني
سنعمل على تعزيز قدرتنا على مكافحة التهديدات المشتركة ومعالجة المتغيرات الأمنية في المناطق المتنازع عليها وضمان إدراج البيشمركة في المنظومة الدفاعية للعراق.
المناطق المتنازع عليها
أولويتنا هي حل قضية المناطق المتنازع عليها بما يتماشى مع خريطة الطريق المنصوص عليها في المادة 140 من الدستور، وإلا أن يتم تنفيذ هذه الخريطة، يجب أن تكون الاولوية للتنسيق الامني والإداري المشتركة مع الحكومة الاتحادية في المناطق المتنازع عليها.
التعاون السياسي
سنعمل على تعزيز تعاوننا السياسي مع الحكومة في بغداد، مع التأكيد على مبادئ الشراكة والتوافق والتوازن التي يقوم عليها الدستور.
تعويض الشهداء
تماشيا مع المادة 132 من الدستور، سوف نعزز حقنا الدستوري في تعويض الشهداء وضحايا الأنفال والمتأثرين بنظام البعث السابق.
واعلن بارزاني ايضا انه سيقوم بزيارة قريبة الى بغداد للقاء رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي، والقوى السياسية لبحث حل الخلافات.

شفق نيوز